9651 قوله ( باب ) بالتنوين كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ؟ أي في حياته وتخليهم عن الدنيا أي عن ملاذها والتبسط فيها الحديث الأول
قوله حدثنا أبو نعيم بنحو من نصف هذا الحديث ) قال الكرماني : يستلزم أن يكون الحديث بغير إسناد يعني غير موصول ; لأن النصف المذكور مبهم لا يدرى أهو الأول أو الثاني قلت يحتمل أيضا أن يكون قدر النصف الذي حدثه به أبو نعيم ملفقا من الحديث المذكور والذي يتبادر من الإطلاق أنه النصف الأول وقد جزم مغلطاي وبعض شيوخنا أن القدر المسموع له منه هو الذي ذكره في " باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن " من كتاب الاستئذان حيث قال " حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن ذر وأخبرنا محمد بن مقاتل أنبأنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله هو ابن المبارك أنبأنا عمر بن ذر أنبأنا مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=856583دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد لبنا في قدح فقال أبا هر الحق أهل الصفة فادعهم إلي قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا قال مغلطاي : فهذا هو القدر الذي سمعه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من أبي نعيم واعترضه الكرماني فقال [ ص: 288 ] ليس هذا ثلث الحديث ولا ربعه فضلا عن نصفه قلت وفيه نظر من وجهين آخرين أحدهما احتمال أن يكون هذا السياق nindex.php?page=showalam&ids=16418لابن المبارك فإنه لا يتعين كونه لفظ أبي نعيم ثانيهما أنه منتزع من أثناء الحديث فإنه ليس فيه القصة الأولى المتعلقة nindex.php?page=showalam&ids=3بأبي هريرة ولا ما في آخره من حصول البركة في اللبن إلخ .
نعم المحرر قول شيخنا في " النكت على ابن الصلاح " ما نصه القدر المذكور في الاستئذان بعض الحديث المذكور في الرقاق ، قلت فهو مما حدثه به أبو نعيم سواء كان بلفظه أم بمعناه وأما باقيه الذي لم يسمعه منه فقال الكرماني إنه يصير بغير إسناد فيعود المحذور كذا قال وكأن مراده أنه لا يكون متصلا لعدم تصريحه بأن أبا نعيم حدثه به لكن لا يلزم من ذلك محذور بل يحتمل كما قال شيخنا أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حدث به عن أبي نعيم بطريق الوجادة أو الإجازة أو حمله عن شيخ آخر غير أبي نعيم قلت أو سمع بقية الحديث من شيخ سمعه من أبي نعيم ولهذين الاحتمالين الأخيرين أوردته في " تعليق التعليق " فأخرجته من طريق علي بن عبد العزيز عن أبي نعيم تاما ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في المستخرج nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في " الدلائل " وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في " السنن الكبرى " عن أحمد بن يحيى الصوفي عن أبي نعيم بتمامه واجتمع لي ممن سمعه من عمر بن ذر شيخ أبي نعيم أيضا جماعة منهم روح بن عبادة أخرجه أحمد عنه nindex.php?page=showalam&ids=16637وعلي بن مسهر ومن طريقه أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=17416ويونس بن بكير ومن طريقه أخرجه الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي . وسأذكر ما في رواياتهم من فائدة زائدة .
