6175 حدثنا عمران بن ميسرة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17011ابن فضيل حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15721حصين ح قال أبو عبد الله وحدثني أسيد بن زيد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن nindex.php?page=showalam&ids=15721حصين قال كنت عند nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير فقال حدثني nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال nindex.php?page=hadith&LINKID=656059قال النبي صلى الله عليه وسلم عرضت علي الأمم فأخذ النبي يمر معه الأمة والنبي يمر معه النفر والنبي يمر معه العشرة والنبي يمر معه الخمسة والنبي يمر وحده فنظرت فإذا سواد كثير قلت يا جبريل هؤلاء أمتي قال لا ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد كثير قال هؤلاء أمتك وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب قلت ولم قال كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام إليه nindex.php?page=showalam&ids=5735عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلني منهم قال اللهم اجعله منهم ثم قام إليه رجل آخر قال ادع الله أن يجعلني منهم قال سبقك بها عكاشة
" 9771 [ ص: 414 ] قوله ( باب nindex.php?page=hadith&LINKID=855868يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب ) فيه إشارة إلى أن وراء التقسيم الذي تضمنته الآية المشار إليها في الباب الذي قبله أمرا آخر وأن من المكلفين من لا يحاسب أصلا ومنهم من يحاسب حسابا يسيرا ومنهم من يناقش الحساب وذكر فيه خمسة أحاديث
9772 الحديث الأول قوله حدثنا ابن الفضيل هو محمد وحصين هو ابن عبد الرحمن الواسطي .
قوله قال nindex.php?page=showalam&ids=12070أبو عبد الله هو البخاري .
قوله وحدثني أسيد ) بفتح الهمزة وكسر المهملة هو ابن زيد الجمال بالجيم كوفي حدث ببغداد قال أبو حاتم : كانوا يتكلمون فيه وضعفه جماعة وأفحش ابن معين فيه القول وليس له عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الموضع وقد قرنه فيه بغيره ولعله كان عنده ثقة قاله أبو مسعود ويحتمل أن لا يكون خبر أمره كما ينبغي وإنما سمع منه هذا الحديث الواحد وقد وافقه عليه جماعة منهمشريح بن النعمان عند أحمد وسعيد بن منصور عند مسلم وغيرهما وإنما احتاج إليه فرارا من تكرير الإسناد بعينه فإنه أخرج السند الأول في الطب في " باب من اكتوى " ثم أعاده هنا فأضاف إليه طريق هشيم وتقدم له في الطب أيضا في باب من لم يرق من طريق حصين بن بهز عن حصين بن عبد الرحمن وتقدم باختصار قريبا من طريق شعبة عن حصين بن عبد الرحمن .
قوله كنت عند سعيد بن جبير فقال حدثني ابن عباس ) زاد ابن فضيل في رواية عن حصين عن nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر وهو الشعبي عن عمران بن حصين لا رقية إلا من عين الحديث وقد بينت الاختلاف في رفع حديث عمران هذا والاختلاف في سنده أيضا في كتاب الطب وأن في رواية هشيم زيادة قصة وقعت لحصين بن عبد الرحمن مع سعيد بن جبير فيما يتعلق بالرقية وذكرت حكم الرقية هناك
قوله ( عرضت ) بضم أوله على البناء للمجهول
قوله علي بالتشديد الأمم بالرفع وقد بين عبثر بن القاسم بموحدة ثم مثلثة وزن جعفر في روايته عن [ ص: 415 ] حصين بن عبد الرحمن عند الترمذي والنسائي أن ذلك كان ليلة الإسراء ولفظه لما أسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يمر بالنبي ومعه الواحد الحديث فإن كان ذلك محفوظا كانت فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الإسراء وأنه وقع بالمدينة أيضا غير الذي وقع بمكة فقد وقع عند أحمد والبزار بسند صحيح قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=855869أكثرنا الحديث عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عدنا