9421 قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الدعوات بفتح المهملتين جمع دعوة بفتح أوله وهي المسألة الواحدة والدعاء الطلب والدعاء إلى الشيء الحث على فعله ودعوت فلانا سألته ودعوته استغثته ويطلق أيضا على رفعة القدر كقوله - تعالى - : ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة كذا قال الراغب ويمكن رده إلى الذي قبله ويطلق الدعاء أيضا على العبادة .
قوله وقول الله - تعالى - : ادعوني أستجب لكم الآية كذا لأبي ذر وساق غيره الآية إلى قوله : داخرين وهذه الآية ظاهرة في ترجيح الدعاء على التفويض وقالت طائفة الأفضل ترك الدعاء والاستسلام للقضاء وأجابوا عن الآية بأن آخرها دل على أن المراد بالدعاء العبادة لقوله إن الذين يستكبرون عن عبادتي واستدلوا بحديث النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال nindex.php?page=hadith&LINKID=843585الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي الآية أخرجه الأربعة وصححه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم . وشذت طائفة فقالوا المراد بالدعاء في الآية ترك الذنوب وأجاب الجمهور أن الدعاء من أعظم العبادة فهو كالحديث الآخر nindex.php?page=hadith&LINKID=842657الحج عرفة أي معظم الحج وركنه الأكبر ويؤيده ما أخرجه الترمذي من حديث أنس رفعه " nindex.php?page=hadith&LINKID=814921الدعاء مخ العبادة " وقد تواردت الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالترغيب في الدعاء والحث عليه كحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=843586ليس شيء أكرم على الله من الدعاء أخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وحديثه رفعه : nindex.php?page=hadith&LINKID=847034من لم يسأل الله يغضب عليه أخرجه أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في " الأدب المفرد " nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم كلهم من رواية أبي صالح الخوزي بضم الخاء المعجمة وسكون الواو ثم زاي عنه وهذا الخوزي مختلف فيه ضعفه ابن معين وقواه أبو زرعة وظن الحافظ بن كثير أنه أبو صالح السمان فجزم بأن أحمد تفرد بتخريجه وليس كما قال فقد جزم شيخه المزي في " الأطراف " بما قلته ووقع في رواية البزار nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم عن أبي [ ص: 98 ] صالح الخوزي " سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة " قال الطيبي : معنى الحديث أن من لم يسأل الله يبغضه والمبغوض مغضوب عليه والله يحب أن يسأل انتهى ويؤيده حديثابن مسعود رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=847035سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل أخرجه الترمذي وله من حديث ابن عمر رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=847036إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء وفي سنده لين وقد صححه مع ذلك nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الدعاء بسند رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة بقية عن عائشة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=847037إن الله يحب الملحين في الدعاء وقال الشيخ تقي الدين السبكي : الأولى حمل الدعاء في الآية على ظاهره وأما قوله بعد ذلك عن عبادتي فوجه الربط أن الدعاء أخص من العبادة فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء وعلى هذا فالوعيد إنما هو في حق من ترك الدعاء استكبارا ومن فعل ذلك كفر وأما من تركه لمقصد من المقاصد فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور وإن كنا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار منه أرجح من الترك لكثرة الأدلة الواردة في الحث عليه .
قلت وقد دلت الآية الآتية قريبا في السورة المذكورة أن الإجابة مشترطة بالإخلاص وهو قوله - تعالى - : فادعوه مخلصين له الدين وقال الطيبي : معنى حديث النعمان أن تحمل العبادة على المعنى اللغوي إذ الدعاء هو إظهار غاية التذلل والافتقار إلى الله والاستكانة له وما شرعت العبادات إلا للخضوع للباري وإظهار الافتقار إليه ولهذا ختم الآية بقوله - تعالى - : إن الذين يستكبرون عن عبادتي حيث عبر عن عدم التذلل والخضوع بالاستكبار ووضع عبادتي موضع دعائي وجعل جزاء ذلك الاستكبار الصغار والهوان .
