" 9903 قوله باب من حلف بملة سوى الإسلام ) الملة بكسر الميم وتشديد اللام الدين والشريعة وهي نكرة في سياق الشرط فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية ومن لحق بهم من المجوسية والصابئة وأهل الأوثان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة وغيرهم ولم يجزم المصنف بالحكم هل يكفر الحالف بذلك أو لا لكن تصرفه يقتضي أن لا يكفر بذلك لأنه علق حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=856254من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم ينسبه إلى الكفر وتمام الاحتجاج أن يقول لكونه اقتصر على الأمر بقول لا إله إلا الله ولو كان ذلك يقتضي الكفر لأمره بتمام الشهادتين والتحقيق في المسألة التفصيل الآتي وقد وصل الحديث المذكور في الباب الذي قبله وأورده في كتاب الأدب في " باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا " وقدمت الكلام عليه هناك قال ابن المنذر : اختلف فيمن قال أكفر بالله ونحو ذلك إن فعلت ثم فعل فقال ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار لا كفارة عليه ولا يكون كافرا إلا إن أضمر ذلك بقلبه وقال الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق : هو يمين وعليه الكفارة قال ابن المنذر : والأول أصح لقوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=856254من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله " ولم يذكر كفارة زاد غيره ولذا قال " nindex.php?page=hadith&LINKID=856255من حلف بملة غير الإسلام فهو كما قال " فأراد التغليظ في ذلك حتى لا يجترئ أحد عليه ونقل أبو الحسن بن القصار من المالكية عن الحنفية أنهم احتجوا لإيجاب الكفارة بأن في اليمين الامتناع من الفعل وتضمن كلامه بما ذكر تعظيما للإسلام وتعقب ذلك بأنهم قالوا فيمن قال وحق الإسلام إذا حنث لا تجب عليه كفارة فأسقطوا الكفارة إذا صرح بتعظيم الإسلام وأثبتوها إذا لم يصرح
" 9904 قوله حدثنا معلى بن أسد حدثنا وهيب ) تقدم في " باب من أكفر أخاه " عن موسى بن إسماعيل عن [ ص: 547 ] وهيب كالذي هنا وقيل ذلك في " باب ما ينهى من السباب واللعن " من كتاب الأدب أيضا من طريق علي بن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير بسنده بزيادة " وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك " وسياقه أتم من سياق غيره فإن مداره في الكتب الستة وغيرها على أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك ورواه عن أبي قلابة خالد الحذاء nindex.php?page=showalam&ids=17298ويحيى بن أبي كثير وأيوب فأخرجه المصنف في الجنائز من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع عن خالد الحذاء فاقتصر على خصلتين الأولى من قتل نفسه بحديدة وأخرجه مسلم من طريق الثوري عن خالد ومن طريق شعبة عن أيوب كذلك وأشرت إلى رواية علي بن المبارك عن يحيى وأنه ذكر فيه خمس خصال الأربع المذكورات في الباب والخامسة التي أشرت إليها وأخرجه مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي عن يحيى فذكر خصلة النذر ولعن المؤمن كقتله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة ولم يذكر الخصلتين الباقيتين وزاد بدلهما nindex.php?page=hadith&LINKID=856256ومن حلف على يمين صبر فاجرة ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة فإذا ضم بعض هذه الخصال إلى بعض اجتمع منها تسعة وتقدم الكلام على قوله ولعن المؤمن كقتله هناك والكلام على قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=856257ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله في " باب من أكفر أخاه " ووقع في رواية علي بن المبارك " ومن قذف " بدل " رمى " وهو بمعناه وأما قوله : ومن حلف بغير ملة الإسلام " فوقع في رواية علي بن المبارك " من حلف على ملة غير الإسلام " وفي رواية مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=856258من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال " قال ابن دقيق العيد : الحلف بالشيء حقيقة هو القسم به وإدخال بعض حروف القسم عليه كقوله والله والرحمن وقد يطلق على