إليه فقال عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة والنبي يمر ومعه العصابة فذكر الحديث . وفي حديث جابر عند البزار أبطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العشاء حتى نام بعض من كان في المسجد الحديث والذي يتحرر من هذه المسألة أن الإسراء الذي وقع بالمدينة ليس فيه ما وقع بمكة من استفتاح أبواب السماوات بابا بابا ولا من التقاء الأنبياء كل واحد في سماء ولا المراجعة معهم ولا المراجعة مع موسى فيما يتعلق بفرض الصلوات ولا في طلب تخفيفها وسائر ما يتعلق بذلك وإنما تكررت قضايا كثيرة سوى ذلك رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنها بمكة البعض ومنها بالمدينة بعد الهجرة البعض ومعظمها في المنام والله أعلم
قوله ( فأجد ) بكسر الجيم بلفظ المتكلم بالفعل المضارع وفيه مبالغة لتحقق صورة الحال وفي رواية الكشميهني " فأخذ " بفتح الخاء والذال المعجمتين بلفظ الفعل الماضي
قوله ( النبي ) بالنصب وفي رواية الكشميهني بالرفع على أنه الفاعل
قوله يمر معه الأمة أي العدد الكثير
قوله والنبي يمر معه النفر والنبي يمر معه العشر بفتح المهملة وسكون المعجمة وفي رواية المستملي بكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم راء ووقع في رواية ابن فضيل " فجعل النبي والنبيان يمرون ومعهم الرهط " زاد عبثر في روايته " والشيء " وفي رواية حصين بن نمير نحوه لكن بتقديم وتأخير وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور التي أشرت إليها آنفا فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي ليس معه أحد والنبي معه الخمسة والرهط تقدم بيانه في شرح حديث أبي سفيان في قصة هرقل أول الكتاب وفي حديث ابن مسعود فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة والنبي يمر ومعه العصابة والنبي يمر وليس معه أحد . والحاصل من هذه الرويات أن الأنبياء يتفاوتون في عدد أتباعهم .
قوله فنظرت فإذا سواد كثير في رواية حصين بن نمير فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق والسواد ضد البياض هو الشخص الذي يرى من بعيد وصفه بالكثير إشارة إلى أن المراد بلفظ الجنس لا الواحد ووقع في رواية ابن فضيل " ملأ الأفق " الأفق الناحية والمراد به هنا ناحية السماء
قوله قلت يا جبريل هؤلاء أمتي ؟ قال لا في رواية حصين بن نمير فرجوت أن تكون أمتي فقيل هذا موسى في قومه . وفي حديث ابن مسعود عند أحمد حتى مر على موسى في كبكبة من بني إسرائيل فأعجبني فقلت من هؤلاء ؟ فقيل هذا أخوك موسى معه بنو إسرائيل والكبكبة بفتح الكاف ويجوز ضمها بعدها موحدة هي الجماعة من الناس إذا انضم بعضهم إلى بعض
قوله ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد كثير في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور " عظيم " وزاد فقيل لي : انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي : انظر إلى الأفق الآخر مثله وفي رواية ابن فضيل فإذا سواد قد ملأ الأفق فقيل لي انظر ههنا وههنا في آفاق السماء وفي حديث ابن مسعود فإذا الأفق قد سد [ ص: 416 ] بوجوه الرجال وفي لفظ لأحمد فرأيت أمتي قد ملئوا السهل والجبل فأعجبني كثرتهم وهيئتهم فقيل أرضيت يا محمد ؟ قلت نعم أي رب وقد استشكل nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي كونه - صلى الله عليه وسلم - لم يعرف أمته حتى ظن أنهم أمة موسى وقد ثبت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة كما تقدم في الطهارة كيف تعرف من لم تر من أمتك ؟ فقال إنهم غر محجلون من أثر الوضوء وفي لفظ سيما ليست لأحد غيرهم وأجاب بأن الأشخاص التي رآها في الأفق لا يدرك منها إلا الكثرة من غير تمييز لأعيانهم وأما ما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فمحمول على ما إذا قربوا منه وهذا كما يرى الشخص شخصا على بعد فيكلمه ولا يعرف أنه أخوه فإذا صار بحيث يتميز عن غيره عرفه ويؤيده أن ذلك يقع عند ورودهم عليه الحوض
