قوله : ( باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن وابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، واختلف على nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار في رفعه ووقفه ، وقيل إن ذلك هو السبب في كون nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لم يخرجه ، ولما كان الحكم صحيحا ذكره في الترجمة وأخرج في الباب ما يغني عنه ، لكن حديث الترجمة أعم من حديث الباب لأنه يشمل الصلوات كلها وحديث الباب يختص بالصبح كما سنوضحه ، ويحتمل أن يقال : اللام في حديث الترجمة عهدية فيتفقان ، هذا من حيث اللفظ ، وأما من حيث المعنى فالحكم في جميع الصلوات واحد ، وقد أخرجه أحمد من وجه آخر بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=843779فلا صلاة إلا التي أقيمت .
قوله : ( إذا أقيمت ) أي إذا شرع في الإقامة ، وصرح بذلك nindex.php?page=showalam&ids=16933محمد بن جحادة عن nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار فيما [ ص: 175 ] أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان بلفظ " nindex.php?page=hadith&LINKID=843780إذا أخذ المؤذن في الإقامة " وقوله " فلا صلاة " أي صحيحة أو كاملة ، والتقدير الأول أولى لأنه أقرب إلى نفي الحقيقة ، لكن لما لم يقطع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة المصلي واقتصر على الإنكار دل على أن المراد نفي الكمال . ويحتمل أن يكون النفي بمعنى النهي ، أي فلا تصلوا حينئذ ، ويؤيده ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التاريخ nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار وغيرهما من رواية محمد بن عمار عن شريك بن أبي نمر عن أنس مرفوعا في نحو حديث الباب وفيه nindex.php?page=hadith&LINKID=843781ونهى أن يصليا إذا أقيمت الصلاة وورد بصيغة النهي أيضا فيما رواه أحمد من وجه آخر عن ابن بحينة في قصته هذه فقال " nindex.php?page=hadith&LINKID=843782لا تجعلوا هذه الصلاة مثل الظهر واجعلوا بينهما فصلا " والنهي المذكور للتنزيه لما تقدم من كونه لم يقطع صلاته .
قوله : ( حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16339عبد الرحمن ) هو ابن بشر بن الحكم كما جزم به nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14033الجوزقي من طريقه .
قوله : ( سمعت رجلا من الأزد ) في رواية الأصيلي " من الأسد " بالمهملة الساكنة بدل الزاي الساكنة وهي لغة صحيحة .
قوله : ( يقال له مالك ابن بحينة ) هكذا يقول شعبة في هذا الصحابي ، وتابعه على ذلك أبو عوانة nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة ، وحكم الحفاظ nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي وابن الشرفي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني وأبو مسعود وآخرون عليهم بالوهم فيه في موضعين : أحدهما أن بحينة والدة عبد الله لا مالك ،
وثانيهما أن الصحبة والرواية لعبد الله لا لمالك ، وهو عبد الله بن مالك بن القشب بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة وهو لقب واسمه جندب بن نضلة بن عبد الله ، قال ابن سعد : قدم مالك بن القشب مكة يعني في الجاهلية فحالف بني المطلب بن عبد مناف وتزوج بحينة بنت الحارث بن المطلب واسمها عبدة ، وبحينة لقب ، وأدركت بحينة الإسلام فأسلمت وصحبت ، وأسلم ابنها عبد الله قديما ، ولم يذكر أحد nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا في الصحابة [ ص: 176 ] إلا بعض ممن تلقاه من هذا الإسناد ممن لا تمييز له ، وكذا أغرب الداودي الشارح فقال : هذا الاختلاف لا يضر فأي الرجلين كان فهو صاحب ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر اختلافا في بحينة هل هي أم عبد الله أو أم مالك ؟ والصواب أنها أم عبد الله كما تقدم ، فينبغي أن يكتب ابن بحينة بزيادة ألف ويعرب إعراب عبد الله كما في عبد الله بن أبي بن سلول nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد بن علي بن الحنفية .
قوله : ( لاث ) بمثلثة خفيفة ، أي أدار وأحاط . قال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : أصل اللوث الطي ، يقال لاث عمامته إذا أدارها .
قوله : ( به الناس ) ظاهره أن الضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكن طريق إبراهيم بن سعد المتقدمة تقتضي أنه للرجل .
قوله : ( آلصبح أربعا ؟ ) بهمزة ممدودة في أوله ، ويجوز قصرها ، وهو استفهام إنكار ، وأعاده تأكيدا للإنكار . والصبح بالنصب بإضمار فعل تقديره أتصلي الصبح ؟ وأربعا منصوب على الحال ، قاله ابن مالك . وقال الكرماني على البدلية قال : ويجوز رفع الصبح أي الصبح تصلي أربعا ؟ . واختلف في حكمة هذا الإنكار فقال القاضي عياض وغيره : لئلا يتطاول الزمان فيظن وجوبها . ويؤيده قوله في رواية إبراهيم بن سعد " يوشك أحدكم " وعلى هذا إذا حصل الأمن لا يكره ذلك ، وهو متعقب بعموم حديث الترجمة .