ثم قال الكرماني مجيبا عن المحذور الذي ادعاه ما نصه اعتمد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على ما ذكره في الأطعمة عن يوسف بن عيسى فإنه قريب من نصف هذا الحديث فلعله أراد بالنصف هنا ما لم يذكره ثمة فيصير الكل مسندا بعضه عن يوسف وبعضه عن أبي نعيم قلت سند طريق يوسف مغاير لطريق أبي نعيم إلى nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فيعود المحذور بالنسبة إلى خصوص طريق أبي نعيم فإنه قال في أول كتاب الأطعمة " حدثنا يوسف بن عيسى حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17011محمد بن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال أصابني جهد " فذكر سؤاله عن الآية وذكر مرور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به وفيه " فانطلق بي إلى رحله فأمر لي بعس من لبن فشربت منه ثم قال عد " فذكره ولم يذكر قصة أصحاب الصفة ولا ما يتعلق بالبركة التي وقعت في اللبن وزاد في آخره ما دار بين nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وعمر وندم عمر على كونه ما استتبعه فظهر بذلك المغايرة بين الحديثين في السندين وأما المتن ففي أحد الطريقين ما ليس في الآخر لكن ليس في طريق أبي حازم من الزيادة كبير أمر والله أعلم
قوله ( عمر بن ذر ) بفتح المعجمة وتشديد الراء
قوله أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة كان يقول ) في رواية روح nindex.php?page=showalam&ids=17416ويونس بن بكير وغيرهما " حدثنا مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة "
قوله الله الذي لا إله إلا هو ) كذا للأكثر بحذف حرف الجر من القسم وهو في روايتنا بالخفض وحكى بعضهم جواز النصب وقال ابن التين رويناه بالنصب وقال ابن جني : إذا حذف حرف القسم نصب الاسم بعده بتقدير الفعل ومن العرب من يجر اسم الله وحده مع حذف حرف الجر فيقول الله لأقومن وذلك لكثرة ما يستعملونه . قلت وثبت في رواية روح nindex.php?page=showalam&ids=17416ويونس بن بكير وغيرهما بالواو في أوله فتعين الجر فيه
قوله إن كنت بسكون النون مخففة من الثقيلة ، وقوله " لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع " أي ألصق بطني بالأرض وكأنه كان يستفيد بذلك ما يستفيده من شد الحجر على بطنه أو هو كناية عن سقوطه إلى الأرض مغشيا عليه كما وقع في رواية أبي حازم في أول الأطعمة " فلقيت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فاستقرأته آية [ ص: 289 ] " فذكره قال " فمشيت غير بعيد فخررت على وجهي من الجهد والجوع فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي " الحديث وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الآتي في كتاب الاعتصام " لقد رأيتني وإني لأخر ما بين المنبر والحجرة من الجوع مغشيا علي فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى أن بي الجنون وما بي إلا الجوع " وعند ابن سعد من طريق الوليد بن رباح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " كنت من أهل الصفة وإن كان ليغشى علي فيما بين بيت عائشة nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة من الجوع " ومضى أيضا في مناقب جعفر من طريق سعيد المقبري nindex.php?page=hadith&LINKID=856584عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " وإني كنت ألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لشبع بطني " وفيه " كنت ألصق بطني بالحصى من الجوع وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني " وزاد فيه الترمذي " وكنت إذا سألت nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب لم يجبني حتى يذهب بي إلى منزله "