قوله هؤلاء أمتك وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور " معهم " بدل قدامهم وفي رواية حصين بن نمير " ومع هؤلاء " وكذا في حديث ابن مسعود والمراد بالمعية المعنوية فإن السبعين ألفا المذكورين من جملة أمته لكن لم يكونوا في الذين عرضوا إذ ذاك فأريد الزيادة في تكثير أمته بإضافة السبعين ألفا إليهم وقد وقع في رواية ابن فضيل ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب وفي رواية عبثر بن القاسم هؤلاء أمتك ومن هؤلاء من أمتك سبعون ألفا والإشارة بهؤلاء إلى الأمة لا إلى خصوص من عرض ويحتمل أن تكون مع بمعنى من فتأتلف الروايات
قوله قلت ولم بكسر اللام وفتح الميم ويجوز إسكانها يستفهم بها عن السبب وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور وشريح عن هشيم " ثم نهض - أي النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل منزله فحاص الناس في أولئك فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه فقال هم الذين " وفي رواية عبثر " فدخل ولم يسألوه ولم يفسر لهم " والباقي نحوه وفي رواية ابن فضيل " فأفاض القوم فقالوا نحن الذين آمنا بالله واتبعنا الرسول فنحن هم أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج فقال " وفي رواية حصين بن نمير " فقالوا أما نحن فولدنا في الشرك ولكنا آمنا بالله وبرسوله ولكن هؤلاء هم أبناؤنا " وفي حديث جابر " وقال بعضنا هم الشهداء " وفي رواية له " من رق قلبه للإسلام "
قوله كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون اتفق على ذكر هذه الأربع معظم الروايات في حديث ابن عباس وإن كان عند البعض تقديم وتأخير وكذا في حديث عمران بن حصين عند مسلم وفي لفظ له سقط " ولا يتطيرون " هكذا في حديث ابن مسعود وفي حديث جابر اللذين أشرت إليهما بنحو الأربع ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور عند مسلم " ولا يرقون " بدل " ولا يكتوون " وقد أنكر الشيخ تقي الدين بن تيمية هذه الرواية وزعم أنها غلط من راويها واعتل بأن الراقي يحسن إلى الذي يرقيه فكيف يكون ذلك مطلوب الترك ؟ وأيضا فقد رقى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - ورقى النبي أصحابه وأذن لهم في الرقى وقال : من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل والنفع مطلوب قال وأما المسترقي فإنه يسأل غيره ويرجو نفعه وتمام التوكل ينافي ذلك . قال وإنما المراد وصف السبعين بتمام التوكل فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم ولا يكويهم ولا يتطيرون من شيء وأجاب غيره بأن الزيادة من الثقة مقبولة nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور حافظ وقد اعتمده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم واعتمد مسلم على روايته هذه وبأن تغليط الراوي مع إمكان تصحيح الزيادة لا يصار إليه والمعنى الذي حمله على [ ص: 417 ] التغليط موجود في المسترقي لأنه اعتل بأن الذي لا يطلب من غيره أن يرقيه تام التوكل فكذا يقال له والذي يفعل غيره به ذلك ينبغي أن لا يمكنه منه لأجل تمام التوكل وليس في وقوع ذلك من جبريل دلالة على المدعى ولا في فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - له أيضا دلالة ؛ لأنه في مقام التشريع وتبين الأحكام ويمكن أن يقال : إنما ترك المذكورون الرقى والاسترقاء حسما للمادة لأن فاعل ذلك لا يأمن أن يكل نفسه إليه وإلا فالرقية في ذاتها ليست ممنوعة وإنما منع منها ما كان شركا أو احتمله ومن ثم قال - صلى الله عليه وسلم - اعرضوا علي رقاكم ولا بأس بالرقى ما لم يكن شرك ففيه إشارة إلى علة النهي كما تقدم تقرير ذلك واضحا في كتاب الطب
