قوله : ( باب لا يقل خبثت نفسي ) بفتح الخاء المعجمة وضم الموحدة بعدها مثلثة ثم مثناة ، ويقال بفتح الموحدة والضم أصوب . قال الراغب : الخبث يطلق على الباطل في الاعتقاد ، والكذب في المقال ، والقبيح في الفعال . قلت : وعلى الحرام والصفات المذمومة القولية والفعلية .
حديث عائشة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=3503902لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ، ولكن ليقل لقست نفسي . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي تبعا لأبي عبيد : لقست وخبثت بمعنى واحد . وإنما كره - صلى الله عليه وسلم - من ذلك اسم الخبث فاختار اللفظة السالمة من ذلك ، وكان من سنته تبديل الاسم القبيح بالحسن . وقال غيره : معنى لقست غثت بغين معجمة ثم مثلثة ، وهو يرجع أيضا إلى معنى خبيث ، وقيل معناه ساء خلقها ، وقيل : مالت به إلى الدعة . وقال ابن بطال : هو على معنى الأدب وليس على سبيل الإيجاب . وقد تقدم في الصلاة في الذي يعقد الشيطان على قافية رأسه فيصبح خبيث النفس . ونطق القرآن بهذه اللفظة فقال - تعالى - : ومثل كلمة خبيثة . قلت : لكن لم يرد ذلك إلا في معرض الذم ، فلا ينافي ذلك ما دل عليه حديث الباب من كراهة وصف الإنسان نفسه بذلك . وقد سبق لهذا عياض فقال : الفرق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن صفة شخص مذموم الحال فلم يمتنع إطلاق ذلك اللفظ عليه . وقال ابن أبي جمرة : النهي عن ذلك للندب ، والأمر بقوله لقست للندب أيضا ، فإن عبر بما [ ص: 580 ] يؤدي معناه كفى ، ولكن ترك الأولى . قال : ويؤخذ من الحديث استحباب مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء ، والعدول إلى ما لا قبح فيه ، والخبث واللقس وإن كان المعنى المراد يتأدى بكل منهما لكن لفظ الخبث قبيح ويجمع أمورا زائدة على المراد ، بخلاف اللقس فإنه يختص بامتلاء المعدة . قال وفيه أن المرء يطلب الخير حتى بالفأل الحسن ، ويضيف الخير إلى نفسه ولو بنسبة ما ، ويدفع الشر عن نفسه مهما أمكن ، ويقطع الوصلة بينه وبين أهل الشر حتى في الألفاظ المشتركة . قال : ويلتحق بهذا أن الضعيف إذا سئل عن حاله لا يقول لست بطيب بل يقول ضعيف ، ولا يخرج نفسه من الطيبين فيلحقها بالخبيثين .
( تنبيه ) : أخرج أبو نعيم في " المستخرج " حديث سهل من طريق شبيب بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن الزهري ثم قال : أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن عبدان عن ابن المبارك عن موسى ، وقال : هو nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، والصحيح يونس . قلت : لم أقف عليه في الأصول المعتمدة من رواية أبي ذر إلا عن يونس وكذا في رواية النسفي .
قوله : ( تابعه عقيل ) يعني عن الزهري بسنده المذكور والمتن ، وهذه المتابعة وصلها nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق نافع بن يزيد عن عقيل وسقطت من رواية أبي ذر ، وثبتت للنسفي والباقين .