قوله وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع عند أحمد في طريق عبد الله بن شقيق " أقمت مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة سنة فقال لو رأيتنا وإنه ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعاما يقيم به صلبه حتى إن كان أحدنا ليأخذ الحجر فيشد به على أخمص بطنه ثم يشده بثوبه ليقيم به صلبه " قال العلماء فائدة شد الحجر المساعدة على الاعتدال والانتصاب أو المنع من كثرة التحلل من الغذاء الذي في البطن لكون الحجر بقدر البطن فيكون الضعف أقل أو لتقليل حرارة الجوع ببرد الحجر أو لأن فيه الإشارة إلى كسر النفس وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أشكل الأمر في شد الحجر على البطن من الجوع على قوم فتوهموا أنه تصحيف وزعموا أنه الحجز بضم أوله وفتح الجيم بعدها زاي جمع الحجزة التي يشد بها الوسط قال ومن أقام بالحجاز وعرف عادتهم عرف أن الحجر واحد الحجارة وذلك أن المجاعة تعتريهم كثيرا فإذا خوى بطنه لم يمكن معه الانتصاب فيعمد حينئذ إلى صفائح رقاق في طول الكف أو أكبر فيربطها على بطن وتشد بعصابة فوقها فتعتدل قامته بعض الاعتدال والاعتماد بالكبد على الأرض مما يقارب ذلك . قلت سبقه إلى الإنكار المذكور nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم بن حبان في صحيحه فلعله أشار إلى الرد عليه وقد ذكرت كلامه وتعقبه في " باب التنكيل لمن أراد الوصال " من كتاب الصيام
قوله ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه ) الضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبعض أصحابه ممن كان طريق منازلهم إلى المسجد متحدة
قوله فمر أبو بكر فسألته عن آية ما سألته إلا ليشبعني بالمعجمة والموحدة من الشبع ووقع في رواية الكشميهني " ليستتبعني " بمهملة ومثناتين وموحدة أي يطلب مني أن أتبعه ليطعمني وثبت كذلك في رواية روح وأكثر الرواة
قوله فمر ولم يفعل أي الإشباع أو الاستتباع
قوله حتى مر بي عمر ) يشير إلى أنه استمر في مكانه بعد ذهاب أبي بكر إلى أن مر عمر ووقع في قصة عمر من الاختلاف في قوله : ليشبعني " نظير ما وقع في التي قبلها وزاد في رواية أبي حازم " فدخل داره وفتحها علي " أي قرأ الذي استفهمته عنه ولعل العذر لكل من أبي بكر وعمر حمل سؤال nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة على ظاهره أو فهما ما أراده ولكن لم يكن عندهما إذ ذاك ما يطعمانه لكن وقع في رواية أبي حازم من الزيادة أن عمر تأسف على عدم إدخاله nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة داره ولفظه " فلقيت عمر فذكرت له وقلت له ولى الله ذلك من كان أحق به منك يا عمر " وفيه " قال عمر والله لأن أكون أدخلتك أحب إلي من أن يكون لي حمر النعم " فإن فيه إشعارا بأنه كان عنده [ ص: 290 ] ما يطعمه إذ ذاك فيرجح الاحتمال الأول ولم يعرج على ما رمزه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة من كنايته بذلك عن طلب ما يؤكل وقد استنكر بعض مشايخنا ثبوت هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لاستبعاد مواجهة nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لعمر بذلك وهو استبعاد مستبعد
قوله وما في وجهي كأنه عرف من حال وجهه ما في نفسه من احتياجه إلى ما يسد رمقه ووقع في رواية علي بن مسهر وروح " وعرف ما في وجهي أو نفسي " بالشك
قوله ثم قال لي يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ) في رواية علي بن مسهر " فقال أبو هر " وفي رواية روح " فقال أبا هر " فأما النصب فواضح وأما الرفع فهو على لغة من لا يعرف لفظ الكنية أو هو للاستفهام أي أنت أبو هر ؟ وأما قوله " هر " فهو بتشديد الراء وهو من رد الاسم المؤنث إلى المذكر والمصغر إلى المكبر فإن كنيته في الأصل nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة تصغير هرة مؤنثا وأبو هر مذكر مكبر وذكر بعضهم أنه يجوز فيه تخفيف الراء مطلقا فعلى هذا يسكن ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير " فقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أي أنت nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة وقد ذكرت توجيهه قبل
قوله قلت لبيك رسول الله ) كذا فيه بحذف حرف النداء ووقع في رواية علي بن مسهر " فقلت لبيك يا رسول الله وسعديك "
