9543 قوله ( باب الدعاء عند الاستخارة ) هي استفعال من الخير أو من الخيرة بكسر أوله وفتح ثانيه بوزن العنبة اسم من قولك خار الله له واستخار الله طلب منه الخيرة وخار الله له أعطاه ما هو خير له والمراد طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما
قوله حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال ) بفتح الميم وتخفيف الواو جمع مولى واسمه زيد ويقال زيد جد عبد الرحمن وأبوه لا يعرف اسمه وعبد الرحمن من ثقات المدنيين وكان ينسب إلى ولاء آل nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، وخرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن في زمن المنصور فلما قتل محمد حبس عبد الرحمن المذكور بعد أن ضرب وقد وثقه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن المعين وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهم وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في " الكامل " في الضعفاء وأسند عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل أنه قال كان محبوسا في المطبق حين هزم هؤلاء يعني بني حسن قال وروي عن محمد بن المنكدر حديث الاستخارة وليس أحد يرويه غيره وهو منكر وأهل المدينة إذا كان حديث غلطا يقولون ابن المنكدر عن جابر كما أن أهل البصرة يقولون ثابت عن أنس يحملون عليهما وقد استشكل شيخنا في " شرح الترمذي " هذا الكلام وقال ما عرفت المراد به فإن ابن المنكدر وثابتا ثقتان متفق عليهما قلت يظهر لي أن مرادهم التهكم والنكتة في اختصاص الترجمة للشهرة والكثرة ثم ساق nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي لعبد الرحمن أحاديث وقال هو مستقيم الحديث والذي أنكر عليه حديث الاستخارة وقد رواه غير واحد من الصحابة كما رواه ابن أبي الموال . قلت يريد أن للحديث شواهد وهو كما قال مع مشاححة في إطلاقه قال الترمذي بعد أن أخرجه حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي الموال وهو مدني ثقة روى عنه غير واحد وفي الباب عن ابن مسعود وأبي أيوب . قلت وجاء أيضا عن أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر فحديث ابن مسعود أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وحديث أبي أيوب أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وحديث أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة أخرجهما nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه وحديث ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس حديث واحد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12356إبراهيم بن أبي عبلة عن عطاء عنهما وليس في شيء منها ذكر الصلاة سوى حديث جابر إلا أن لفظ أبي أيوب nindex.php?page=hadith&LINKID=855361اكتم الخطبة وتوضأ فأحسن الوضوء ثم صل ما كتب الله لك الحديث فالتقييد بركعتين خاص بحديث جابر وجاء ذكر الاستخارة في حديث سعد رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=855362من سعادة ابن آدم استخارته الله أخرجه أحمد وسنده حسن وأصله عند الترمذي لكن بذكر الرضا والسخط لا بلفظ الاستخارة ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=855363أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أمرا قال اللهم خر لي واختر لي وأخرجه الترمذي وسنده ضعيف ، وفي [ ص: 188 ] حديث أنس رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=3504126ما خاب من استخار والحديث أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في " الصغير " بسند واه جدا
قوله عن محمد بن المنكدر عن جابر ) وقع في التوحيد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى عن عبد الرحمن " سمعت محمد بن المنكدر يحدث عبد الله بن الحسن - أي ابن الحسن بن علي بن أبي طالب - يقول أخبرني جابر السلمي " وهو بفتح السين المهملة واللام نسبة إلى بني سلمة بكسر اللام بطن من الأنصار وعند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق بشر بن عمير " حدثني عبد الرحمن سمعت ابن المنكدر حدثني جابر "
قوله كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة ) في رواية معن " يعلم أصحابه " وكذا في طريق بشر بن عمير .