التعليق بالشيء يمين كقولهم من حلف بالطلاق فالمراد تعليق الطلاق وأطلق عليه الحلف لمشابهته باليمين في اقتضاء الحنث والمنع وإذا تقرر ذلك فيحتمل أن يكون المراد المعنى الثاني لقوله " كاذبا متعمدا " والكذب يدخل القضية الإخبارية التي يقع مقتضاها تارة ولا يقع أخرى وهذا بخلاف قولنا والله وما أشهد فليس الإخبار بها عن أمر خارجي بل هي لإنشاء القسم فتكون صورة الحلف هنا على وجهين أحدهما أن يتعلق بالمستقبل كقوله إن فعل كذا فهو يهودي والثاني يتعلق بالماضي كقوله إن كان فعل كذا فهو يهودي وقد يتعلق بهذا من لم ير فيه الكفارة لكونه لم يذكر فيه كفارة بل جعل المرتب على كذبه قوله " فهو كما قال " قال ابن دقيق العيد : ولا يكفر في صورة الماضي إلا إن قصد التعظيم وفيه خلاف عند الحنفية لكونه يتخير معنى فصار كما لو قال هو يهودي ومنهم من قال : إن كان لا يعلم أنه يمين لم يكفر وإن كان يعلم أنه يكفر بالحنث به كفر لكونه رضي بالكفر حين أقدم على الفعل وقال بعض الشافعية ظاهر الحديث أنه يحكم عليه بالكفر إذا كان كاذبا والتحقيق التفصيل فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر وإن قصد حقيقة التعليق فينظر فإن كان أراد أن يكون متصفا بذلك كفر ; لأن إرادة الكفر كفر وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر لكن هل يحرم عليه ذلك أو يكره تنزيها ؟ الثاني هو المشهور وقوله " كاذبا متعمدا " قال عياض : تفرد بزيادتها nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري وهي زيادة حسنة يستفاد منها أن الحالف المتعمد إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كاذب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه لم يكفر وإن قاله معتقدا لليمين بتلك الملة لكونها حقا كفر وإن قالها لمجرد التعظيم لها احتمل . قلت وينقدح بأن يقال إن أراد تعظيمها باعتبار ما كانت قبل النسخ لم يكفر أيضا . ودعواه أن سفيان تفرد بها إن أراد بالنسبة لرواية مسلم فعسى فإنه أخرجه من طريق شعبة عن أيوب وسفيان عن خالد الحذاء جميعا عن أبي قلابة وبين أن لفظ " متعمدا " لسفيان ولم ينفرد بها سفيان فقد تقدم في كتاب الجنائز من طريق يزيد بن ذريع عن خالد وكذا أخرجها nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق محمد بن أبي عدي عن خالد ، ولهذه الخصلة في حديث ثابت بن الضحاك شاهد من حديث بريدة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وصححه من طريق الحسين عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=856259من قال إني بريء من الإسلام فإن كان [ ص: 548 ] كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا لم يعد إلى الإسلام سالما " يعني إذا حلف بذلك وهو يؤيد التفصيل الماضي ويخصص بهذا عموم الحديث الماضي ويحتمل أن يكون المراد بهذا الكلام التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم وكأنه قال فهو مستحق مثل عذاب من اعتقد ما قال ونظيره من ترك الصلاة فقد كفر أي استوجب عقوبة من كفر وقال ابن المنذر : قوله " فهو كما قال " ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر بل المراد أنه كاذب ككذب المعظم لتلك الجهة
قوله ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم في رواية علي بن المبارك ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة وقوله بشيء أعم مما وقع في رواية مسلم " بحديدة " ولمسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " ومن تحسى سما " قال ابن دقيق العيد : هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست ملكا له مطلقا بل هي لله - تعالى - فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه قيل وفيه حجة لمن أوجب المماثلة في القصاص خلافا لمن خصصه بالمحدد ورده ابن دقيق العيد بأن أحكام الله لا تقاس بأفعاله فليس كل ما ذكر أنه يفعله في الآخرة يشرع لعباده في الدنيا كالتحريق بالنار مثلا وسقي الحميم الذي يقطع به الأمعاء وحاصله أنه يستدل للمماثلة في القصاص بغير هذا الحديث وقد استدلوا بقوله - تعالى - وجزاء سيئة سيئة مثلها ويأتي بيان ذلك في كتاب القصاص والديات إن شاء الله تعالى