قوله ( الحق ) بهمزة وصل وفتح المهملة أي اتبع
قوله ومضى فاتبعته ) زاد في رواية علي بن مسهر فلحقته
قوله ( فدخل ) زاد علي بن مسهر إلى أهله
قوله ( فأستأذن ) بهمزة بعد الفاء والنون مضمومة فعل متكلم وعبر عنه بذلك مبالغة في التحقق ووقع في رواية علي بن مسهر ويونس وغيرهما " فاستأذنت "
قوله فأذن لي فدخل كذا فيه وهو إما تكرار لهذه اللفظة لوجود الفصل أو التفات ووقع في رواية علي بن مسهر " فدخلت " وهي واضحة
قوله فوجد لبنا في قدح في رواية علي بن مسهر "
قوله فقال من أين هذا اللبن ) زاد روح " لكم " وفي رواية ابن مسهر " فقال لأهله من أين لكم هذا "
قوله قالوا أهداه لك فلان أو فلانة كذا بالشك ولم أقف على اسم من أهداه وفي رواية روح " أهداه لنا فلان أو آل فلان " وفي رواية يونس " أهداه لنا فلان "
[ ص: 291 ] قوله الحق إلى أهل الصفة كذا عدى الحق بإلى وكأنه ضمنها معنى انطلق ووقع في رواية روح بلفظ " انطلق "
قوله قال وأهل الصفة من أضياف الإسلام سقط لفظ " قال من رواية روح ولا بد منها فإنه كلام nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قاله شارحا لحال أهل الصفة وللسبب في استدعائهم فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخصهم بما يأتيه من الصدقة ويشركهم فيما يأتيه من الهدية وقد وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير هذا القدر في أول الحديث ولفظه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " nindex.php?page=hadith&LINKID=856586قال كان أهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال والله الذي لا إله إلا هو إلخ " وفيه إشعار بأن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة كان منهم
قوله لا يأوون على أهل ولا مال ) في رواية روح والأكثر " إلى " بدل على
قوله إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا أي لنفسه وفي رواية روح " ولم يصب منها شيئا " وزاد " ولم يشركهم فيها "
قوله وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها في رواية علي بن مسهر " وشركهم " بالتشديد وقال " فيها أو منها " بالشك ووقع عند يونس " الصدقة والهدية " بالتعريف فيهما وقد تقدم في الزكاة وغيرها بيان أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة وتقدم في الهبة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مختصرا من رواية محمد بن زياد عنه nindex.php?page=hadith&LINKID=856591كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قيل صدقة قال لأصحابه كلوا ولم يأكل وإن قيل هدية ضرب بيده فأكل معهم nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من هذا الوجه " إذا أتي بطعام من غير أهله " ويجمع بين هذا وبين ما وقع في حديث الباب بأن ذلك كان قبل أن تبنى الصفة فكان يقسم الصدقة فيمن يستحقها ويأكل من الهدية مع من حضر من أصحابه .
وقد أخرج أبو نعيم في " الحلية " من مرسل الحسن قال " بنيت صفة في المسجد لضعفاء المسلمين " ويحتمل أن يكون ذلك باختلاف حالين فيحمل حديث الباب على ما إذا لم يحضره أحد فإنه يرسل ببعض الهدية إلى أهل الصفة أو يدعوهم إليه كما في [ ص: 292 ] قصة الباب وإن حضره أحد يشركه في الهدية فإن كان هناك فضل أرسله إلى أهل الصفة أو دعاهم ووقع في حديث طلحة بن عمرو الذي ذكرته آنفا " nindex.php?page=hadith&LINKID=856592وكنت فيمن نزل الصفة فوافقت رجلا فكان يجري علينا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل يوم مد من تمر بين كل رجلين " وفي رواية أحمد " nindex.php?page=hadith&LINKID=856593فنزلت في الصفة مع رجل فكان بيني وبينه كل يوم مد من تمر " وهو محمول أيضا على اختلاف الأحوال فكان أولا يرسل إلى أهل الصفة بما حضره أو يدعوهم أو يفرقهم على من حضر إن لم يحضره ما يكفيهم فلما فتحت فدك وغيرها صار يجري عليهم من التمر في كل يوم ما ذكر وقد اعتنى بجمع أسماء أهل الصفة أبو سعيد بن الأعرابي وتبعه أبو عبد الرحمن السلمي فزاد أسماء وجمع بينهما أبو نعيم في أوائل " الحلية " فسرد جميع ذلك ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الماضي في علامات النبوة أنهم كانوا سبعين وليس المراد حصرهم في هذا العدد وإنما هي عدة من كان موجودا حين القصة المذكورة وإلا فمجموعهم أضعاف ذلك كما بينا من اختلاف أحوالهم
