6204 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11931أبو اليمان أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد وعطاء بن يزيد أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة أخبرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ح وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=17052محمود حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال nindex.php?page=hadith&LINKID=656088قال أناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس ويتبع من كان يعبد القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه ويضرب جسر جهنم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون أول من يجيز ودعاء الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وبه كلاليب مثل شوك السعدان أما رأيتم شوك السعدان قالوا بلى يا رسول الله قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله فتخطف الناس بأعمالهم منهم الموبق بعمله ومنهم المخردل ثم ينجو حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود فيخرجونهم قد امتحشوا فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ويبقى رجل منهم مقبل بوجهه على النار فيقول يا رب قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فاصرف وجهي عن النار فلا يزال يدعو الله فيقول لعلك إن أعطيتك أن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيصرف وجهه عن النار ثم يقول بعد ذلك يا رب قربني إلى باب الجنة فيقول أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ويلك ابن آدم ما أغدرك فلا يزال يدعو فيقول لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره فيقربه إلى باب الجنة فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول رب أدخلني الجنة ثم يقول أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فلا يزال يدعو حتى يضحك فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها فإذا دخل فيها قيل له تمن من كذا فيتمنى ثم يقال له تمن من كذا فيتمنى حتى تنقطع به الأماني فيقول له هذا لك ومثله معه قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا قال عطاء nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري جالس مع nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه حتى انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه قال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا لك وعشرة أمثاله قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة حفظت مثله معه
" 9802 [ ص: 454 ] قوله باب الصراط جسر جهنم أي الجسر المنصوب على جهنم لعبور المسلمين عليه إلى الجنة وهو بفتح الجيم ويجوز كسرها وقد وقع في حديث الباب لفظ الجسر وفي رواية شعيب الماضية في " باب فضل السجود " بلفظ " ثم يضرب الصراط " فكأنه أشار في الترجمة إلى ذلك
" 9803 قوله عن الزهري قال سعيد وعطاء بن يزيد إن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة أخبرهما في رواية شعيب عن الزهري " أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي "
قوله وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=17052محمود هو ابن غيلان وساقه هنا على لفظ معمر وليس في سنده ذكر سعيد وكذا يأتي في التوحيد من رواية إبراهيم بن سعيد عن الزهري ليس فيه ذكر سعيد ، ووقع في تفسير عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله - تعالى - يوم ندعوا كل أناس بإمامهم عن عطاء بن يزيد فذكر الحديث
قوله قال أناس يا رسول الله في رواية شعيب " إن الناس قالوا " ويأتي في التوحيد بلفظ " قلنا "
[ ص: 455 ] قوله هل تضارون بضم أوله وبالضاد المعجمة وتشديد الراء بصيغة المفاعلة من الضرر وأصله تضاررون بكسر الراء وبفتحها أي لا تضرون أحدا ولا يضركم بمنازعة ولا مجادلة ولا مضايقة وجاء بتخفيف الراء من الضير وهو لغة في الضر أي لا يخالف بعض بعضا فيكذبه وينازعه فيضيره بذلك يقال ضاره يضيره وقيل المعنى لا تضايقون أي لا تزاحمون كما جاء في الرواية الأخرى " لا تضامون " بتشديد الميم مع فتح أوله وقيل المعنى لا يحجب بعضكم بعضا عن الرؤية فيضر به وحكى الجوهري ضرني فلان إذا دنا مني دنوا شديدا قال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : فالمراد المضارة بازدحام وقال النووي : أوله مضموم مثقلا ومخففا قال وروى " تضامون " بالتشديد مع فتح أوله وهو بحذف إحدى التاءين وهو من الضم وبالتخفيف مع ضم أوله من الضيم والمراد المشقة والتعب ، قال وقال عياض : قال بعضهم في الذي بالراء وبالميم بفتح أوله والتشديد وأشار بذلك إلى أن الرواية بضم أوله مخففا ومثقلا وكله صحيح ظاهر المعنى ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " لا تضامون أو تضاهون " بالشك كما مضى في فضل صلاة الفجر ومعنى الذي بالهاء لا يشتبه عليكم ولا ترتابون فيه فيعارض بعضكم بعضا ومعنى الضيم الغلبة على الحق والاستبداد به أي لا يظلم بعضكم بعضا وتقدم في " باب فضل السجود " من رواية شعيب " هل تمارون " بضم أوله وتخفيف الراء أي تجادلون في ذلك أو يدخلكم فيه شك من المرية وهو الشك وجاء بفتح أوله وفتح الراء على حذف إحدى التاءين وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي " تتمارون " بإثباتهما
قوله ترونه كذلك ) المراد تشبيه الرؤية بالرؤية في الوضوح وزوال الشك ورفع المشقة والاختلاف وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي سمعت الشيخ أبا الطيب الصعلوكي يقول " تضامون " بضم أوله وتشديد الميم يريد لا تجتمعون لرؤيته في جهة ولا ينضم بعضكم إلى بعض فإنه لا يرى في جهة ومعناه بفتح أوله لا تتضامون في رؤيته بالاجتماع في جهة وهو بغير تشديد من الضيم معناه لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض فإنكم ترونه في جهاتكم كلها وهو متعال عن الجهة قال والتشبيه برؤية القمر لتعيين الرؤية دون تشبيه المرئي سبحانه وتعالى وقال الزين بن المنير : إنما خص الشمس والقمر بالذكر مع أن رؤية السماء بغير سحاب أكبر آية وأعظم خلقا من مجرد الشمس والقمر لما خصا به من عظيم النور والضياء بحيث صار التشبيه بهما فيمن يوصف بالجمال والكمال سائغا شائعا في الاستعمال وقال nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : قد يتخيل بعض الناس أن الكاف كاف التشبيه للمرئي وهو غلط وإنما هي كاف التشبيه للرؤية وهو فعل الرائي ومعناه أنه رؤية مزاح عنها الشك مثل رؤيتكم القمر وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : في الابتداء بذكر القمر قبل الشمس متابعة للخليل فكما أمر باتباعه في الملة اتبعه في الدليل فاستدل به الخليل على إثبات الوحدانية واستدل به الحبيب على إثبات الرؤية فاستدل كل منهما بمقتضى حاله لأن الخلة تصح بمجرد الوجود والمحبة لا تقع غالبا إلا بالرؤية وفي عطف الشمس على القمر مع أن تحصيل الرؤية بذكره كاف لأن القمر لا يدرك وصفه الأعمى حسا بل تقليدا والشمس يدركها الأعمى حسا بوجود حرها إذا قابلها وقت الظهيرة مثلا فحسن التأكيد بها قال والتمثيل واقع في تحقيق الرؤية لا في الكيفية لأن الشمس والقمر متحيزان والحق سبحانه منزه عن ذلك . قلت وليس في عطف الشمس على القمر إبطال لقول من قال في شرح حديث جرير : الحكمة في التمثيل بالقمر أنه تتيسر رؤيته للرائي بغير تكلف ولا تحديق يضر بالبصر بخلاف الشمس فإنها حكمة الاقتصار عليه ولا يمنع ذلك ورود ذكر الشمس بعده في وقت آخر فإن ثبت أن المجلس واحد خدش في ذلك ووقع في رواية العلاء بن عبد الرحمن nindex.php?page=hadith&LINKID=856049لا تمارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى قال النووي : مذهب أهل السنة أن رؤية المؤمنين ربهم ممكنة ونفتها المبتدعة من [ ص: 456 ] المعتزلة والخوارج وهو جهل منهم فقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وسلف الأمة على إثباتها في الآخرة للمؤمنين وأجاب الأئمة عن اعتراضات المبتدعة بأجوبة مشهورة ولا يشترط في الرؤية تقابل الأشعة ولا مقابلة المرئي وإن جرت العادة بذلك فيما بين المخلوقين والله أعلم واعترض nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي على رواية العلاء وأنكر هذه الزيادة وزعم أن المراجعة الواقعة في حديث الباب تكون بين الناس وبين الواسطة لأنه لا يكلم الكفار ولا يرونه ألبتة وأما المؤمنون فلا يرونه إلا بعد دخول الجنة بالإجماع
قوله يجمع الله الناس في رواية شعيب " يحشر " وهو بمعنى الجمع وقوله : في رواية شعيب " في مكان " زاد في رواية العلاء " في صعيد واحد " ومثله في رواية أبي زرعة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=856050يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر وقد تقدمت الإشارة إليه في شرح الحديث الطويل في الباب قبله قال النووي : الصعيد الأرض الواسعة المستوية وينفذهم بفتح أوله وسكون النون وضم الفاء بعدها ذال معجمة أي يخرقهم بمعجمة وقاف حتى يجوزهم وقيل بالدال المهملة أي يستوعبهم قال أبو عبيدة : معناه ينفذهم بصر الرحمن حتى يأتي عليهم كلهم وقال غيره المراد بصر الناظرين وهو أولى وقال القرطبي المعنى أنهم يجمعون في مكان واحد بحيث لا يخفى منهم أحد بحيث لو دعاهم داع لسمعوه ولو نظر إليهم ناظر لأدركهم قال ويحتمل أن يكون المراد بالداعي هنا من يدعوهم إلى العرض والحساب لقوله يوم يدعو الداع وقد تقدم بيان حال الموقف في " باب الحشر " وزاد العلاء بن عبد الرحمن في روايته " فيطلع عليهم رب العالمين " قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : لم يزل الله مطلعا على خلقه وإنما المراد إعلامه باطلاعه عليهم حينئذ ووقع في حديث ابن مسعود عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في البعث وأصله في nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=856051 " إذا حشر الناس قاموا أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم والشمس على رءوسهم حتى يلجم العرق كل بر منهم وفاجر " ، ووقع في حديث أبي سعيد عند أحمد أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=856052 " يخفف الوقوف عن المؤمن حتى يكون كصلاة مكتوبة " وسنده حسن ولأبي يعلى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " كتدلي الشمس للغروب إلى أن تغرب " nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني من حديث عبد الله بن عمر " ويكون ذلك اليوم أقصر على المؤمن من ساعة من نهار "
قوله ومن كان يعبد الطواغيت الطواغيت جمع طاغوت وهو الشيطان والصنم ويكون جمعا ومفردا ومذكرا ومؤنثا وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من ذلك في تفسير سورة النساء وقال الطبري : الصواب عندي أنه كل [ ص: 457 ] طاغ طغى على الله يعبد من دونه إما بقهر منه لمن عبد وإما بطاعة ممن عبد إنسانا كان أو شيطانا أو حيوانا أو جمادا قال فاتباعهم لهم حينئذ باستمرارهم على الاعتقاد فيهم ويحتمل أن يتبعوهم بأن يساقوا إلى النار قهرا ووقع في حديث أبي سعيد الآتي في التوحيد nindex.php?page=hadith&LINKID=856056فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب كل الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم وفيه إشارة إلى أن كل من كان يعبد الشيطان ونحوه ممن يرضى بذلك أو الجماد والحيوان دالون في ذلك وأما من كان يعبد من لا يرضى بذلك كالملائكة والمسيح فلا لكن وقع في حديث ابن مسعود " فيتمثل لهم ما كانوا يعبدون فينطلقون " وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن " فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره " فأفادت هذه الزيادة تعميم من كان يعبد غير الله إلا من سيذكر من اليهود والنصارى فإنه يخص من عموم ذلك بدليله الآتي ذكره وأما التعبير بالتمثيل فقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : يحتمل أن يكون التمثيل تلبيسا عليهم ويحتمل أن يكون التمثيل لمن لا يستحق التعذيب وأما من سواهم فيحضرون حقيقة لقوله - تعالى - إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم .
قوله وتبقى هذه الأمة قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون المراد بالأمة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويحتمل أن يحمل على أعم من ذلك فيدخل فيه جميع أهل التوحيد حتى من الجن ويدل عليه ما في بقية الحديث أنه يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر قلت ويؤخذ أيضا من قوله في بقية الحديث فأكون أول من يجيز فإن فيه إشارة إلى أن الأنبياء بعده يجيزون أممهم
قوله فتدعي اليهود ) قدموا بسبب تقدم ملتهم على ملة النصارى .
