[ ص: 105 ] قوله : ( باب رفع الصوت بالنداء ) قال الزين بن المنير : لم ينص على حكم رفع الصوت لأنه من صفة الأذان ، وهو لم ينص في أصل الأذان على حكم كما تقدم ، وقد ترجم عليه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي " باب الثواب على رفع الصوت بالأذان " .
قوله : ( وقال عمر بن عبد العزيز ) وصله ابن أبي شيبة من طريق عمر عن سعيد بن أبي حسين أن مؤذنا أذن فطرب في أذانه فقال له عمر بن عبد العزيز . . فذكره ، ولم أقف على اسم هذا المؤذن وأظنه من بني سعد القرظ لأن ذلك وقع حيث كان عمر بن عبد العزيز أميرا على المدينة ، والظاهر أنه خاف عليه من التطريب الخروج عن الخشوع ، لا أنه نهاه عن رفع الصوت . وقد روي نحو هذا من حديث ابن عباس مرفوعا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وفيه إسحاق بن أبي يحيى الكعبي وهو ضعيف عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13357وابن عدي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : لا تحل الرواية عنه ، ثم غفل فذكره في الثقات .
قوله : ( عن أبيه ) زاد ابن عيينة " وكان يتيما في حجر أبي سعيد وكانت أمه عند أبي سعيد " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من طريقه ، لكن قلبه ابن عيينة فقال : عن عبد الرحمن بن عبد الله والصحيح قول مالك ووافقه عبد العزيز الماجشون . وزعم أبو مسعود في الأطراف أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخرج روايته ، لكن لم نجد ذلك ولا ذكرها خلف قاله nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر . واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبدول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار ، مات أبو صعصعة في الجاهلية ، وابنه عبد الرحمن صحابي ، روى ابن شاهين في الصحابة من طريق قيس بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن جده حديثا سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي سياقه أن جده كان بدريا ، وفيه نظر لأن أصحاب المغازي لم يذكروه فيهم وإنما ذكروا أخاه قيس بن أبي صعصعة .
قوله : ( أن nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري قال له ) أي لعبد الله بن عبد الرحمن .
قوله : ( تحب الغنم والبادية ) أي لأجل الغنم لأن محبها يحتاج إلى إصلاحها بالمرعى ، وهو في الغالب يكون في البادية وهي الصحراء التي لا عمارة فيها .
قوله : ( في غنمك أو باديتك ) ) يحتمل أن تكون " أو " شكا من الراوي ، ويحتمل أن تكون للتنويع لأن الغنم قد لا تكون في البادية ، ولأنه قد يكون في البادية حيث لا غنم .
قوله : ( فأذنت للصلاة ) أي لأجل الصلاة ، وللمصنف في بدء الخلق " بالصلاة " أي أعلمت بوقتها .
قوله : ( فارفع ) فيه إشعار بأن أذان من أراد الصلاة كان مقررا عندهم لاقتصاره على الأمر بالرفع دون أصل التأذين ، واستدل به الرافعي للقول الصائر إلى استحباب أذان المنفرد ، وهو الراجح عند الشافعية بناء على أن الأذان حق الوقت ، وقيل لا يستحب بناء على أن الأذان لاستدعاء الجماعة للصلاة ، ومنهم من فصل بين من يرجو جماعة أو لا .
قوله : ( بالنداء ) أي بالأذان .
قوله : ( لا يسمع مدى صوت المؤذن ) أي غاية صوته ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : غاية الصوت تكون أخفى [ ص: 106 ] من ابتدائه ، فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه منتهى صوته فلأن يشهد له من دنا منه وسمع مبادي صوته أولى .