قوله فساءني ذلك ) زاد في رواية علي بن مسهر " والله " والإشارة إلى ما تقدم من قوله : ادعهم لي " وقد بين ذلك بقوله فقلت أي في نفسي وما هذا اللبن ؟ أي ما قدره في أهل الصفة ) ؟ والواو عاطفة على شيء محذوف ووقع في رواية يونس بحذف الواو زاد في روايته " وأنا رسوله إليهم " وفي رواية علي بن مسهر ، " وأين يقع هذا اللبن من أهل الصفة وأنا ورسول الله " ؟ وهو بالجر عطفا على أهل الصفة ويجوز الرفع والتقدير وأنا ورسول الله معهم
قوله وكنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها زاد في رواية روح يومي وليلتي
قوله فإذا جاء كذا فيه بالإفراد أي من أمرني بطلبه وللأكثر " فإذا جاءوا " بصيغة الجمع
قوله فأتيتهم فدعوتهم قال الكرماني : ظاهره أن الإتيان والدعوة وقع بعد الإعطاء وليس كذلك ثم أجاب بأن معنى قوله " فكنت أنا أعطيهم " عطف على جواب " فإذا جاءوا " فهو بمعنى الاستقبال قلت وهو ظاهر من السياق
قوله فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ) أي فقعد كل منهم في المجلس الذي يليق به ولم أقف على عددهم إذ ذاك وقد تقدم في أبواب المساجد في أوائل كتاب الصلاة من طريق أبي حازم عن [ ص: 293 ] nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " رأيت سبعين من أصحاب الصفة " الحديث وفيه إشعار بأنهم كانوا أكثر من ذلك وذكرت هناك أن أبا عبد الرحمن السلمي nindex.php?page=showalam&ids=12586وأبا سعيد بن الأعرابي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم اعتنوا بجمع أسمائهم فذكر كل منهم من لم يذكر الآخر وجمع الجميع أبو نعيم في " الحلية " وعدتهم تقرب من المائة لكن الكثير من ذلك لا يثبت وقد بين كثيرا من ذلك أبو نعيم وقد قال أبو نعيم : كان عدد أهل الصفة يختلف بحسب اختلاف الحال فربما اجتمعوا فكثروا وربما تفرقوا إما لغزو أو سفر أو استفتاء فقلوا ووقع في عوارف السهروردي أنهم كانوا أربعمائة
قوله فقال يا أبا هر في رواية علي بن مسهر " فقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة " وقد تقدم توجيه ذلك
قوله خذ فأعطهم أي القدح الذي فيه اللبن وصرح به في رواية يونس .
قوله أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح فأعطيه الرجل أي الذي إلى جنبه قال الكرماني : هذا فيه أن المعرفة إذا أعيدت معرفة لا تكون عين الأول والتحقيق أن ذلك لا يطرد بل الأصل أن تكون عينه إلا أن تكون هناك قرينة تدل على أنه غيره مثل ما وقع هنا من قوله " حتى انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " فإنه يدل على أنه أعطاهم واحدا بعد واحد إلى أن كان آخرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت وقع في رواية يونس " ثم يرده فأناوله الآخر " وفي رواية علي بن مسهر " قال خذ فناولهم قال فجعلت أناول الإناء رجلا رجلا فيشرب فإذا روي أخذته فناولته الآخر حتى روي القوم جميعا " وعلى هذا فاللفظ المذكور من تصرف الرواة فلا حجة فيه لخرم القاعدة
قوله حتى انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روي القوم كلهم أي فأعطيته القدح
قوله فأخذ القدح زاد روح " وقد بقيت فيه فضلة "
قوله فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم ) في رواية علي بن مسهر " فرفع رأسه فتبسم " كأنه - صلى الله عليه وسلم - كان تفرس في nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ما كان وقع في توهمه أن لا يفضل له من اللبن شيء كما تقدم تقريره فلذلك تبسم إليه إشارة إلى أنه لم يفته شيء
قوله فقال أبا هر كذا فيه بحذف حرف النداء وفي رواية علي بن مسهر " فقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة " وقد تقدم توجيهه