قوله فيقال لهم لم أقف على تسمية قائل ذلك لهم والظاهر أنه الملك الموكل بذلك
[ ص: 458 ] قوله كنا نعبد عزيرا ابن الله هذا فيه إشكال لأن المتصف بذلك بعض اليهود وأكثرهم ينكرون ذلك ويمكن أن يجاب بأن خصوص هذا الخطاب لمن كان متصفا بذلك ومن عداهم يكون جوابهم ذكر من كفروا به كما وقع في النصارى فإن منهم من أجاب بالمسيح ابن الله مع أن فيهم من كان بزعمه يعبد الله وحده وهم الاتحادية الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم .
قوله فيقال لهم كذبتم قال الكرماني : التصديق والتكذيب لا يرجعان إلى الحكم الذي أشار إليه فإذا قيل جاء زيد بن عمرو بكذا فمن كذبه أنكر مجيئه بذلك الشيء لا أنه ابن عمرو وهنا لم ينكر عليهم أنهم عبدوا وإنما أنكر عليهم أن المسيح ابن الله ، قال والجواب عن هذا أن فيه نفي اللازم وهو كونه ابن الله ليلزم نفي الملزوم وهو عبادة ابن الله . قال ويجوز أن يكون الأول بحسب الظاهر وتحصل قرينة بحسب المقام تقتضي الرجوع إليهما جميعا أو إلى المشار إليه فقط قال ابن بطال : في هذا الحديث إن المنافقين يتأخرون مع المؤمنين رجاء أن ينفعهم ذلك بناء على ما كانوا يظهرونه في الدنيا فظنوا أن ذلك يستمر لهم فميز الله - تعالى - المؤمنين بالغرة والتحجيل إذ لا غرة للمنافق ولا تحجيل . قلت قد ثبت أن الغرة والتحجيل خاص بالأمة المحمدية فالتحقيق أنهم في هذا المقام يتميزون بعدم السجود وبإطفاء نورهم بعد أن حصل لهم ويحتمل أن يحصل لهم الغرة والتحجيل ثم يسلبان عند إطفاء النور وقال القرطبي : ظن المنافقون أن تسترهم بالمؤمنين ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهم في الدنيا جهلا منهم ويحتمل أن يكونوا حشروا معهم لما كانوا يظهرونه من الإسلام فاستمر ذلك حتى ميزهم الله - تعالى - منهم ، قال ويحتمل أنهم لما سمعوا " لتتبع كل أمة من كانت تعبد " والمنافق لم يكن يعبد شيئا بقي حائرا حتى ميز قلت هذا ضعيف لأنه يقتضي تخصيص ذلك بمنافق كان لا يعبد شيئا وأكثر المنافقين كانوا يعبدون غير الله من وثن وغيره
قوله ( فيتبعونه ) قال عياض أي فيتبعون أمره أو ملائكته الذين وكلوا بذلك
قوله ويضرب جسر جهنم في رواية شعيب بعد قوله أنت ربنا " فيدعوهم فيضرب جسر جهنم "
( تنبيه ) : حذف من هذا السياق ما تقدم من حديث أنس في ذكر الشفاعة لفصل القضاء كما حذف من حديث أنس ما ثبت هنا من الأمور التي تقع في الموقف فينتظم من الحديثين أنهم إذا حشروا وقع ما في حديث الباب من تساقط الكفار في النار ويبقى من عداهم في كرب الموقف فيستشفعون فيقع الإذن بنصب الصراط فيقع الامتحان بالسجود ليتميز المنافق من المؤمن ثم يجوزون على الصراط ووقع في حديث أبي سعيد هنا nindex.php?page=hadith&LINKID=856076ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم .
قوله وبه كلاليب الضمير للصراط ، وفي رواية شعيب " وفي جهنم كلاليب " وفي رواية حذيفة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة معا " وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به " وفي رواية سهيل " وعليه كلاليب النار " وكلاليب جمع كلوب بالتشديد وتقدم ضبطه وبيانه في أواخر كتاب الجنائز قال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي : هذه الكلاليب هي الشهوات المشار إليها في الحديث الماضي nindex.php?page=hadith&LINKID=856089حفت النار بالشهوات قال فالشهوات موضوعة على جوانبها فمن اقتحم الشهوة سقط في النار لأنها خطاطيفها وفي حديث حذيفة nindex.php?page=hadith&LINKID=856090وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا أي يقفان في ناحيتي الصراط وهي بفتح الجيم والنون بعدها موحدة ويجوز سكون النون والمعنى أن الأمانة والرحم لعظم شأنهما وفخامة ما يلزم العباد من رعاية حقهما يوقفان هناك للأمين والخائن والمواصل والقاطع فيحاجان عن المحق ويشهدان على المبطل قال الطيبي ويمكن أن يكون المراد بالأمانة ما في قوله : - تعالى - : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض الآية وصلة الرحم ما في قوله - تعالى - واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام فيدخل فيه معنى التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله فكأنهما اكتنفتا جنبتي الإسلام الذي هو الصراط المستقيم وفطرتي الإيمان والدين القويم
قوله مثل شوك السعدان بالسين والعين المهملتين بلفظ التثنية والسعدان جمع سعدانة وهو نبات ذو شوك يضرب به المثل في طيب مرعاه قالوا مرعى ولا كالسعدان
[ ص: 462 ] قوله أما رأيتم شوك السعدان هو استفهام تقرير لاستحضار الصورة المذكورة
قوله غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله أي الشوكة والهاء ضمير الشأن ووقع في رواية الكشميهني " غير أنه " وقع في رواية مسلم " لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله " قال القرطبي : قيدناه - أي لفظ قدر - عن بعض مشايخنا بضم الراء على أنه يكون استفهاما وقدر مبتدأ وبنصبها على أن تكون ما زائدة وقدر مفعول يعلم
