5717 حدثنا بشر بن محمد أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=655604عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا
قوله : ( باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ) كذا للأكثر ، وعند الكشميهني وحده " من " بدل " عن " . وقوله - تعالى - ومن شر حاسد إذا حسد أشار بذكر هذه الآية إلى أن النهي عن التحاسد ليس مقصورا على وقوعه بين اثنين فصاعدا ، بل الحسد مذموم ومنهي عنه ولو وقع من جانب واحد ; لأنه إذا ذم مع وقوعه مع المكافأة فهو مذموم مع الإفراد بطريق الأولى .
قوله : ( بشر بن محمد ) هو المروزي ، وعبد الله هو ابن المبارك .
قوله : ( إياكم والظن ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره ليس المراد ترك العمل بالظن الذي تناط به الأحكام غالبا ، بل المراد ترك تحقيق الظن الذي يضر بالمظنون به ، وكذا ما يقع في القلب بغير دليل ، وذلك أن أوائل الظنون إنما هي خواطر لا يمكن دفعها ، وما لا يقدر عليه لا يكلف به ، ويؤيده حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=843098تجاوز الله للأمة عما حدثت به أنفسها وقد تقدم شرحه . وقال القرطبي : المراد بالظن هنا التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم رجلا بالفاحشة من غير أن يظهر عليه ما يقتضيها ، ولذلك عطف عليه قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=843099ولا تجسسوا وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد أن يتحقق فيتجسس ويبحث ويستمع ، فنهى عن ذلك ، وهذا الحديث يوافق قوله - تعالى - : اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا فدل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن ، فإن قال الظان أبحث لأتحقق ، قيل له ولا تجسسوا فإن قال تحققت من غير تجسس قيل له ولا يغتب بعضكم بعضا وقال عياض : استدل [ ص: 497 ] بالحديث قوم على منع العمل في الأحكام بالاجتهاد والرأي ، وحمله المحققون على ظن مجرد عن الدليل ليس مبنيا على أصل ولا تحقيق نظر . وقال النووي : ليس المراد في الحديث بالظن ما يتعلق بالاجتهاد الذي يتعلق بالأحكام أصلا ، بل الاستدلال به لذلك ضعيف أو باطل . وتعقب بأن ضعفه ظاهر وأما بطلانه فلا ، فإن اللفظ صالح لذلك ، ولا سيما إن حمل على ما ذكره القاضي عياض وقد قربه في " المفهم " وقال : الظن الشرعي الذي هو تغليب أحد الجانبين أو هو بمعنى اليقين ليس مرادا من الحديث ولا من الآية . فلا يلتفت لمن استدل بذلك على إنكار الظن الشرعي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : احتج به بعض الشافعية على من قال بسد الذريعة في البيع فأبطل بيع العينة ، ووجه الاستدلال النهي عنالظن بالمسلم شرا ، فإذا باع شيئا حمل على ظاهره الذي وقع العقد به ولم يبطل بمجرد توهم أنه سلك به مسلك الحيلة ، ولا يخفى ما فيه . وأما وصف الظن بكونه أكذب الحديث ، مع أن تعمد الكذب الذي لا يستند إلى ظن أصلا أشد من الأمر الذي يستند إلى الظن ، فللإشارة إلى أن الظن المنهي عنه هو الذي لا يستند إلى شيء يجوز الاعتماد عليه فيعتمد عليه ويجعل أصلا ويجزم به ، فيكون الجازم به كاذبا ; وإنما صار أشد من الكاذب ; لأن الكذب في أصله مستقبح مستغنى عن ذمه ، بخلاف هذا فإن صاحبه بزعمه مستند إلى شيء فوصف بكونه أشد الكذب مبالغة في ذمه والتنفير منه ، وإشارة إلى أن الاغترار به أكثر من الكذب المحض لخفائه غالبا ووضوح الكذب المحض .
قوله : ( فإن الظن أكذب الحديث ) قد استشكل تسمية الظن حديثا ، وأجيب بأن المراد عدم مطابقة الواقع سواء كان قولا أو فعلا ، ويحتمل أن يكون المراد ما ينشأ عن الظن فوصف الظن به مجازا .