قوله بقيت أنا وأنت كأن ذلك بالنسبة إلى من حضر من أهل الصفة فأما من كان في البيت من أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يتعرض لذكرهم ويحتمل أن البيت إذ ذاك ما كان فيه أحد منهم أو كانوا أخذوا كفايتهم وكان اللبن الذي في ذلك القدح نصيب النبي - صلى الله عليه وسلم -
قوله اقعد فاشرب ) في رواية علي بن مسهر " قال خذ فاشرب "
قوله فما زال يقول اشرب في رواية روح " فما زال يقول لي "
قوله ما أجد له مسلكا ) في رواية روح " في مسلكا "
قوله ( فأرني ) في رواية روح " فقال ناولني القدح "
[ ص: 294 ] قوله فحمد الله وسمى ) أي حمد الله على ما من به من البركة التي وقعت في اللبن المذكور مع قلته حتى روي القوم كلهم وأفضلوا وسمى في ابتداء الشرب
قوله وشرب الفضلة أي البقية وهي رواية علي بن مسهر وفي رواية روح " فشرب من الفضلة " وفيه إشعار بأنه بقي بعد شربه شيء فإن كانت محفوظة فلعله أعدها لمن بقي في البيت إن كان وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم استحباب الشرب من قعود وأن خادم القوم إذا دار عليهم بما يشربون يتناول الإناء من كل واحد فيدفعه هو إلى الذي يليه ولا يدع الرجل يناول رفيقه لما في ذلك من نوع امتهان الضيف وفيه معجزة عظيمة وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته - صلى الله عليه وسلم - . وفيه جواز الشبع ولو بلغ أقصى غايته أخذا من قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " لا أجد له مسلكا " وتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك خلافا لمن قال بتحريمه وإذا كان ذلك في اللبن مع رقته ونفوذه فكيف بما فوقه من الأغذية الكثيفة لكن يحتمل أن يكون ذلك خاصا بما وقع في تلك الحال فلا يقاس عليه وقد أورد الترمذي عقب حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة هذا حديث بن عمر رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=856597أكثرهم في الدنيا شبعا أطولهم جوعا يوم القيامة وقال حسن وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة . قلت وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وضعفه أحمد . وفي الباب أيضا حديث المقدام بن معد يكرب رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=856598ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه الحديث أخرجه الترمذي أيضا وقال حسن صحيح ويمكن الجمع بأن يحمل الزجر على من يتخذ الشبع عادة لما يترتب على ذلك من الكسل عن العبادة وغيرها ويحمل الجواز على من وقع له ذلك نادرا ولا سيما بعد شدة جوع واستبعاد حصول شيء بعده عن قرب .
وفيه أن كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها والتصريح بها . وفيه كرم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإيثاره على نفسه وأهله وخادمه . وفيه ما كان بعض الصحابة عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ضيق الحال وفضل nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وتعففه عن التصريح بالسؤال واكتفاؤه بالإشارة إلى ذلك وتقديمه طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - على حظ نفسه مع شدة احتياجه وفضل أهل الصفة . وفيه أن المدعو إذا وصل إلى دار الداعي لا يدخل بغير استئذان وقد تقدم البحث فيه في كتاب الاستئذان مع الكلام على حديث رسول الرجل إذنه . وفيه جلوس كل أحد في المكان اللائق به . وفيه إشعار بملازمة أبي بكر وعمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ودعاء الكبير خادمه بالكنية وفيه ترخيم الاسم على ما تقدم والعمل بالفراسة وجواب المنادى بلبيك واستئذان الخادم على مخدومه إذا دخل منزله وسؤال الرجل عما يجده في منزله مما لا عهد له به ليرتب على ذلك مقتضاه وقبول النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية وتناوله منها وإيثاره ببعضها الفقراء وامتناعه من تناول الصدقة ووضعه لها فيمن يستحقها وشرب الساقي آخرا وشرب صاحب المنزل بعده والحمد على النعم والتسمية عند الشرب .