وقد نقل القرطبي عن غيره أن استعمال الرقى والكي قادح في التوكل بخلاف سائر أنواع الطب وفرق بين القسمين بأن البرء فيهما أمر موهوم وما عداهما محقق عادة كالأكل والشرب فلا يقدح قال القرطبي وهذا فاسد من وجهين أحدهما أن أكثر أبواب الطب موهوم والثاني أن الرقى بأسماء الله - تعالى - تقتضي التوكل عليه والالتجاء إليه والرغبة فيما عنده والتبرك بأسمائه فلو كان ذلك قادحا في التوكل لقدح الدعاء إذ لا فرق بين الذكر والدعاء وقد رقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ورقى وفعله السلف والخلف فلو كان مانعا من اللحاق بالسبعين أو قادحا في التوكل لم يقع من هؤلاء وفيهم من هو أعلم وأفضل ممن عداهم
وتعقب بأنه بنى كلامه على أن السبعين المذكورين أرفع رتبة من غيرهم مطلقا وليس كذلك لما سأبينه وجوز أبو طالب بن عطية في " موازنة الأعمال " أن السبعين المذكورين هم المراد بقوله - تعالى - والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم فإن أراد أنهم من جملة السابقين فمسلم وإلا فلا ، وقد أخرج أحمد وصححه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من حديث رفاعة الجهني قال " أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر حديثا وفيه " nindex.php?page=hadith&LINKID=855870وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة فهذا يدل على أن مزية السبعين بالدخول بغير حساب لا يستلزم أنهم أفضل من غيرهم بل فيمن يحاسب في الجملة من يكون أفضل منهم وفيمن يتأخر عن الدخول ممن تحققت نجاته وعرف مقامه من الجنة يشفع في غيره من هو أفضل منهم وسأذكر بعد قليل من حديث أم قيس بنت محصن أن السبعين ألفا ممن يحشر من مقبرة البقيع بالمدينة وهي خصوصية أخرى
قوله ولا يتطيرون تقدم بيان الطيرة في كتاب الطب والمراد أنهم لا يتشاءمون كما كانوا يفعلون في الجاهلية
قوله وعلى ربهم يتوكلون يحتمل أن تكون هذه الجملة مفسرة لما تقدم من ترك الاسترقاء والاكتواء والطيرة ويحتمل أن تكون من العام بعد الخاص لأن صفة واحدة منها صفة خاصة من التوكل وهو أعم من ذلك وقد مضى القول في التوكل في " باب ومن يتوكل على الله فهو حسبه " قريبا وقال القرطبي وغيره قالت طائفة من الصوفية : لا يستحق اسم التوكل إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله - تعالى - حتى لو هجم عليه الأسد لا ينزعج وحتى لا يسعى في طلب الرزق لكون الله ضمنه له وأبى هذا الجمهور وقالوا يحصل التوكل بأن يثق بوعد الله ويوقن بأن قضاءه واقع ولا يترك اتباع السنة في ابتغاء الرزق مما لا بد له منه من مطعم ومشرب وتحرز من عدو بإعداد السلاح وإغلاق الباب ونحو ذلك ومع ذلك فلا يطمئن إلى الأسباب بقلبه بل يعتقد أنها لا تجلب بذاتها نفعا ولا تدفع ضرا بل السبب والمسبب فعل الله - تعالى - والكل بمشيئته فإذا وقع من المرء ركون إلى السبب قدح في توكله وهم مع ذلك فيه على قسمين واصل وسالك فالأول صفة الواصل وهو الذي لا يلتفت إلى [ ص: 418 ] الأسباب ولو تعاطاها وأما السالك فيقع له الالتفات إلى السبب أحيانا إلا أنه قد يدفع ذلك عن نفسه بالطرق العلمية والأذواق الحالية إلى أن يرتقي إلى مقام الواصل وقال أبو القاسم القشيري : التوكل محله القلب ، وأما الحركة الظاهرة فلا تنافيه إذا تحقق العبد أن الكل من قبل الله ، فإن تيسر شيء فبتيسيره وإن تعسر فبتقديره . ومن الأدلة على مشروعية الاكتساب ما تقدم في البيوع من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=855871أفضل ما أكل الرجل من كسبه وكان داود يأكل من كسبه فقد قال - تعالى - وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم وقال - تعالى - وخذوا حذركم . وأما قول القائل : كيف تطلب ما لا تعرف مكانه فجوابه أنه يفعل السبب المأمور به ويتوكل على الله فيما يخرج عن قدرته فيشق الأرض مثلا ويلقي الحب ويتوكل على الله في إنباته وإنزال الغيث له ويحصل السلعة مثلا وينقلها ويتوكل على الله في إلقاء الرغبة في قلب من يطلبها منه بل ربما كان التكسب واجبا كقادر على الكسب يحتاج عياله للنفقة فمتى ترك ذلك كان عاصيا