قوله ( جن ولا إنس ولا شيء ) ظاهره يشمل الحيوانات والجمادات ، فهو من العام بعد الخاص ، ويؤيده ما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس ، ولأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق أبي يحيى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=842145المؤذن يغفر له مدى صوته ، ويشهد له كل رطب ويابس ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي وغيره من حديث البراء وصححه ابن السكن ، فهذه الأحاديث تبين المراد من قوله في حديث الباب " ولا شيء " وقد تكلم بعض من لم يطلع عليها في تأويله على غير ما يقتضيه ظاهره ، قال القرطبي : قوله " ولا شيء " المراد به الملائكة . وتعقب بأنهم دخلوا في قوله جن لأنهم يستخفون عن الأبصار ، وقال غيره : المراد كل ما يسمع المؤذن من الحيوان حتى ما لا يعقل دون الجمادات . ومنهم من حمله على ظاهره ، وذلك غير ممتنع عقلا ولا شرعا . قال ابن بزيزة ، تقرر في العادة أن السماع والشهادة والتسبيح لا يكون إلا من حي ، فهل ذلك حكاية عن لسان الحال لأن الموجودات ناطقة بلسان حالها بجلال باريها ، أو هو على ظاهره ؟ وغير ممتنع عقلا أن الله يخلق فيها الحياة والكلام . وقد تقدم البحث في ذلك في قول النار " أكل بعضي بعضا " وسيأتي في الحديث الذي فيه " nindex.php?page=hadith&LINKID=842147أن البقرة قالت إنما خلقت للحرث " وفي مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=842148إني لأعرف حجرا كان يسلم علي اهـ . ونقل ابن التين عن أبي عبد الملك : إن قوله هنا " ولا شيء " نظير قوله تعالى وإن من شيء إلا يسبح بحمده وتعقبه بأن الآية مختلف فيها ، وما عرفت وجه هذا التعقب فإنهما سواء في الاحتمال ونقل الاختلاف ، إلا أن يقول إن الآية لم يختلف في كونها على عمومها ، وإنما اختلف في تسبيح بعض الأشياء هل هو على الحقيقة أو المجاز بخلاف الحديث . والله أعلم .
( فائدة : السر في هذه الشهادة مع أنها تقع عند عالم الغيب والشهادة أن أحكام الآخرة جرت على نعت أحكام الخلق في الدنيا من توجيه الدعوى والجواب والشهادة ، قاله الزين بن المنير . وقال التوربشتي : المراد من هذه الشهادة اشتهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلو الدرجة ، وكما أن الله يفضح بالشهادة قوما فكذلك يكرم بالشهادة آخرين .
قوله : ( إلا شهد له ) للكشميهني إلا يشهد له ، وتوجيههما واضح .
قوله : ( قال أبو سعيد سمعته ) قال الكرماني : أي هذا الكلام الأخير وهو قوله إنه لا يسمع إلخ . قلت : وقد أورد الرافعي هذا الحديث في الشرح بلفظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي سعيد : nindex.php?page=hadith&LINKID=842149إنك رجل تحب الغنم وساقه إلى آخره ، وسبقه إلى ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي وإمامه والقاضي حسين وابن داود شارح المختصر وغيرهم ، وتعقبه النووي ، وأجاب ابن الرفعة عنهم بأنهم فهموا أن قول أبي سعيد " سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " عائد على كل ما ذكر اهـ . ولا يخفى بعده . وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من رواية ابن عيينة ولفظه " قال أبو سعيد : إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالنداء ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا يسمع " فذكره ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان أيضا عن مالك بلفظ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أذنت فارفع صوتك ، فإنه لا يسمع فذكره . فالظاهر أن ذكر الغنم والبادية موقوف ، والله أعلم . وفي الحديث استحباب رفع الصوت بالأذان ليكثر من يشهد له ما لم يجهده أو يتأذى به ، وفيه أن [ ص: 107 ] حب الغنم والبادية ولا سيما عند نزول الفتنة من عمل السلف الصالح ، وفيه جواز التبدي ومساكنة الأعراب ومشاركتهم في الأسباب بشرط حظ من العلم وأمن من غلبة الجفاء . وفيه أن أذان الفذ مندوب إليه ولو كان في قفر ولو لم يرتج حضور من يصلي معه ، لأنه إن فاته دعاء المصلين فلم يفته استشهاد من سمعه من غيرهم .