قوله فتخطف الناس بأعمالهم بكسر الطاء وبفتحها قال ثعلب في الفصيح خطف بالكسر في الماضي وبالفتح في المضارع وحكى القزاز عكسه والكسر في المضارع أفصح قال الزين بن المنير : تشبيه الكلاليب بشوك السعدان خاص بسرعة اختطافها وكثرة الانتشاب فيها مع التحرز والتصون تمثيلا لهم بما عرفوه في الدنيا وألفوه بالمباشرة ثم استثنى إشارة إلى أن التشبيه لم يقع في مقدارهما وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=hadith&LINKID=856091وبحافتيه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس ووقع في حديث أبي سعيد " قلنا وما الجسر ؟ قال مدحضة مزلة " أي زلق تزلق فيه الأقدام ويأتي ضبط ذلك في كتاب التوحيد ووقع عند مسلم " قال أبو سعيد : بلغني أن الصراط أحد من السيف وأدق من الشعرة ، ووقع في رواية ابن منده من هذا الوجه " قال سعيد بن أبي هلال : بلغني " ووصله nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مجزوما به وفي سنده لين nindex.php?page=showalam&ids=16418ولابن المبارك عن مرسل عبيد بن عمير nindex.php?page=hadith&LINKID=856092إن الصراط مثل السيف وبجنبتيه كلاليب إنه ليؤخذ بالكلوب الواحد أكثر من ربيعة ومضر وأخرجه ابن أبي الدنيا من هذا الوجه وفيه nindex.php?page=hadith&LINKID=856093والملائكة على جنبتيه يقولون رب سلم سلم وجاء عن الفضيل بن عياض قال : بلغنا أن الصراط مسيرة خمسة عشر ألف سنة ، خمسة آلاف صعود وخمسة آلاف هبوط وخمسة آلاف مستوى أدق من الشعرة وأحد من السيف على متن جهنم لا يجوز عليه إلا ضامر مهزول من خشية الله " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في ترجمته وهذا معضل لا يثبت وعن سعيد بن أبي هلال قال " بلغنا أن الصراط أدق من الشعر على بعض الناس ولبعض الناس مثل الوادي الواسع أخرجه ابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا وهو مرسل أو معضل وأخرج الطبري من طريق غنيم بن قيس أحد التابعين قال : تمثل النار للناس ثم يناديها مناد أمسكي أصحابك ودعي أصحابي فتخسف بكل ولي لها فهي أعلم بهم من الرجل بولده ويخرج المؤمنون ندية ثيابهم " ورجاله ثقات مع كونه مقطوعا
قوله منهم الموبق بعمله في رواية شعيب " من يوبق " وهما بالموحدة بمعنى الهلاك ولبعض رواة مسلم " الموثق " بالمثلثة من الوثائق ووقع عند أبي ذر رواية إبراهيم بن سعد الآتية في التوحيد بالشك وفي رواية الأصيلي " ومنهم المؤمن - بكسر الميم بعدها نون - بقي بعمله " بالتحتانية وكسر القاف من الوقاية أي يستره عمله وفي لفظ بعض رواة مسلم " يعني " بعين مهملة ساكنة ثم نون مكسورة بدل بقي وهو تصحيف
قوله ومنهم المخردل بالخاء المعجمة في رواية شعيب " ومنهم من يخردل " ووقع في رواية الأصيلي هنا بالجيم وكذا لأبي أحمد الجرجاني في رواية شعيب ووهاه عياض والدال مهملة للجميع وحكى أبو عبيد فيه إعجام الذال ورجح ابن قرقول الخاء المعجمة والدال المهملة وقال الهروي المعنى أن كلاليب النار تقطعه فيهوي في النار قال كعب بن زهير في بانت سعاد قصيدته المشهورة
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما لحم من القوم معفور خراديل
فقوله : معفور " بالعين المهملة والفاء أي واقع في التراب و " خراديل " أي هو قطع ويحتمل أن يكون من [ ص: 463 ] الخردل أي جعلت أعضاؤه كالخردل وقيل معناه أنها تقطعهم عن لحوقهم بمن نجا وقيل المخردل المصروع ورجحه ابن التين فقال هو أنسب لسياق الخبر ووقع في رواية إبراهيم بن سعد عند أبي ذر " فمنهم المخردل أو المجازى أو نحوه " ولمسلم عنه " المجازى " بغير شك وهو بضم الميم وتخفيف الجيم من الجزاء
قوله ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ) قال القرطبي : لم يذكر الرسالة إما لأنهما لما تلازما في النطق غالبا وشرطا اكتفى بذكر الأولى أو لأن الكلام في حق جميع المؤمنين هذه الأمة وغيرها ولو ذكرت الرسالة لكثر تعداد الرسل قلت الأول أولى ويعكر على الثاني أنه يكتفى بلفظ جامع كأن يقول مثلا ونؤمن برسله وقد تمسك بظاهره بعض المبتدعة ممن زعم أن من وحد الله من أهل الكتاب يخرج من النار ولو لم يؤمن بغير من أرسل إليه وهو قول باطل فإن من جحد الرسالة كذب الله ومن كذب الله لم يوحده
قوله فيعرفونهم بعلامة آثار السجود ) في رواية إبراهيم بن سعد " فيعرفونهم في النار بأثر السجود " قال الزين بن المنير : تعرف صفة هذا الأثر مما ورد في قوله سبحانه وتعالى سيماهم في وجوههم من أثر السجود [ ص: 465 ] لأن وجوههم لا تؤثر فيها النار فتبقى صفتها باقية وقال غيره بل يعرفونهم بالغرة وفيه نظر لأنها مختصة بهذه الأمة والذين يخرجون أعم من ذلك
