باب المعاريض مندوحة عن الكذب وقال إسحاق سمعت nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا مات ابن لأبي طلحة فقال كيف الغلام قالت أم سليم هدأ نفسه وأرجو أن يكون قد استراح وظن أنها صادقة
[ ص: 610 ] قوله : ( باب ) بالتنوين ( المعاريض ) وقع عند ابن التين المعارض بغير ياء وصوابه بإثبات الياء قال : وثبت كذلك في رواية أبي ذر وهو من التعريض خلاف التصريح .
قوله : ( مندوحة ) بوزن مفعولة بنون ومهملة أي فسحة ومتسع ، ندحت الشيء وسعته وانتدح فلان بكذا اتسع وانتدحت الغنم في مرابضها إذا اتسعت من البطنة ، والمعنى أن في المعاريض ما يغني عن الكذب . وهذه الترجمة لفظ حديث أخرجه المصنف في " الأدب المفرد " من طريق قتادة عن مطرف بن عبد الله قال : صحبت عمران بن حصين من الكوفة إلى البصرة فما أتى عليه يوم إلا أنشدنا فيه شعرا وقال : إن في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب . وأخرجه الطبري في " التهذيب " nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من وجه آخر عن قتادة مرفوعا ووهاه ، وأخرجه أبو بكر بن كامل في فوائده nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب من طريقه كذلك ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي أيضا من حديث علي مرفوعا بسند واه أيضا ، وللمصنف في " الأدب المفرد " من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي عن عمر قال : أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب ؟ والمعاريض والمعارض بإثبات الياء أو بحذفها كما تقدم جمع معراض من التعريض بالقول ، قال الجوهري : هو خلاف التصريح ، وهو التورية بالشيء عن الشيء . وقال الراغب : التعريض كلام له وجهان في صدق وكذب ، أو باطن وظاهر . قلت : والأولى أن يقال : كلام له وجهان يطلق أحدهما والمراد لازمه . ومما يكثر السؤال عنه الفرق بين التعريض والكناية وللشيخ تقي الدين السبكي جزء جمعه في ذلك .
قوله : ( وقال إسحاق ) هو ابن أبي طلحة التابعي المشهور ، وهذا التعليق سقط من رواية النسفي ، وهو طرف من حديث طويل أخرجه المصنف في الجنائز ، وشاهد الترجمة منه قول أم سليم " هدأ نفسه ; وأرجو أن قد استراح " فإن أبا طلحة فهم من ذلك أن الصبي المريض تعافى ; لأن قولها " هدأ " مهموز بوزن سكن ومعناه ، والنفس بفتح الفاء مشعر بالنوم ، والعليل إذا نام أشعر بزوال مرضه أو خفته ، وأرادت هي أنه انقطع بالكلية بالموت ، وذلك قولها " وأرجو أنه استراح " فهم منه أنه استراح من المرض بالعافية ، ومرادها أنه استراح من نكد الدنيا وألم المرض ، فهي صادقة باعتبار مرادها ، وخبرها بذلك غير مطابق للأمر الذي فهمه أبو طلحة ، فمن ثم قال الراوي " وظن أنها صادقة " أي باعتبار ما فهم هو .
حديث أنس في قصة أنجشة وقد تقدم شرحه في " باب ما يجوز من الشعر " والمراد منه قوله رفقا بالقوارير فإنه كنى بذلك عن النساء كما تقدم تقريره هناك ، وحديث أنس في فرس أبي طلحة والمراد منه " إنا وجدناه لبحرا " أي لسرعة جريه ، وقد تقدم شرحه في كتاب الجهاد ، وكأنه استشهد بحديثي أنس لجواز التعريض ، والجامع بين التعريض ، وبين ما دل عليه اللفظ في غير ما وضع له لمعنى جامع بينهما . قال ابن المنير : حديث القوارير والفرس ليسا من المعاريض بل من المجاز ، فكأنه لما رأى ذلك جائزا قال : فالمعاريض التي هي حقيقة أولى بالجواز . قال ابن بطال : شبه جري الفرس بالبحر إشارة إلى أنه لا ينقطع ، يعني ثم أطلق صفة الجري على نفس الفرس مجازا ، قال : وهذا أصل في جواز استعمال المعاريض ، ومحل الجواز فيما يخلص من الظلم أو يحصل الحق ، وأما استعمالها في عكس ذلك من إبطال الحق أو تحصيل الباطل فلا يجوز . وأخرج الطبري من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال " كان رجل من باهلة عيونا - أي كثير الإصابة بالعين - فرأى بغلة لشريح فأعجب بها ، فخشي شريح عليها فقال : إنها إذا ربضت لا تقوم حتى [ ص: 611 ] تقام ، فقال : أف أف ، فسلمت منه " وإنما أراد شريح بقوله " حتى تقام " أي حتى يقيمها الله - تعالى - .