وحكى القشيري في " الرسالة " الخلاف في المسألة فقال اختلف أي الأمرين أولى : الدعاء أو السكوت والرضا ؟ فقيل : الدعاء وهو الذي ينبغي ترجيحه لكثرة الأدلة لما فيه من إظهار الخضوع والافتقار وقيل السكوت والرضا أولى لما في التسليم من الفضل .
قلت وشبهتهم أن الداعي لا يعرف ما قدر له فدعاؤه إن كان على وفق المقدور فهو تحصيل الحاصل وإن كان على خلافه فهو معاندة والجواب عن الأول أن الدعاء من جملة العبادة لما فيه من الخضوع والافتقار وعن الثاني أنه إذا اعتقد أنه لا يقع إلا ما قدر الله تعالى كان إذعانا لا معاندة وفائدة الدعاء تحصيل الثواب بامتثال الأمر ولاحتمال أن يكون المدعو به موقوفا على الدعاء لأن الله خالق الأسباب ومسبباتها قال وقالت طائفة ينبغي أن يكون داعيا بلسانه راضيا بقلبه ، قال والأولى أن يقال إذا وجد في قلبه إشارة الدعاء فالدعاء أفضل وبالعكس .
9423 قوله ( باب لكل نبي دعوة مستجابة ) كذا لأبي ذر وسقط لفظ " باب " لغيره فصار من جملة الترجمة الأولى ومناسبتها للآية الإشارة إلى أن بعض الدعاء لا يستجاب عينا
قوله : nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل هو ابن أبي أويس .
قوله ( مستجابة ) كذا لأبي ذر ولم أرها عند الباقين ولا في شيء من نسخ الموطأ
قوله وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة وفي رواية أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الآتية في التوحيد " nindex.php?page=hadith&LINKID=847042فأريد إن شاء الله أن أختبئ " وزيادة " إن شاء الله " في هذا للتبرك ولمسلم " من رواية أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " وإني اختبأت " وفي حديث أنس " فجعلت دعوتي " وزاد " يوم القيامة " وزاد أبو صالح فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا " وقوله : من مات " في محل نصب على المفعولية و " لا يشرك بالله " في محل نصب على الحال والتقدير شفاعتي نائلة من مات غير مشرك وكأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يؤخرها ثم عزم ففعل ورجا وقوع ذلك فأعلمه الله به فجزم به وسيأتي تتمة الكلام على الشفاعة وأنواعها في أول كتاب الرقاق - إن شاء الله تعالى .
وقد استشكل ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة ولا سيما نبينا - صلى الله عليه وسلم - وظاهره أن لكل نبي دعوة مستجابة فقط والجواب أن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها وما عدا ذلك من دعواتهم فهو على رجاء الإجابة وقيل معنى قوله " لكل نبي دعوة " أي أفضل دعواته ولهم دعوات أخرى وقيل لكل منهم دعوة عامة مستجابة في أمته إما بإهلاكهم وإما بنجاتهم وأما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب ومنها ما لا يستجاب وقيل لكل منهم دعوة تخصه لدنياه أو لنفسه كقول نوح لا تذر على الأرض وقول زكريا فهب لي من لدنك وليا يرثني وقول سليمان وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي حكاه ابن التين .
وقال بعض شراح " المصابيح " ما لفظه اعلم أن جميع دعوات الأنبياء مستجابة والمراد بهذا الحديث أن كل نبي دعا على أمته بالإهلاك إلا أنا فلم أدع فأعطيت الشفاعة [ ص: 100 ] عوضا عن ذلك للصبر على أذاهم والمراد بالأمة أمة الدعوة لا أمة الإجابة وتعقبه الطيبي >[1] بأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا على أحياء من العرب ودعا على أناس من قريش بأسمائهم ودعا على رعل وذكوان ودعا على مضر ، قال والأولى أن يقال إن الله جعل لكل نبي دعوة تستجاب في حق أمته فنالها كل منهم في الدنيا وأما نبينا فإنه لما دعا على بعض أمته نزل عليه ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم فبقي تلك الدعوة المستجابة مدخرة للآخرة وغالب من دعا عليهم لم يرد إهلاكهم وإنما أراد ردعهم ليتوبوا .