قوله ( وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ) هو جواب عن سؤال مقدر تقديره كيف يعرفون أثر السجود مع قوله في حديث أبي سعيد عند مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=856111فأماتهم الله إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن الله بالشفاعة فإذا صاروا فحما كيف يتميز محل السجود من غيره حتى يعرف أثره وحاصل الجواب تخصيص أعضاء السجود من عموم الأعضاء التي دل عليها من هذا الخبر وأن الله منع النار أن تحرق أثر السجود من المؤمن وهل المراد بأثر السجود نفس العضو الذي يسجد أو المراد من سجد ؟ فيه نظر والثاني أظهر قال القاضي عياض : فيه دليل على أن عذاب المؤمنين المذنبين مخالف لعذاب الكفار ، وأنها لا تأتي على جميع أعضائهم إما إكراما لموضع السجود وعظم مكانهم من الخضوع لله - تعالى - أو لكرامة تلك الصورة التي خلق آدم والبشر عليها وفضلوا بها على سائر الخلق قلت الأول منصوص والثاني محتمل لكن يشكل عليه أن الصورة لا تختص بالمؤمنين فلو كان الإكرام لأجلها لشاركهم الكفار وليس كذلك قال النووي : وظاهر الحديث أن النار لا تأكل جميع أعضاء السجود السبعة وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان وبهذا جزم بعض العلماء وقال عياض : ذكر الصورة ودارات الوجوه يدل على أن المراد بأثر السجود الوجه خاصة خلافا لمن قال يشمل الأعضاء السبعة ويؤيد اختصاص الوجه أن في بقية الحديث " أن منهم من غاب في النار إلى نصف ساقيه " وفي حديث سمرة عند مسلم " وإلى ركبتيه " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد في حديث أبي سعيد " وإلى حقوه " قال النووي : وما أنكره هو المختار ولا يمنع من ذلك قوله في الحديث الآخر في مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=856112إن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم فإنه يحمل على أن هؤلاء قوم مخصوصون من جملة الخارجين من النار فيكون الحديث خاصا بهم وغيره عاما فيحمل على عمومه إلا ما خص منه . قلت إن أراد أن هؤلاء يخصون بأن النار لا تأكل وجوههم كلها وأن غيرهم لا تأكل منهم محل السجود خاصة وهو الجبهة سلم من الاعتراض وإلا يلزمه تسليم ما قال القاضي في حق الجميع إلا هؤلاء وإن كانت علامتهم الغرة كما تقدم النقل عمن قاله وما تعقبه بأنها خاصة بهذه الأمة فيضاف إليها التحجيل وهو في اليدين والقدمين مما يصل إليه الوضوء فيكون أشمل مما قاله النووي من جهة دخول جميع اليدين والرجلين لا تخصيص الكفين والقدمين ولكن ينقص منه الركبتان وما استدل به القاضي من بقية الحديث لا يمنع سلامة هذه الأعضاء مع الانغمار لأن تلك الأحوال الأخروية خارجة على قياس أحوال أهل الدنيا ودل التنصيص على دارات الوجوه أن الوجه كله لا تؤثر فيه النار إكراما لمحل السجود ويحمل الاقتصار عليها على التنويه بها لشرفها وقد استنبط ابن أبي جمرة من هذا أن من كان مسلما ولكنه كان لا يصلي لا يخرج إذ لا علامة له لكن يحمل على أنه يخرج في القبضة لعموم قوله لم يعملوا خيرا قط وهو مذكور في حديث أبي سعيد الآتي في التوحيد وهل المراد بمن يسلم من الإحراق من كان يسجد أو أعم من أن يكون بالفعل أو القوة ؟ الثاني أظهر ليدخل فيه من أسلم مثلا وأخلص فبغته الموت قبل أن يسجد ووجدت بخط أبي رحمه الله - تعالى - ولم أسمعه منه من نظمه ما يوافق مختار النووي وهو قوله
يا رب أعضاء السجود عتقتها من عبدك الجاني وأنت الواقي والعتق يسري بالغني يا ذا الغنى فامنن على الفاني بعتق الباقي
قوله فيخرجونهم قد امتحشوا هكذا وقع هنا وكذا وقع في حديث أبي سعيد في التوحيد عن يحيى بن بكير عن الليث بسنده ووقع عند أبي نعيم من رواية أحمد بن إبراهيم بن ملحان عن يحيى بن [ ص: 466 ] بكير " فيخرجون من عرفوا " ليس فيه " قد امتحشوا " وإنما ذكرها بعد قوله فيقبض قبضة وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وابن منده من رواية روح بن الفرج ويحيى بن أبي أيوب العلاف كلاهما عن يحيى بن بكير به قال عياض : ولا يبعد أن الامتحاش يختص بأهل القبضة والتحريم على النار أن تأكل صورة الخارجين أولا قبلهم ممن عمل الخير على التفصيل السابق والعلم عند الله - تعالى - وتقدم ضبط " امتحشوا " وأنه بفتح المثناة والمهملة وضم المعجمة أي احترقوا وزنه ومعناه والمحش احتراق الجلد وظهور العظم قال عياض : ضبطناه عن متقني شيوخنا وهو وجه الكلام وعند بعضهم بضم المثناة وكسر الحاء ولا يعرف في اللغة امتشحه متعديا وإنما سمع لازما مطاوع محشته يقال محشته وأمحشته وأنكر nindex.php?page=showalam&ids=12758يعقوب بن السكيت الثلاثي وقال غيره أمحشته فامتحش وأمحشه الحر أحرقه والنار أحرقته وامتحش هو غضبا وقال أبو نصر الفارابي : والامتحاش الاحتراق
قوله فينبتون نبات الحبة بكسر المهملة وتشديد الموحدة تقدم في كتاب الإيمان أنها بذور الصحراء والجمع حبب بكسر المهملة وفتح الموحدة بعدها مثلها وأما الحبة بفتح أوله وهو ما يزرعه الناس فجمعها حبوب بضمتين ووقع في حديث أبي سعيد " فينبتون في حافتيه " وفي رواية لمسلم " كما تنبت الغثاءة " بضم الغين المعجمة بعدها مثلثة مفتوحة وبعد الألف همزة ثم هاء تأنيث هو في الأصل كل ما حمله السيل من عيدان وورق وبذور وغيرها والمراد به هنا ما حمله من البذور خاصة
