قوله ( باب من صور صورة إلخ ) كذا ترجم بلفظ الحديث ، ووقع عند النسفي " باب " بغير ترجمة ، وثبتت الترجمة عند الأكثر ، وسقط الباب والترجمة من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، وعلى ذلك جرى ابن بطال ، ونقل عن المهلب توجيه إدخال حديث الباب في الباب الذي قبله فقال : اللعن في اللغة الإبعاد من رحمة الله - تعالى - ، ومن كلف أن ينفخ الروح وليس بنافخ فقد أبعد من الرحمة .
قوله : ( حدثنا عياش ) هو بالتحتانية وبالشين المعجمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16299وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى ، nindex.php?page=showalam&ids=12514وسعيد هو ابن أبي عروبة ، والسند كله بصريون .
قوله : ( سمعت النضر بن أنس بن مالك يحدث قتادة ) كان nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة كثير الملازمة لقتادة فاتفق أن قتادة والنضر بن أنس اجتمعا ، فحدث النضر قتادة فسمعه سعيد وهو معه ، ووقع في رواية المستملي وغيره " يحدثه قتادة " والضمير للحديث ، وقتادة بالنصب على المفعولية والفاعل النضر ، وضبطه بعضهم بالرفع على أن الضمير للنضر وفاعل يحدث قتادة ، وهو خطأ لأنه لا يلائم قوله : " سمعت النضر " ولأن قتادة لم يسمع من ابن عباس ولا حضر عنده ، وقد تقدم تصريح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بأن سعيدا سمع من النضر هذا الحديث الواحد ، ووقع في رواية خالد بن الحارث عن سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، وقوله : " عن قتادة " من المزيد في متصل الأسانيد فإن كان خالد حفظه احتمل أن يكون سعيد كان سمعه من قتادة عن النضر ثم لقي النضر [ ص: 408 ] فسمعه منه فكان يحدثه به على الوجهين ، وقد حدث به قتادة عن النضر من غير طريق سعيد أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي عن قتادة .
قوله : ( وهم يسألونه ولا يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي يجيبهم عما يسألونه بالفتوى من غير أن يذكر الدليل من السنة ، وقد وقع بيان ذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية ابن أبي عدي عن سعيد ولفظه " فجعلوا يستفتونه ويفتيهم ولم يذكر فيما يفتيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - "
قوله : ( حتى سئل فقال : سمعت ) كذا أبهم المسألة ، وبينها ابن أبي عدي عن سعد ففي روايته " حتى أتاه رجل من أهل العراق أراه نجارا فقال : إني أصور هذه التصاوير فما تأمرني ؟ فقال : إذا سمعت " وتقدم في البيوع من رواية سعيد بن أبي الحسن قال : " كنت عند ابن عباس إذ أتاه رجل فقال : يا أبا عباس ، إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي " .
قوله : ( كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ ) في رواية سعيد بن أبي الحسن nindex.php?page=hadith&LINKID=842803فإن الله يعذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا واستعمال حتى هنا نظير استعمالها في قوله - تعالى - : حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذا قولهم : لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب ، قال الكرماني : ظاهره أنه من تكليف ما لا يطاق ، وليس كذلك وإنما القصد طول تعذيبه وإظهار عجزه عما كان تعاطاه ومبالغة في توبيخه وبيان قبح فعله . وقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=842804ليس بنافخ أي لا يمكنه ذلك فيكون معذبا دائما ، وقد تقدم في " باب عذاب المصورين " من حديث ابن عمر أنه يقال للمصورين أحيوا ما خلقتم وأنه أمر تعجيز ، وقد استشكل هذا الوعيد في حق المسلم ، فإن وعيد القاتل عمدا ينقطع عند أهل السنة مع ورود تخليده بحمل التخليد على مدة مديدة ، وهذا الوعيد أشد منه لأنه مغيا بما لا