قوله : ( ولا تحسسوا ولا تجسسوا ) إحدى الكلمتين بالجيم والأخرى بالحاء المهملة ، وفي كل منهما حذف إحدى التاءين تخفيفا ، وكذا في بقية المناهي التي في حديث الباب ، والأصل تتحسسوا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي معناه لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتبعوها ، قال الله - تعالى - حاكيا عن يعقوب - عليه السلام اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه وأصل هذه الكلمة التي بالمهملة من الحاسة إحدى الحواس الخمس ، وبالجيم من الجس بمعنى اختبار الشيء باليد وهي إحدى الحواس ، فتكون التي بالحاء أعم . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي : هما بمعنى واحد ، وقال ابن الأنباري : ذكر الثاني للتأكيد كقولهم بعدا وسخطا ، وقيل بالجيم البحث عن عوراتهم وبالحاء استماع حديث القوم ، وهذا رواه الأوزاعي عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير أحد صغار التابعين . وقيل بالجيم البحث عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر ، وبالحاء البحث عما يدرك بحاسة العين والأذن ورجح هذا القرطبي ، وقيل بالجيم تتبع الشخص لأجل غيره وبالحاء تتبعه لنفسه وهذا اختيار ثعلب ، ويستثنى من النهي عن التجسس ما لو تعين طريقا إلى إنقاذ نفس من الهلاك مثلا كأن يخبر ثقة بأن فلانا خلا بشخص ليقتله ظلما ، أو بامرأة ليزني بها ، فيشرع في هذه الصورة التجسس والبحث عن ذلك حذرا من فوات استدراكه ، نقله النووي عن " الأحكام السلطانية " للماوردي واستجاده ، وأن كلامه : ليس للمحتسب أن يبحث عما لم يظهر من المحرمات ولو غلب على الظن استسرار أهلها بها إلا هذه الصورة .
قوله : ( ولا تدابروا ) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : لا تتهاجروا فيهجر أحدكم أخاه ، مأخوذ من تولية الرجل الآخر دبره إذا أعرض عنه حين يراه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : قيل للإعراض مدابرة لأن من أبغض أعرض ومن أعرض ولى دبره ، والمحب بالعكس . وقيل معناه لا يستأثر أحدكم على الآخر ، وقيل للمستأثر مستدبر لأنه يولي دبره حين يستأثر بشيء دون الآخر وقال المازري : معنى التدابر المعاداة يقول دابرته أي عاديته . وحكى عياض أن معناه لا تجادلوا ولكن تعاونوا ، والأول أولى . وقد فسره مالك في " الموطأ " بأخص منه فقال إذ ساق حديث الباب عن الزهري بهذا السند : ولا أحسب التدابر إلا الإعراض عن السلام ، يدبر عنه بوجهه . وكأنه أخذه من بقية الحديثnindex.php?page=hadith&LINKID=843100يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام فإنه يفهم أن صدور السلام منهما أو من أحدهما يرفع ذلك الإعراض ، وسيأتي مزيد لهذا في " باب الهجرة " ويؤيده ما أخرجه الحسين بن الحسن المروزي في " زيادات كتاب البر والصلة " nindex.php?page=showalam&ids=16418لابن المبارك بسند صحيح عن أنس قال : التدابر التصارم .
قوله : ( ولا تباغضوا ) أي لا تتعاطوا أسباب البغض ، لأن البغض لا يكتسب ابتداء . وقيل المراد النهي عن الأهواء المضلة المقتضية للتباغض . قلت : بل هو أعم من الأهواء ، لأن تعاطي الأهواء ضرب من ذلك ، وحقيقة التباغض أن يقع بين اثنين وقد يطلق إذا كان من أحدهما ، والمذموم منه ما كان في غير الله - تعالى - ، فإنه واجب فيه ويثاب فاعله لتعظيم حق الله ولو كانا أو أحدهما عند الله من أهل السلامة ، كمن يؤديه اجتهاده إلى اعتقاد ينافي الآخر فيبغضه على ذلك وهو معذور عند الله .
قوله : ( وكونوا عباد الله إخوانا ) بلفظ المنادى المضاف ، زاد مسلم في آخره من رواية أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة كما أمركم الله ومثله عنده من طريق قتادة عن أنس ، وهذه الجملة تشبه التعليل لما تقدم ، كأنه قال إذا تركتم هذه المنهيات كنتم إخوانا ومفهومه إذا لم تتركوها تصيروا أعداء ، ومعنى كونوا إخوانا اكتسبوا ما تصيرون به إخوانا مما سبق ذكره وغير ذلك من الأمور المقتضية لذلك إثباتا ونفيا ، وقوله عباد الله بحذف حرف النداء ، وفيه إشارة إلى أنكم عبيد الله فحقكم أن تتواخوا بذلك ، قال القرطبي : المعنى كونوا كإخوان النسب في الشفقة والرحمة والمحبة والمواساة والمعاونة والنصيحة ، ولعل قوله في الرواية الزائدة كما أمركم الله أي بهذه الأوامر المقدم ذكرها فإنها جامعة لمعاني الأخوة ، ونسبتها إلى الله ; لأن الرسول مبلغ عن الله ، وقد أخرج أحمد بسند حسن عن أبي أمامة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=843101لا أقول إلا ما أقول ويحتمل أن يكون المراد بقوله كما أمركم الله الإشارة إلى قوله - تعالى - : إنما المؤمنون إخوة فإنه خبر عن الحالة التي شرعت للمؤمنين ، فهو بمعنى الأمر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : تضمن الحديث تحريم بغض المسلم والإعراض عنه وقطيعته بعد صحبته بغير ذنب شرعي ، والحسد له على ما أنعم به عليه ، وأن يعامله معاملة الأخ النسيب ، وأن لا ينقب عن معايبه ، ولا فرق في ذلك بين الحاضر والغائب ، وقد يشترك الميت مع الحي في كثير من ذلك .