قوله في الأمور كلها قال ابن أبي جمرة : هو عام أريد به الخصوص فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه قلت وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير وفيما كان زمنه موسعا ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم
وقال ابن أبي جمرة : التشبيه في تحفظ حروفه وترتب كلماته ومنع الزيادة والنقص منه والدرس له والمحافظة عليه ويحتمل أن يكون من جهة الاهتمام به والتحقق لبركته والاحترام له ويحتمل أن يكون من جهة كون كل منهما علم بالوحي قال الطيبي : فيه إشارة إلى الاعتناء التام البالغ بهذا الدعاء وهذه الصلاة لجعلهما تلوين للفريضة والقرآن
قوله إذا هم فيه حذف تقديره يعلمنا قائلا إذا هم وقد ثبت ذلك في رواية قتيبة " يقول إذا هم " وزاد في رواية أبي داود عن قتيبة " لنا " قال ابن أبي جمرة ترتيب الوارد على القلب على مراتب الهمة ثم اللمة ثم الخطرة ثم النية ثم الإرادة ثم العزيمة فالثلاثة الأولى لا يؤاخذ بها بخلاف الثلاثة الأخرى ، فقوله " إذا هم " يشير إلى أول ما يرد على القلب يستخير فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت فيه عزيمته وإرادته فإنه يصير إليه له ميل وحب فيخشى أن يخفى عنه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه . قال ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة لأن الخاطر لا يثبت فلا يستمر إلا على ما يقصد التصميم على فعله وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته ووقع في حديث ابن مسعود : إذا أراد أحدكم أمرا فليقل
قوله فليركع ركعتين ) يقيد مطلق حديث أبي أيوب حيث قال nindex.php?page=hadith&LINKID=855366صل ما كتب الله لك ويمكن الجمع بأن المراد أنه لا يقتصر على ركعة واحدة للتنصيص على الركعتين ويكون ذكرهما على سبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى [ ص: 189 ] فلو صلى أكثر من ركعتين أجزأ والظاهر أنه يشترط إذا أراد أن يسلم من كل ركعتين ليحصل مسمى ركعتين ولا يجزئ لو صلى أربعا مثلا بتسليمة وكلام النووي يشعر بالإجزاء
قوله من غير الفريضة فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلا ويحتمل أن يريد بالفريضة عينها وما يتعلق بها فيحترز عن الراتبة كركعتي الفجر مثلا وقال النووي في " الأذكار : لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلا أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر أجزأ كذا أطلق وفيه نظر ويظهر أن يقال إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معا أجزأ بخلاف ما إذا لم ينو ويفارق صلاة تحية المسجد لأن المراد بها شغل البقعة بالدعاء والمراد بصلاة الاستخارة أن يقع الدعاء عقبها أو فيها ويبعد الإجزاء لمن عرض له الطلب بعد فراغ الصلاة لأن ظاهر الخبر أن تقع الصلاة والدعاء بعد وجود إرادة الأمر وأفاد النووي أنه يقرأ في الركعتين الكافرون والإخلاص قال شيخنا في " شرح الترمذي " لم أقف على دليل ذلك ولعله ألحقهما بركعتي الفجر والركعتين بعد المغرب ، قال ولهما مناسبة بالحال لما فيهما من الإخلاص والتوحيد والمستخير محتاج لذلك قال شيخنا ومن المناسب أن يقرأ فيهما مثل قوله وربك يخلق ما يشاء ويختار وقوله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة . قلت والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والآية الأوليين في الأولى والأخريين في الثانية ويؤخذ من قوله : من غير الفريضة " أن الأمر بصلاة ركعتي الاستخارة ليس على الوجوب قال شيخنا في " شرح الترمذي : ولم أر من قال بوجوب الاستخارة لورود الأمر بها ولتشبيهها بتعليم السورة من القرآن كما استدل بمثل ذلك في وجوب التشهد في الصلاة لورود الأمر به في قوله : فليقل ، ولتشبيهه بتعليم السورة من القرآن فإن قيل الأمر تعلق بالشرط وهو قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=855367إذا هم أحدكم بالأمر " قلنا وكذلك في التشهد إنما يؤمر به من صلى ويمكن الفرق وإن اشتركا فيما ذكر أن التشهد جزء من الصلاة فيؤخذ الوجوب من قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=848484صلوا كما رأيتموني أصلي ودل على عدم وجوب الاستخارة ما دل على عدم وجوب صلاة زائدة على الخمس في حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=855368هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع " انتهى وهذا وإن صلح للاستدلال به على عدم وجوب ركعتي الاستخارة لكن لا يمنع من الاستدلال به على وجوب دعاء الاستخارة فكأنهم فهموا أن الأمر فيه للإرشاد فعدلوا به عن سنن الوجوب ولما كان مشتملا على ذكر الله والتفويض إليه كان مندوبا والله أعلم ثم نقول هو ظاهر في تأخير الدعاء عن الصلاة فلو دعا به في أثناء الصلاة احتمل الإجزاء ويحتمل الترتيب على تقديم الشروع في الصلاة قبل الدعاء فإن موطن الدعاء في الصلاة السجود أو التشهد وقال ابن أبي جمرة . الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلا وحالا