يمكن وهو نفخ الروح ، فلا يصح أن يحمل على أن المراد أنه يعذب زمانا طويلا ثم يتخلص . والجواب أنه يتعين تأويل الحديث على أن المراد به الزجر الشديد بالوعيد بعقاب الكافر ليكون أبلغ في الارتداع وظاهره غير مراد ، وهذا في حق العاصي بذلك ، وأما من فعله مستحلا فلا إشكال فيه . واستدل به على أن أفعال العباد مخلوقة لله - تعالى - للحوق الوعيد بمن تشبه بالخالق ، فدل على أن غير الله ليس بخالق حقيقة . وقد أجاب بعضهم بأن الوعيد وقع على خلق الجواهر ، ورد بأن الوعيد لاحق باعتبار الشكل والهيئة ، وليس ذلك بجوهر ، وأما استثناء غير ذي الروح فورد مورد الرخصة كما قررته . وفي قوله : " كلف يوم القيامة " رد على من زعم أن الآخرة ليست بدار تكليف . وأجيب بأن المراد بالنفي أنها ليست بدار تكليف بعمل يترتب عليه ثواب أو عقاب ، وأما مثل هذا التكليف فليس بممتنع لأنه نفسه عذاب ، وهو نظير الحديث الآخر nindex.php?page=hadith&LINKID=842434من قتل نفسه بحديدة فحديدة في يده يجأ بها نفسه يوم القيامة وسيأتي في موضعه . وأيضا فالتكليف بالعمل في الدنيا حسن على مصطلح أهل علم الكلام ، بخلاف هذا التكليف الذي هو عذاب . واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق ، والجواب ما تقدم . وأيضا فنفخ الروح في الجماد قد ورد معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهو يمكن وإن كان في وقوعه خرق عادة ، والحق أنه خطاب تعجيز لا تكليف كما تقدم ، والله أعلم . وقد تقدم في " باب بيع التصاوير " في [ ص: 409 ] أواخر البيوع زيادة سعيد بن أبي الحسن في روايته أن ابن عباس قال للرجل : " ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر " الحديث ، مع ضبط لفظه وإعرابه . واستدل به على جواز تصوير ما لا روح له من شجر أو شمس أو قمر . ونقل الشيخ أبو محمد الجويني وجها بالمنع لأن من الكفار من عبدها . قلت : ولا يلزم من تعذيب من يصور ما فيه روح بما ذكر تجويز تصوير ما لا روح فيه فإن عموم قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=842805الذين يضاهون بخلق الله وقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=842806ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي يتناول ما فيه روح وما لا روح فيه ، فإن خص ما فيه روح بالمعنى من جهة أنه مما لم تجر عادة الآدميين بصنعته وجرت عادتهم بغرس الأشجار مثلا امتنع ذلك في مثل تصوير الشمس والقمر ، ويتأكد المنع بما عبد من دون الله فإنه يضاهي صورة الأصنام التي هي الأصل في منع التصوير ، وقد قيد مجاهد صاحب ابن عباس جواز تصوير الشجر بما لا يثمر وأما ما يثمر فألحقه بما له روح ، قال عياض : لم يقله أحد غير مجاهد ، ورده nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بأن الصورة لما أبيحت بعد قطع رأسها التي لو قطعت من ذي الروح لما عاش دل ذلك على إباحة ما لا روح له أصلا . قلت : وقضيته أن تجويز تصوير ما له روح بجميع أعضائه إلا الرأس فيه نظر لا يخفى ، وأظن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا سمع حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الماضي ففيه nindex.php?page=hadith&LINKID=842807فليخلقوا ذرة ، وليخلقوا شعيرة فإن في ذكر الذرة إشارة إلى ما له روح وفي ذكر الشعيرة إشارة إلى ما ينبت مما يؤكل ، وأما ما لا روح فيه ولا يثمر فلا تقع الإشارة إليه . ويقابل هذا التشديد ما حكاه أبو محمد الجويني أن نسج الصورة في الثوب لا يمتنع ; لأنه قد يلبس ، وطرده المتولي في التصوير على الأرض ونحوها ، وصحح النووي تحريم جميع ذلك . قال النووي : ويستثنى من جواز تصوير ما له ظل ومن اتخاذه لعب البنات لما ورد من الرخصة في ذلك . قلت : وسأذكر ذلك في كتاب الأدب واضحا إن شاء الله - تعالى - .