قوله باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام ) ؟ في هذه الترجمة إشارة إلى أنه لا منع من رد السلام على أهل الذمة فلذلك ترجم بالكيفية ويؤيده قوله - تعالى - : فحيوا بأحسن منها أو ردوها ؛ فإنه يدل على أن الرد يكون وفق الابتداء إن لم يكن أحسن منه كما تقدم تقريره ودل الحديث على التفرقة في الرد على المسلم والكافر قال ابن بطال : قال قوم : رد السلام على أهل الذمة فرض لعموم الآية .
وثبت عن ابن عباس أنه قال " من سلم عليك فرد عليه ولو كان مجوسيا " وبه قال الشعبي وقتادة ومنع من ذلك مالك والجمهور وقال عطاء : الآية [ ص: 45 ] مخصوصة بالمسلمين فلا يرد السلام على الكافر مطلقا فإن أراد منع الرد بالسلام وإلا فأحاديث الباب ترد عليه الحديث الأول
9347 قوله أن عائشة قالت كذا قال صالح بن كيسان مثله كما تقدم في الأدب وقال سفيان عن الزهري عن عروة " عن عائشة قالت " وسيأتي في استتابة المرتدين
قوله فقالوا السام عليك كذا في الأصول بألف ساكنة وسيأتي في الكلام على الحديث الثاني أنه جاء بالهمز وقد تقدم تفسير السوم بالموت في كتاب الطب وقيل هو الموت العاجل
قوله ففهمتها فقلت عليكم السام واللعنة في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن عائشة كما تقدم في أوائل الأدب : فقالت عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم ، ولمسلم من طريق أخرى عنها " بل عليكم السام والذام " بالذال المعجمة وهو لغة في الذم ضد المدح يقال ذم بالتشديد وذام بالتخفيف وذيم بتحتانية ساكنة وقال عياض : لم يختلف الرواة أن الذام في هذا الحديث بالمعجمة ولو روي بالمهملة من الدوام لكان له وجه ولكن كان يحتاج لحذف الواو ليصير صفة للسام .
وقد حكى ابن الأعرابي : الدام لغة في الدائم قال ابن بطال : فسر أبو عبيد السام بالموت وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن قتادة تأوله على خلاف ذلك ففي رواية عبد الوارث بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة قال كان قتادة يقول تفسير السام عليكم تسامون دينكم وهو - يعني السام - مصدر سئمه سآمة وسآما ؛ مثل رضعه رضاعة ورضاعا .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : أن يهوديا سلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أتدرون والباقي نحوه ولم يذكر قوله : ردوه إلخ ، وقال في آخره فإذا سلم عليكم رجل من أهل الكتاب فقولوا وعليك .
قوله : واللعنة يحتمل أن تكون عائشة فهمت كلامهم بفطنتها فأنكرت عليهم وظنت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ظن أنهم تلفظوا بلفظ السلام فبالغت في الإنكار عليهم ويحتمل أن يكون سبق لها سماع ذلك من [ ص: 46 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديثي ابن عمر وأنس في الباب وإنما أطلقت عليهم اللعنة إما لأنها كانت ترى جواز لعن الكافر المعين باعتبار الحالة الراهنة لا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب وإما لأنها تقدم لها علم بأن المذكورين يموتون على الكفر فأطلقت اللعن ولم تقيده بالموت .
والذي يظهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش أو أنكر عليها الإفراط في السب ، وقد تقدم في أوائل الأدب في باب الرفق ما يتعلق بذلك وسيأتي الكلام على جواز لعن المشرك المعين الحي في " باب الدعاء على المشركين " من كتاب الدعوات - إن شاء الله تعالى
قوله مهلا يا عائشة ) تقدم بشرحه في " باب الرفق " من كتاب الأدب
قوله فقد قلت عليكم ) وكذا في رواية معمر وشعيب عن الزهري عند مسلم بحذف الواو وعنده في رواية سفيان وعند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من رواية أخرى عن الزهري بإثبات الواو قال المهلب : في هذا الحديث جواز انخداع الكبير للمكايد ومعارضته من حيث لا يشعر إذا رجي رجوعه .
قلت في تقييده بذلك نظر لأن اليهود حينئذ كانوا أهل عهد فالذي يظهر أن ذلك كان لمصلحة التآلف الحديث الثاني