قوله اللهم إني أستخيرك بعلمك ) الباء للتعليل أي لأنك أعلم وكذا هي في قوله " بقدرتك " ويحتمل أن تكون للاستعانة كقوله بسم الله مجراها ويحتمل أن تكون للاستعطاف كقوله قال رب بما أنعمت علي الآية وقوله " وأستقدرك " أي أطلب منك أن تجعل لي على ذلك قدرة ويحتمل أن يكون المعنى أطلب منك أن تقدره لي والمراد بالتقدير التيسير
قوله وأسالك من فضلك إشارة إلى أن إعطاء الرب فضل منه وليس لأحد عليه حق في نعمه كما هو مذهب أهل السنة
[ ص: 190 ] قوله فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم إشارة إلى أن العلم والقدرة لله وحده وليس للعبد من ذلك إلا ما قدر الله له وكأنه قال أنت يا رب تقدر قبل أن تخلق في القدرة وعندما تخلقها في وبعد ما تخلقها
قوله اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ) في رواية معن وغيره " فإن كنت تعلم هذا الأمر " زاد أبو داود في رواية عبد الرحمن بن مقاتل عن عبد الرحمن بن أبي الموال " الذي يريد " وزاد في رواية معن " ثم يسميه بعينه " وقد ذكر ذلك في آخر الحديث في الباب وظاهر سياقه أن ينطق به ويحتمل أن يكتفي باستحضاره بقلبه عند الدعاء وعلى الأول تكون التسمية بعد الدعاء وعلى الثاني تكون الجملة حالية والتقدير فليدع مسميا حاجته . وقوله " إن كنت " استشكل الكرماني الإتيان بصيغة الشك هنا ولا يجوز الشك في كون الله عالما وأجاب بأن الشك في أن العلم متعلق بالخير أو الشر لا في أصل العلم
قوله ( ومعاشي ) زاد أبو داود " ومعادي " وهو يؤيد أن المراد بالمعاش الحياة ويحتمل أن يريد بالمعاش ما يعاش فيه ولذلك وقع في حديث ابن مسعود في بعض طرقه عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط " في ديني ودنياي " وفي حديث أبي أيوب عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني " في دنياي وآخرتي " زاد nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في روايته " وديني " وفي حديث أبي سعيد في ديني ومعيشتي
قوله فاصرفه عني واصرفني عنه أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه متعلقا به وفيه دليل لأهل السنة أن الشر من تقدير الله على العبد لأنه لو كان يقدر على اختراعه لقدر على صرفه ولم يحتج إلى طلب صرفه عنه
قوله واقدر لي الخير حيث كان في حديث أبي سعيد بعد قوله واقدر لي الخير أينما كان " لا حول ولا قوة إلا بالله "
قوله ثم رضني بالتشديد وفي رواية قتيبة " ثم أرضني " به أي اجعلني به راضيا ، وفي بعض طرق حديث ابن مسعود عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط " ورضني بقضائك " وفي حديث أبي أيوب " ورضني بقدرك " والسر فيه أن لا يبقى قلبه متعلقا به فلا يطمئن خاطره والرضا سكون النفس إلى القضاء وفي الحديث شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته وتعليمهم جميع ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ووقع في بعض طرقه عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في حديث ابن مسعود أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدعاء إذا أراد أن يصنع أمرا وفيه أن العبد لا يكون [ ص: 191 ] قادرا إلا مع الفعل لا قبله والله هو خالق العلم بالشيء للعبد وهمه به واقتداره عليه فإنه يجب على العبد رد الأمور كلها إلى الله والتبري من الحول والقوة إليه وأن يسأل ربه في أموره كلها واستدل به على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده لأنه لو كان كذلك لاكتفى بقوله : إن كنت تعلم أنه خير لي " عن قوله " وإن كنت تعلم أنه شر لي إلخ " لأنه إذا لم يكن خيرا فهو شر وفيه نظر لاحتمال وجود الواسطة واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة فقال ابن عبد السلام : يفعل ما اتفق ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود وفي آخره ثم يعزم وأول الحديث " إذا أراد أحدكم أمرا فليقل " وقال النووي في " الأذكار " يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره ويستدل له بحديث أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني " nindex.php?page=hadith&LINKID=855371إذا هممت بأمر فاستخر ربك سبعا ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك فإن الخير فيه " وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد لكن سنده واه جدا والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد " ولا حول ولا قوة إلا بالله "