9369 قوله باب إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا كذا لأبي ذر وزاد غيره وإذا قيل انشزوا فانشزوا الآية اختلف في معنى الآية فقيل إن ذلك خاص بمجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن بطال : قال بعضهم هو مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة عن مجاهد وقتادة قلت لفظ الطبري عن قتادة " كانوا يتنافسون في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأوه مقبلا ضيقوا مجلسهم فأمرهم الله - تعالى - أن يوسع بعضهم لبعض .
قوله ولكن تفسحوا وتوسعوا هو عطف تفسيري ووقع في رواية قبيصة عن سفيان عند ابن مردويه : " ولكن ليقل افسحوا وتوسعوا " وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية قبيصة وليس عنده " ليقل " وهذه الزيادة أشار مسلم إلى أن عبيد الله بن عمر تفرد بها عن نافع ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وأيوب nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج رووه عن نافع بدونها وأن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج زاد قلت لنافع : في الجمعة ؟ قال وفي غيرها وقد تقدمت زيادة nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج هذه في كتاب الجمعة ووقع في حديث جابر عند مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=843517لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه ولكن يقول افسحوا فجمع بين الزيادتين ورفعهما وكان ذلك سبب سؤال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج لنافع .
قال ابن أبي جمرة : هذا اللفظ عام في المجالس ولكنه مخصوص بالمجالس المباحة إما على العموم كالمساجد ومجالس الحكام والعلم وإما على الخصوص كمن يدعو قوما بأعيانهم إلى منزله لوليمة ونحوها وأما المجالس التي ليس للشخص فيها ملك ولا إذن له فيها فإنه يقام ويخرج منها ثم هو في المجالس العامة وليس عاما في الناس بل هو خاص بغير المجانين ومن يحصل منه الأذى كآكل الثوم النيئ إذا دخل المسجد والسفيه إذا دخل مجلس العلم أو الحكم . قال والحكمة في هذا النهي منع استنقاص حق المسلم المقتضي للضغائن والحث على التواضع المقتضي للمواددة وأيضا فالناس في المباح كلهم سواء فمن سبق إلى شيء استحقه ومن استحق شيئا فأخذ منه بغير حق فهو غصب والغصب حرام .
فعلى هذا قد يكون بعض ذلك على سبيل الكراهة وبعضه على سبيل التحريم قال فأما قوله " تفسحوا وتوسعوا " فمعنى الأول أن يتوسعوا فيما بينهم ومعنى الثاني أن ينضم بعضهم إلى بعض حتى يفضل من الجمع مجلس للداخل انتهى ملخصا
قوله وكان ابن عمر ) هو موصول بالسند المذكور
قوله ( يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأدب المفرد عن قبيصة عن [ ص: 66 ] nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان وهو الثوري بلفظ : وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه ، وكذا أخرجه مسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه وقوله : " يجلس في روايتنا بفتح أوله وضبطه أبو جعفر الغرناطي في نسخته بضم أوله على وزن " يقام " .
وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه من هذا الوجه لكن لفظه مثل لفظ ابن عمر الذي في الصحيح فكأن أبا بكرة حمل النهي على المعنى الأعم وقد قال البزار إنه لا يعرف له طريق إلا هذه وفي سنده أبو عبد الله مولى أبي بردة بن أبي موسى وقيل مولى قريش وهو بصري لا يعرف قال ابن بطال : اختلف في النهي فقيل للأدب وإلا فالذي يجب للعالم أن يليه أهل الفهم والنهي وقيل هو على ظاهره ولا يجوز لمن سبق إلى مجلس مباح أن يقام منه واحتجوا بالحديث يعني الذي أخرجه مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=840999إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به قالوا فلما كان أحق به بعد رجوعه ثبت أنه حقه قبل أن يقوم ويتأيد ذلك بفعل ابن عمر المذكور فإنه راوي الحديث وهو أعلم بالمراد منه .
وأجاب من حمله على الأدب أن الموضع في الأصل ليس ملكه قبل الجلوس ولا بعد المفارقة فدل على أن المراد بالحقية في حالة الجلوس الأولوية فيكون من قام تاركا له قد سقط حقه جملة ومن قام ليرجع يكون أولى .
وقد سئل مالك عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فقال ما سمعت به وإنه لحسن إذا كانت أوبته قريبة وإن بعد فلا أرى ذلك له ولكنه من محاسن الأخلاق . وقال القرطبي في " المفهم " هذا الحديث يدل على صحة القول بوجوب اختصاص الجالس بموضعه إلى أن يقوم منه وما احتج به من حمله على الأدب لكونه ليس ملكا له لا قبل ولا بعد ليس بحجة لأنا نسلم أنه غير ملك له لكن يختص به إلى أن يفرغ غرضه فصار كأنه ملك منفعته فلا يزاحمه غيره عليه .
قال النووي : قال أصحابنا هذا في حق من جلس في موضع من المسجد أو غيره لصلاة مثلا ثم فارقه ليعود إليه كإرادة الوضوء مثلا أو لشغل يسير ثم يعود لا يبطل اختصاصه به وله أن يقيم من خالفه وقعد فيه وعلى القاعد أن يطيعه واختلف هل يجب عليه ؟ على وجهين أصحهما الوجوب وقيل يستحب وهو مذهب مالك ، قال أصحابنا وإنما يكون أحق به في تلك الصلاة دون غيرها ، قال ولا فرق بين أن يقوم منه ويترك له فيه سجادة ونحوها أم لا والله أعلم .
وقال عياض اختلف العلماء فيمن اعتاد بموضع من المسجد للتدريس والفتوى فحكي عن مالك أنه أحق به إذا عرف به قال والذي عليه الجمهور أن هذا استحسان وليس بحق واجب ولعله مراد مالك . وكذا قالوا في مقاعد الباعة من الأفنية والطرق التي هي غير متملكة قالوا من اعتاد بالجلوس في شيء منها فهو أحق به حتى يتم غرضه . قال وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي عن مالك قطعا للتنازع .
وقال القرطبي : الذي عليه الجمهور أنه ليس بواجب وقال النووي : استثنى أصحابنا من عموم قول nindex.php?page=hadith&LINKID=843520لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه من ألف من المسجد موضعا يفتي فيه أو يقرئ فيه قرآنا أو علما فله أن يقيم من سبقه إلى القعود فيه وفي معناه من سبق إلى موضع من الشوارع ومقاعد الأسواق لمعاملة .
قال النووي : وأما ما نسب إلى ابن عمر فهو ورع منه وليس قعوده فيه حراما إذا كان ذلك برضا الذي قام ولكنه تورع منه لاحتمال أن يكون الذي قام لأجله استحيا منه فقام عن غير طيب قلبه فسد الباب ليسلم من هذا أو رأى أن الإيثار بالقرب مكروه أو [ ص: 67 ] خلاف الأولى فكان يمتنع لأجل ذلك لئلا يرتكب ذلك أحد بسببه قال علماء أصحابنا وإنما يحمد الإيثار بحظوظ النفس وأمور الدنيا