قوله : ( باب الأذان في الفجر ) قال الزين بن المنير : قدم المصنف ترجمة الأذان بعد الفجر على ترجمة الأذان قبل الفجر فخالف الترتيب الوجودي ، لأن الأصل في الشرع أن لا يؤذن إلا بعد دخول الوقت ، فقدم ترجمة الأصل على ما ندر عنه . وأشار ابن بطال إلى الاعتراض على الترجمة بأنه لا خلاف فيه بين الأئمة ، وإنما الخلاف في جوازه قبل الفجر . والذي يظهر لي أن مراد المصنف بالترجمتين أن يبين أن المعنى الذي كان يؤذن لأجله قبل الفجر غير المعنى الذي كان يؤذن لأجله بعد الفجر ، وأن الأذان قبل الفجر لا يكتفى به عن الأذان بعده ، وأن أذان nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم لم يكن يقع قبل الفجر ، والله أعلم .
[ ص: 121 ] قوله : ( كان إذا اعتكف المؤذن للصبح ) هكذا وقع عند جمهور رواة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وفيه نظر ، وقد استشكله كثير من العلماء ، ووجهه بعضهم كما سيأتي ، والحديث في الموطأ عند جميع رواته بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=843634كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح " وكذا رواه مسلم وغيره وهو الصواب ، وقد أصلح في رواية ابن شبويه عن الفربري كذلك ، وفي رواية الهمداني " كان إذا أذن " بدل اعتكف ، وهي أشبه بالرواية المصوبة . ووقع في رواية النسفي عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظ كان إذا اعتكف وأذن المؤذن وهو يقتضي أن صنيعه ذلك كان مختصا بحال اعتكافه ، وليس كذلك ، والظاهر أنه من إصلاحه . وقد أطلق جماعة من الحفاظ القول بأن الوهم فيه من عبد الله بن يوسف شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ووجه ابن بطال وغيره بأن معنى " اعتكف المؤذن " أي لازم ارتقابه ونظره إلى أن يطلع الفجر ليؤذن عند أول إدراكه . قالوا : وأصل العكوف لزوم الإقامة بمكان واحد ، وتعقب بأنه يلزم منه أنه كان لا يصليهما إلا إذا وقع ذلك من المؤذن لما يقتضيه مفهوم الشرط ، وليس كذلك لمواظبته عليهما مطلقا ، والحق أن لفظ " اعتكف " محرف من لفظ " سكت " وقد أخرجه المؤلف في باب الركعتين بعد الظهر من طريق أيوب عن نافع بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=843635كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر " .
قوله : ( وبدا الصبح ) بغير همز أي ظهر ، وأغرب الكرماني فصحح أنه بالنون المكسورة والهمزة بعد المد ، وكأنه ظن أنه معطوف على قوله " للصبح " فيكون التقدير واعتكف لنداء الصبح ، وليس كذلك فإن الحديث في جميع النسخ من الموطأ nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ومسلم وغيرها بالباء الموحدة المفتوحة وبعد الدال ألف مقصورة والواو فيه واو الحال لا واو العطف ، وبذلك تتم مطابقة الحديث للترجمة ، وسيأتي بقية الكلام عليه في أبواب التطوع إن شاء الله تعالى .