قوله في حميل السيل بالحاء المهملة المفتوحة والميم المكسورة أي ما يحمله السيل وفي رواية يحيى بن عمارة المشار إليها إلى جانب السيل والمراد أن الغثاء الذي يجيء به السيل يكون فيه الحبة فيقع في جانب الوادي فتصبح من يومها نابتة ووقع في رواية لمسلم " في حمئة السيل " بعد الميم همزة ثم هاء وقد تشبع الميم فيصير بوزن عظيمة وهو ما تغير لونه من الطين وخص بالذكر لأنه يقع فيه النبت غالبا قال ابن أبي جمرة فيه إشارة إلى سرعة نباتهم لأن الحبة أسرع في النبات من غيرها وفي السيل أسرع لما يجتمع فيه من الطين الرخو الحادث مع الماء مع ما خالطه من حرارة الزبل المجذوب معه ، قال ويستفاد منه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان عارفا بجميع أمور الدنيا بتعليم الله - تعالى - له وإن لم يباشر ذلك . وقال القرطبي : اقتصر المازري على أن موقع التشبيه السرعة وبقي عليه نوع آخر دل عليه قوله في الطريق الأخرى nindex.php?page=hadith&LINKID=856115ألا ترونها تكون إلى الحجر ما يكون منها إلى الشمس أصفر وأخضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض وفيه تنبيه على أن ما يكون إلى الجهة التي تلي الجنة يسبق إليه البياض المستحسن وما يكون منهم إلى جهة النار يتأخر النصوع عنه فيبقى أصيفر وأخيضر إلى أن يتلاحق البياض ويستوي الحسن والنور ونضارة النعمة عليهم . قال ويحتمل أن يشير بذلك إلى أن الذي يباشر الماء يعني الذي يرش عليهم يسرع نصوعه وأن غيره يتأخر عنه النصوع لكنه يسرع إليه والله أعلم
قوله فيقول يا رب في رواية إبراهيم بن سعد في التوحيد " أي رب "
قوله قد قشبني ريحها بقاف وشين معجمة مفتوحتين مخففا - وحكي التشديد - ثم موحدة قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه وأخذ يكظمه وأصل القشب خلط السم بالطعام يقال قشبه إذا سمه ثم استعمل فيما إذا بلغ الدخان والرائحة الطيبة منه غايته وقال النووي : معنى قشبني سمني وآذاني وأهلكني هكذا قاله جماهير أهل اللغة وقال الداودي : معناه غير جلدي وصورتي قلت ولا يخفى حسن قول nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وأما الداودي فكثيرا ما يفسر الألفاظ الغريبة بلوازمها ولا يحافظ على أصول معانيها وقال ابن أبي جمرة : إذا فسرنا القشب بالنتن والمستقذر كانت فيه إشارة إلى طيب ريح الجنة وهو من أعظم نعيمها وعكسها النار في جميع ذلك . وقال ابن القطاع : قشب الشيء خلطه بما يفسده من سم أو غيره وقشب الإنسان لطخه بسوء كاغتابه وعابه وأصله السم فاستعمل بمعنى أصابه المكروه إذا أهلكه أو أفسده أو غيره أو أزال عقله أو تقذره هو والله أعلم
قوله وأحرقني ذكاؤها ) كذا للأصيلي وكريمة هنا بالمد وكذا في رواية إبراهيم بن سعد وفي رواية أبي ذر [ ص: 468 ] وغيره ذكاها بالقصر وهو الأشهر في اللغة وقال ابن القطاع : يقال ذكت النار تذكو ذكا بالقصر وذكوا بالضم وتشديد الواو أي كثر لهبها واشتد اشتعالها ووهجها وأما ذكا الغلام ذكاء بالمد فمعناه أسرعت فطنته قال النووي : المد والقصر لغتان ذكره جماعة فيها وتعقبه مغلطاي بأنه لم يوجد عن أحد من المصنفين في اللغة ولا في الشارحين لدواوين العرب حكاية المد إلا عن أبي حنيفة الدينوري رأي في " كتاب النبات " في مواضع منها ضرب العرب المثل بجمر الغضا لذكائه قال وتعقبه علي بن حمزة الأصبهاني فقال ذكا النار مقصور ويكتب بالألف لأنه واوي يقال ذكت النار تذكو ذكوا وذكاء النار وذكو النار بمعنى وهو التهابها والمصدر ذكاء وذكو وذكو بالتخفيف والتثقيل فأما الذكاء بالمد فلم يأت عنهم في النار وإنما جاء في الفهم وقال ابن قرقول في " المطالع " وعليه يعتمد الشيخ وقع في مسلم فقد أحرقني ذكاؤها بالمد والمعروف في شدة حر النار القصر إلا أن الدينوري ذكر فيه المد وخطأه علي بن حمزة فقال ذكت النار ذكا وذكوا ومنه طيب ذكي منتشر الريح وأما الذكاء بالمد فمعناه تمام الشيء ومنه ذكاء القلب وقال صاحب الأفعال ذكا الغلام والعقل أسرع في الفطنة وذكا الرجل ذكاء من حدة فكره وذكت النار ذكا بالقصر توقدت
قوله فاصرف وجهي عن النار قد استشكل كون وجهه إلى جهة النار والحال أنه ممن يمر على الصراط طالبا إلى الجنة فوجهه إلى الجنة لكن وقع في حديث أبي أمامة المشار إليه قبل أنه ينقلب على الصراط ظهرا لبطن فكأنه في تلك الحالة انتهى إلى آخره فصادف أن وجهه كان من قبل النار ولم يقدر على صرفه عنها باختياره فسأل ربه في ذلك
قوله ثم يقول بعد ذلك يا رب قربني إلى باب الجنة ) في رواية شعيب " قال يا رب قدمني "
قوله فيقول أليس قد زعمت ) في رواية شعيب " فيقول الله أليس قد أعطيت العهد والميثاق "
قوله لعلي إن أعطيتك ذلك في رواية التوحيد " فهل عسيت إن فعلت بك ذلك أن تسألني غيره " أما " عسيت " ففي سينها الوجهان الفتح والكسر وجملة " أن تسألني " هي خبر عسى والمعنى هل يتوقع منك سؤال شيء غير ذلك وهو استفهام تقرير لأن ذلك عادة بني آدم والترجي راجع إلى المخاطب لا إلى الرب وهو من باب إرخاء العنان إلى الخصم ليبعثه ذلك على التفكر في أمره والإنصاف من نفسه
قوله : فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيعطي الله ما شاء من عهد وميثاق يحتمل أن يكون فاعل [ ص: 469 ] " شاء " الرجل المذكور أو الله قال ابن أبي جمرة : إنما بادر للحلف من غير استحلاف لما وقع له من قوة الفرح بقضاء حاجته فوطن نفسه على أن لا يطلب مزيدا وأكده بالحلف
