[ ص: 568 ] قوله : ( باب ما جاء في قول الرجل ويلك ) تقدم شرح هذه الكلمة في كتاب الحج عند شرح أول أحاديث الباب ، وقد قيل إن أصل " ويل " وي وهي كلمة تأوه فلما كثر قولهم وي لفلان وصلوها باللام وقدروها أنها منها فأعربوها . وعن الأصمعي : ويل للتقبيح على المخاطب فعله . وقال الراغب : ويل قبوح ، وقد تستعمل بمعنى التحسر . وويح ترحم . وويس استصغار . وأما ما ورد في جهنم فلم يرد أنه معناه في اللغة ، وإنما أراد من قال الله ذلك فيه فقد استحق مقرا من النار . وفي " كتاب من حدث ونسي " عن معتمر بن سليمان قال : قال لي [ ص: 569 ] أبي : أنت حدثتني عني عن الحسن قال ويح كلمة رحمة . وأكثر أهل اللغة على أن ويل كلمة عذاب وويح كلمة رحمة . وعن اليزيدي : هما بمعنى واحد ، تقول ويح لزيد وويل لزيد ، ولك أن تنصبهما بإضمار فعل كأنك قلت ألزمه الله ويلا أو ويحا . قلت : وتصرف nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري يقتضي أنه على مذهب اليزيدي في ذلك ، فإنه ذكر في بعض الأحاديث في الباب ما ورد بلفظ ويل فقط وما ورد بلفظ ويح فقط وما وقع التردد فيهما ، ولعله رمز إلى تضعيف الحديث الوارد عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها في قصة nindex.php?page=hadith&LINKID=843238لا تجزعي من الويح فإنه كلمة رحمة ، ولكن اجزعي من الويل أخرجه الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " بسند واه وهو آخر حديث فيه . وقال الداودي ويل وويح وويس كلمات تقولها العرب عند الذم ، قال : وويح مأخوذ من الحزن وويس من الأسى وهو الحزن . وتعقبه ابن التين بأن أهل اللغة إنما قالوا ويل كلمة تقال عند الحزن ، وأما قول ابن عرفة : الويل الحزن فكأنه أخذه من أن الدعاء بالويل إنما يكون عند الحزن . والأحاديث التي ساقها المؤلف - رحمه الله - هنا فيها ما اختلف الرواة في لفظه هل هي ويل أو ويح ، وفيها ما تردد الراوي فقال ويل أو ويح ، وفيها ما جزم فيه بأحدهما ، ومجموعها يدل على أن كلا منهما كلمة توجع يعرف هل المراد الذم أو غيره من السياق ، فإن في بعضها الجزم بويل وليس حمله على العذاب بظاهر . والحاصل أن الأصل في كل منهما ما ذكر ، وقد تستعمل إحداهما موضع الأخرى . وقوله ويس مأخوذ من الأسى متعقب لاختلاف تصريف الكلمتين .