وسلك الكرماني في الصفات المذكورة مسلك التأويل فقال : قوله " لا يكتوون " معناه إلا عند الضرورة مع اعتقاد أن الشفاء من الله لا من مجرد الكي وقوله " ويسترقون " معناه بالرقى التي ليست في القرآن والحديث الصحيح كرقى الجاهلية وما لا يؤمن أن يكون فيه شرك وقوله " ولا يتطيرون " أي لا يتشاءمون بشيء فكأن المراد أنهم الذين يتركون أعمال الجاهلية في عقائدهم
قال فإن قيل إن المتصف بهذا أكثر من العدد المذكور فما وجه الحصر فيه ؟ وأجاب باحتمال أن يكون المراد به التكثير لا خصوص العدد قلت الظاهر أن العدد المذكور على ظاهره فقد وقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ثاني أحاديث الباب وصفهم بأنهم تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر ومضى في بدء الخلق من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=855872أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر والذين على آثارهم كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة وأخرجه مسلم من طرق عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : منها رواية أبي يونس nindex.php?page=showalam&ids=17258وهمام عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " على صورة القمر " وله من حديث جابر فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا لا يحاسبون وقد وقع في أحاديث أخرى أن مع السبعين ألفا زيادة عليهم ففي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في البعث من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : سألت ربي فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي ، فذكر الحديث نحو سياق حديث nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ثاني أحاديث الباب وزاد فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا وسنده جيد وفي الباب عن أبي أيوب عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وعن حذيفة عند أحمد وعن أنس عند البزار وعن ثوبان عند ابن أبي عاصم فهذه طرق يقوي بعضها بعضا وجاء في أحاديث أخرى من ذلك فأخرج الترمذي وحسنه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=855873وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وثلاث حثيات من حثيات ربي .
قوله فقام إليه عكاشة ) بضم المهملة وتشديد الكاف ويجوز تخفيفها يقال عكش الشعر ويعكش إذا التوى حكاه القرطبي وحكى السهيلي أنه من عكش القوم إذا حمل عليهم وقيل العكاشة بالتخفيف العنكبوت ويقال أيضا لبيت النمل ومحصن بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الصاد المهملتين ثم نون آخره هو ابن حرثان بضم المهملة وسكون الراء بعدها مثلثة من بني أسد بن خزيمة ومن حلفاء بني أمية . كان عكاشة من السابقين إلى الإسلام وكان من أجمل الرجال وكنيته أبو محصن وهاجر وشهد بدرا وقاتل فيها قال ابن إسحاق بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=855877خير فارس في العرب عكاشة وقال أيضا قاتل يوم بدر قتالا شديدا حتى انقطع سيفه في يده فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جزلا من حطب فقال قاتل بهذا فقاتل به فصار في يده سيفا طويلا شديد المتن أبيض فقاتل به حتى فتح الله فكان ذلك السيف عنده حتى استشهد في قتال الردة مع خالد بن الوليد سنة اثنتي عشرة
قوله فقال : ادع الله أن يجعلني منهم قال اللهم اجعله منهم ) في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ثاني أحاديث الباب مثله وعند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق محمد بن زياد عنه - وساق مسلم سنده - قال " فدعا " ووقع في رواية حصين بن نمير ومحمد بن فضيل " قال أمنهم أنا يا رسول الله ؟ قال له نعم " ويجمع بأنه سأل الدعاء أولا فدعا له ثم استفهم قيل أجبت
