[ ص: 5 ] قوله : ( كتاب الفرائض ) جمع فريضة كحديقة وحدائق ، والفريضة فعيلة بمعنى : مفروضة مأخوذة من الفرض . وهو القطع ، يقال : فرضت لفلان كذا أي قطعت له شيئا من المال ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وقيل : هو من فرض القوس ، وهو الحز الذي في طرفيه حيث يوضع الوتر ليثبت فيه ويلزمه ولا يزول ، وقيل : الثاني خاص بفرائض الله وهي ما ألزم به عباده . وقال الراغب : الفرض قطع الشيء الصلب والتأثير فيه ، وخصت المواريث باسم الفرائض من قوله تعالى : نصيبا مفروضا أي مقدرا أو معلوما أو مقطوعا عن غيرهم .
قوله : ( وقول الله : يوصيكم الله في أولادكم ) أفاد السهيلي أن الحكمة في التعبير بلفظ الفعل المضارع لا بلفظ الفعل الماضي كما في قوله تعالى : ذلكم وصاكم به و سورة أنزلناها وفرضناها الإشارة إلى أن هذه الآية ناسخة للوصية المكتوبة عليهم كما سيأتي بيانه قريبا في باب ميراث الزوج قال : وأضاف الفعل إلى اسم المظهر تنويها بالحكم وتعظيما له ، وقال : في أولادكم ولم يقل بأولادكم إشارة إلى الأمر بالعدل فيهم ، ولذلك لم يخص الوصية بالميراث بل أتى باللفظ عاما وهو كقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=849142لا أشهد على جور وأضاف الأولاد إليهم مع أنه الذي أوصى بهم إشارة إلى أنه أرحم بهم من آبائهم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي بعد أن ذكر الروايتين في إحداهما فنزلت يستفتونك وفي أخرى آية المواريث : هذا تعارض لم يتفق بيانه إلى الآن ثم أشار إلى ترجيح آية المواريث وتوهيم يستفتونك ، ويظهر أن يقال : أن كلا من الآيتين لما كان فيها ذكر الكلالة نزلت في ذلك ، لكن الآية الأولى لما كانت الكلالة فيها خاصة بميراث الإخوة من الأم كما كان ابن مسعود يقرأ وله أخ أو أخت من أم وكذا قرأ nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بسند صحيح استفتوا عن ميراث غيرهم من الإخوة فنزلت الأخيرة ، فيصح أن كلا من الآيتين نزل في قصة جابر ، لكن المتعلق به من الآية الأولى ما يتعلق بالكلالة ، وأما سبب نزول أولها فورد من حديث جابر أيضا في قصة ابنتي nindex.php?page=showalam&ids=3402سعد بن الربيع ومنع عمهما أن يرثا من أبيهما فنزلت يوصيكم الله الآية فقال للعم : أعط ابنتي سعد الثلثين ، وقد بينت سياقه من وجه آخر هناك وبالله التوفيق .
وقد وقع في بعض طرق حديث جابر المذكور في الصحيحين nindex.php?page=hadith&LINKID=849144فقلت يا رسول الله إنما يرثني كلالة وقوله : " فلم يجبني بشيء " استدل به على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يجتهد ، ورد بأنه لا يلزم من انتظاره الوحي في هذه القصة الخاصة عموم ذلك في كل قصة ولا سيما وهي في مسألة المواريث التي غالبها لا مجال للرأي فيه ، سلمنا أنه كان يمكنه أن يجتهد فيها ، لكن لعله كان ينتظر الوحي أولا فإن لم ينزل اجتهد ، فلا يدل على نفي الاجتهاد مطلقا .