قوله فإذا رأى ما فيها سكت في رواية شعيب " فإذا بلغ بابها ورأى زهرتها وما فيها من النضرة " وفي رواية إبراهيم بن سعد " من الحبرة " بفتح المهملة وسكون الموحدة ولمسلم " الخير " بمعجمة وتحتانية بلا هاء والمراد أنه يرى ما فيها من خارجها إما لأن جدارها شفاف فيرى باطنها من ظاهرها كما جاء في وصف الغرف وإما أن المراد بالرؤية العلم الذي يحصل له من سطوع رائحتها الطيبة وأنوارها المضيئة كما كان يحصل له أذى لفح النار وهو خارجها
قوله ثم قال ) في رواية إبراهيم بن سعد " ثم يقول "
قوله ( ويلك ) في رواية شعيب " ويحك "
قوله يا رب لا تجعلني أشقى خلقك المراد بالخلق هنا من دخل الجنة فهو لفظ عام أريد به خاص ومراده أنه يصير إذا استمر خارجا عن الجنة أشقاهم وكونه أشقاهم ظاهر لو استمر خارج الجنة وهم من داخلها قال الطيبي : معناه يا رب قد أعطيت العهد والميثاق ولكن تفكرت في كرمك ورحمتك فسألت ، وقع في الرواية التي في كتاب الصلاة " لا أكون أشقى خلقك " وللقابسي " لأكونن " قال ابن التين المعنى لئن أبقيتني على هذه الحالة ولم تدخلني الجنة لأكونن والألف في الرواية الأولى زائدة وقال الكرماني : معناه لا أكون كافرا . قلت هذا أقرب مما قال ابن التين ولو استحضر هذه الرواية التي هنا ما احتاج إلى التكلف الذي أبداه فإن قوله " لا أكون " لفظه لفظ الخبر ومعناه الطلب ودل عليه قوله " لا تجعلني " ووجه كونه أشقى أن الذي يشاهد ما يشاهده ولا يصل إليه يصير أشد حسرة ممن لا يشاهد وقوله " خلقك " مخصوص بمن ليس من أهل النار
قوله فإذا ضحك منه تقدم معنى الضحك في شرح الحديث الماضي قريبا
قوله ثم يقال له تمن من كذا فيتمنى في رواية أبي سعيد عند أحمد " فيسأل ويتمنى مقدار ثلاثة أيام من أيام الدنيا " وفي رواية التوحيد " حتى إن الله ليذكره من كذا " وفي حديث أبي سعيد " ويلقنه الله ما لا علم له به "
قوله قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ) هو موصول بالسند المذكور
قوله وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا ) سقط هذا من رواية شعيب . وثبت في رواية إبراهيم بن سعد هنا ووقع ذلك في رواية مسلم مرتين إحداهما هنا والأخرى في أوله عند قوله : ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار "
قوله قال عطاء nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد أي الخدري والقائل هو عطاء بن يزيد بينه إبراهيم بن سعد في روايته عن الزهري قال قال عطاء بن يزيد nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري .
قوله لا يغير عليه شيئا في رواية إبراهيم بن سعد لا يرد عليه
[ ص: 470 ] قوله هذا لك ومثله معه قال أبو سعيد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ووقع في رواية إبراهيم بن سعد " قال أبو سعيد وعشرة أمثاله يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة فقال " فذكره وفيه " قال أبو سعيد الخدري : أشهد أني حفظته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ووقع في حديث أنس عند ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=856122يرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ووقع في حديث حذيفة عن أبي بكر nindex.php?page=hadith&LINKID=856123انظر إلى ملك أعظم ملك فإن لك مثله وعشرة أمثاله فيقول أتسخر بي وأنت الملك ووقع عند أحمد من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وأبي سعيد جميعا في هذا الحديث " فقال أبو سعيد ومثله معه فقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة وعشرة أمثاله ، فقال أحدهما لصاحبه حدث بما سمعت وأحدث بما سمعت " وهذا مقلوب فإن الذي في الصحيح هو المعتمد وقد وقع عند البزار من الوجه الذي أخرجه منه أحمد على وفق ما في الصحيح نعم وقع في حديث أبي سعيد الطويل المذكور في التوحيد من طريق أخرى عنه بعد ذكر من يخرج من عصاة الموحدين فقال في آخره " فيقال لهم لكم ما رأيتم ومثله معه " فهذا موافق لحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الاقتصار على المثل ويمكن أن يجمع أن يكون عشرة الأمثال إنما سمعه أبو سعيد في حق آخر أهل الجنة دخولا والمذكور هنا في حق جميع من يخرج بالقبضة وجمع عياض بين حديثي أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة باحتمال أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة سمع أولا قوله : ومثله معه " فحدث به ثم حدث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالزيادة فسمعه أبو سعيد وعلى هذا فيقال سمعه أبو سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة معا أولا ثم سمع أبو سعيد الزيادة بعد وقد وقع في حديث أبي سعيد أشياء كثيرة زائدة على حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نبهت على أكثرها فيما تقدم قريبا وظاهر قوله " هذا لك وعشرة أمثاله " أن العشرة زائدة على الأصل ووقع في رواية أنس عن ابن مسعود " لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا " وحمل على أنه تمنى أن يكون له مثل الدنيا فيطابق حديث أبي سعيد . ووقع في رواية لمسلم عن ابن مسعود " لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها " والله أعلم وقال الكلاباذي إمساكه أولا عن السؤال حياء من ربه والله يحب أن يسأل لأنه يحب صوت عبده المؤمن فيباسطه بقوله أولا " لعلك إن أعطيت هذا تسأل غيره " وهذه حالة المقصر فكيف حالة المطيع وليس نقض هذا العبد عهده وتركه ما أقسم عليه جهلا منه ولا قلة مبالاة بل علما منه بأن نقض هذا العهد أولى من الوفاء به لأن سؤاله ربه أولى من ترك السؤال مراعاة للقسم وقد قال - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=856124من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر على يمينه وليأت الذي هو خير فعمل هذا العبد على وفق هذا الخبر والتكفير قد ارتفع عنه في الآخرة قال ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى : في هذا الحديث من الفوائد جواز مخاطبة الشخص بما لا تدرك حقيقته وجواز التعبير عن ذلك بما يفهمه وأن الأمور التي في الآخرة لا تشبه بما في الدنيا إلا في الأسماء والأصل مع المبالغة في تفاوت الصفة والاستدلال على العلم الضروري بالنظري وأن الكلام إذا كان محتملا لأمرين يأتي المتكلم بشيء يتخصص به مراده عند السامع وأن التكليف لا ينقطع إلا بالاستقرار في الجنة أو النار وأن امتثال الأمر في الموقف يقع بالاضطرار . وفيه فضيلة الإيمان لأنه لما تلبس به المنافق ظاهرا بقيت عليه حرمته إلى أن وقع التمييز بإطفاء النور وغير ذلك وأن الصراط مع دقته وحدته يسع جميع المخلوقين منذ آدم إلى قيام الساعة . وفيه أن النار مع عظمها وشدتها لا تتجاوز الحد الذي أمرت بإحراقه والآدمي مع حقارة جرمه يقدم على المخالفة ففيه معنى شديد من التوبيخ وهو كقوله - تعالى - في وصف الملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وفيه إشارة إلى توبيخ الطغاة والعصاة ، وفيه فضل الدعاء وقوة الرجاء في إجابة الدعوة ولو لم يكن الداعي أهلا لذلك في ظاهر الحكم لكن فضل الكريم واسع وفي قوله : في آخره في بعض طرقه " ما أغدرك " إشارة إلى أن الشخص لا يوصف بالفعل الذميم إلا بعد أن يتكرر ذلك منه . وفيه إطلاق اليوم على جزء منه لأن يوم القيامة في الأصل يوم واحد وقد أطلق اسم اليوم على كثير من أجزائه وفيه [ ص: 471 ] جواز سؤال الشفاعة خلافا لمن منع محتجا بأنها لا تكون إلا لمذنب قال عياض : وفات هذا القائل أنها قد تقع في دخول الجنة بغير حساب وغير ذلك كما تقدم بيانه مع أن كل عاقل معترف بالتقصير فيحتاج إلى طلب العفو عن تقصيره وكذا كل عامل يخشى أن لا يقبل عمله فيحتاج إلى الشفاعة في قبوله . قال ويلزم هذا القائل أن لا يدعو بالمغفرة ولا بالرحمة وهو خلاف ما درج عليه السلف في أدعيتهم وفي الحديث أيضا تكليف ما لا يطاق لأن المنافقين يؤمرون بالسجود وقد منعوا منه كذا قيل وفيه نظر لأن الأمر حينئذ للتعجيز والتبكيت وفيه إثبات رؤية الله - تعالى - في الآخرة قال الطيبي : وقول من أثبت الرؤية ووكل علم حقيقتها إلى الله فهو الحق وكذا قول من فسر الإتيان بالتجلي هو الحق لأن ذلك قد تقدمه قوله هل تضارون في رؤية الشمس والقمر وزيد في تقرير ذلك وتأكيده وكل ذلك يدفع المجاز عنه والله أعلم واستدل به بعض السالمية ونحوهم على أن المنافقين وبعض أهل الكتاب يرون الله مع المؤمنين وهو غلط لأن في سياق حديث أبي سعيد أن المؤمنين يرونه سبحانه وتعالى بعد رفع رءوسهم من السجود وحينئذ يقولون أنت ربنا ولا يقع ذلك للمنافقين ومن ذكر معهم وأما الرؤية التي اشترك فيها الجميع قبل فقد تقدم أنه صورة الملك وغيره . قلت ولا مدخل أيضا لبعض أهل الكتاب في ذلك لأن في بقية الحديث أنهم يخرجون من المؤمنين ومن معهم ممن يظهر الإيمان ويقال لهم ما كنتم تعبدون ؟ وأنهم يتساقطون في النار وكل ذلك قبل الأمر بالسجود . وفيه أن جماعة من مذنبي هذه الأمة يعذبون بالنار ثم يخرجون بالشفاعة والرحمة خلافا لمن نفى ذلك عن هذه الأمة وتأول ما ورد بضروب متكلفة والنصوص الصريحة متضافرة متظاهرة بثبوت ذلك وأن تعذيب الموحدين بخلاف تعذيب الكفار لاختلاف مراتبهم من أخذ النار بعضهم إلى ساقه وأنها لا تأكل أثر السجود وأنهم يموتون فيكون عذابهم إحراقهم وحبسهم عن دخول الجنة سريعا كالمسجونين بخلاف الكفار الذين لا يموتون أصلا ليذوقوا العذاب ولا يحيون حياة يستريحون بها على أن بعض أهل العلم أول ما وقع في حديث أبي سعيد من قوله يموتون فيها إماتة بأنه ليس المراد أن يحصل لهم الموت حقيقة وإنما هو كناية عن غيبة إحساسهم وذلك للرفق بهم أو كنى عن النوم بالموت وقد سمى الله النوم وفاة ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنهم إذا دخلوا النار ماتوا فإذا أراد الله إخراجهم أمسهم ألم العذاب تلك الساعة قال وفيه ما طبع عليه الآدمي من قوة الطمع وجودة الحيلة في تحصيل المطلوب فطلب أولا أن يبعد من النار ليحصل له نسبة لطيفة بأهل الجنة ثم طلب الدنو منهم وقد وقع في بعض طرقه طلب الدنو من شجرة بعد شجرة إلى أن طلب الدخول ويؤخذ منه أن صفات الآدمي التي شرف بها على الحيوان تعود له كلها بعد بعثته كالفكر والعقل وغيرهما انتهى ملخصا مع زيادات في غضون كلامه والله المستعان