[ ص: 420 ] قوله ثم قام إليه رجل آخر وقع فيه من الاختلاف هل قال " ادع لي " أو قال " أمنهم أنا " كما وقع في الذي قبله ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي بعده " رجل من الأنصار " وجاء من طريق واهية أنه سعد بن عبادة أخرجه الخطيب في " المبهمات " من طريق nindex.php?page=showalam&ids=11979أبي حذيفة إسحاق بن بشر البخاري أحد الضعفاء من طريقين له عن مجاهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انصرف من غزاة بني المصطلق فساق قصة طويلة وفيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=855878أهل الجنة عشرون ومائة صف ; ثمانون صفا منها أمتي وأربعون صفا سائر الأمم ولي مع هؤلاء سبعون ألفا مدخلون الجنة بغير حساب ، قيل من هم " فذكر الحديث وفيه " فقال اللهم اجعل عكاشة منهم ، مال فاستشهد بعد ذلك ثم قام nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة الأنصاري فقال يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم " الحديث وهذا مع ضعفه وإرساله يستبعد من جهة جلالة سعد بن عبادة فإن كان محفوظا فلعله آخر باسم سيد الخزرج واسم أبيه ونسبته فإن في الصحابة كذلك آخر له في مسند nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد حديث وفي الصحابة سعد بن عمارة الأنصاري فلعل اسم أبيه تحرف
قوله سبقك بها عكاشة اتفق جمهور الرواة على ذلك إلا ما وقع عند ابن أبي شيبة والبزار وأبي يعلى من حديث أبي سعيد فزاد فقام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منهم وقال في آخره سبقك بها عكاشة وصاحبه أما لو قلتم لقلت ولو قلت لوجبت وفي سنده عطية وهو ضعيف وقد اختلفت أجوبة العلماء في الحكمة قوله " سبقك بها عكاشة " فأخرج nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في " كشف المشكل " من طريق أبي عمر الزاهد أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=15611أبا العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب عن ذلك فقال كان منافقا وكذا نقله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن القاضي أبي العباس البرتي بكسر الموحدة وسكون الراء بعدها مثناة فقال كان الثاني منافقا وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يسأل في شيء إلا أعطاه فأجابه بذلك ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن بعض أهل العلم نحو قول ثعلب وقال ابن ناصر قول ثعلب أولى من رواية مجاهد لأن سندها واه واستبعد السهيلي قول ثعلب بما وقع في مسند البزار من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " فقام رجل من خيار المهاجرين " وسنده ضعيف جدا مع كونه مخالفا لرواية الصحيح أنه من الأنصار . وقال ابن بطال : معنى قوله : سبقك " أي إلى إحراز هذه الصفات وهي التوكل وعدم التطير وما ذكر معه وعدل عن قوله " لست منهم أو لست على أخلاقهم " تلطفا بأصحابه - صلى الله عليه وسلم - وحسن أدبه معهم
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي " يظهر لي أن الأول سأل عن صدق قلب فأجيب وأما الثاني فيحتمل أن يكون أريد به حسم المادة فلو قال للثاني نعم لأوشك أن يقوم ثالث ورابع إلى ما لا نهاية له وليس كل الناس يصلح لذلك " وقال القرطبي : لم يكن عند الثاني من تلك الأحوال ما كان عند عكاشة فلذلك لم يجب إذ لو أجابه لجاز أن يطلب ذلك كل من كان حاضرا فيتسلسل فسد الباب بقوله : ذلك وهذا أولى من قول من قال كان منافقا لوجهين أحدهما أن الأصل في الصحابة عدم النفاق فلا يثبت ما يخالف ذلك إلا بنقل صحيح والثاني أنه قل أن يصدر مثل هذا السؤال إلا عن قصد صحيح ويقين بتصديق الرسول كيف صدر ذلك من منافق ؟ وإلى هذا جنح ابن تيمية .