وقال بعضهم : إن كان في الأخيرة لم يكره له التشاغل بالنافلة ، بشرط الأمن من الالتباس كما تقدم ، والأول عن المالكية ، والثاني عن الحنفية ولهم في ذلك سلف عن ابن مسعود وغيره ، وكأنهم لما تعارض عندهم الأمر بتحصيل النافلة والنهي عن إيقاعها في تلك الحالة جمعوا بين الأمرين بذلك ، وذهب بعضهم إلى أن سبب الإنكار عدم الفصل بين الفرض والنفل لئلا يلتبسا ، وإلى هذا جنح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي واحتج له بالأحاديث الواردة بالأمر بذلك ، ومقتضاه أنه لو كان في زاوية المسجد لم يكره ، وهو متعقب بما ذكر ، إذ لو كان المراد مجرد الفصل بين الفرض والنفل لم يحصل إنكار أصلا ، لأن ابن بحينة سلم من صلاته قطعا ثم دخل في الفرض ، ويدل على ذلك أيضا حديث قيس بن عمرو الذي أخرجه أبو داود وغيره nindex.php?page=hadith&LINKID=843787أنه صلى ركعتي الفجر بعد الفراغ من صلاة الصبح ، فلما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سأله لم ينكر عليه قضاءهما بعد الفراغ من صلاة الصبح متصلا بها فدل على أن الإنكار على ابن بحينة إنما كان للتنفل حال صلاة الفرض ، وهو موافق لعموم [ ص: 177 ] حديث الترجمة . وقد فهم ابن عمر اختصاص المنع بمن يكون في المسجد لا خارجا عنه ، فصح عنه أنه كان يحصب من يتنفل في المسجد بعد الشروع في الإقامة ، وصح عنه أنه قصد المسجد فسمع الإقامة فصلى ركعتي الفجر في بيت حفصة ثم دخل المسجد فصلى مع الإمام ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وغيره : الحجة عند التنازع السنة ، فمن أدلى بها فقد أفلح ، وترك التنفل عند إقامة الصلاة وتداركها بعد قضاء الفرض أقرب إلى اتباع السنة ، ويتأيد ذلك من حيث المعنى بأن قوله في الإقامة " nindex.php?page=hadith&LINKID=843788حي على الصلاة " معناه هلموا إلى الصلاة أي التي يقام لها ، فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لم يتشاغل عنه بغيره والله أعلم . واستدل بعموم قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=843789فلا صلاة إلا المكتوبة " لمن قال يقطع النافلة إذا أقيمت الفريضة ، وبه قال أبو حامد وغيره من الشافعية ، وخص آخرون النهي بمن ينشئ النافلة عملا بعموم قوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم ، وقيل يفرق بين من يخشى فوت الفريضة في الجماعة فيقطع وإلا فلا ، واستدل بقوله " التي أقيمت " بأن المأموم لا يصلي فرضا ولا نفلا خلف من يصلي فرضا آخر ، كالظهر مثلا خلف من يصلي العصر ، وإن جازت إعادة الفرض خلف من يصلي ذلك الفرض .
قوله : ( تابعه غندر ومعاذ عن شعبة عن مالك ) أي تابعا بهز بن أسد في روايته عن شعبة بهذا الإسناد فقالا عن مالك بن بحينة ، وفي رواية الكشميهني عن شعبة عن مالك أي بإسناده ، والأول يقتضي اختصاص المتابعة بقوله عن مالك بن بحينة فقط ، والثاني يشمل جميع الإسناد والمتن ، وهو أولى لأنه الواقع في نفس الأمر . وطريق غندر وصلها أحمد في مسنده عنه كذلك ، وطريق nindex.php?page=showalam&ids=17104معاذ - وهو ابن معاذ العنبري البصري - وصلها nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية عبيد الله بن معاذ عن أبيه ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة ، وكذا أخرجه أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان وحجاج nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون كلهم عن شعبة كذلك .
قوله : ( وقال ابن إسحاق ) أي صاحب المغازي عن سعد أي ابن إبراهيم ، وهذه الرواية موافقة لرواية إبراهيم بن سعد عن أبيه وهي الراجحة .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد ) يعني ابن سلمة كما جزم به المزي وآخرون ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وابن منده موصولا من طريقه ، ووهم الكرماني في زعمه أنه حماد بن زيد ، والمراد أن حمادا وافق شعبة في قوله عن مالك بن بحينة ، وقد وافقهما أبو عوانة فيما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عن nindex.php?page=showalam&ids=14907جعفر الفريابي عن قتيبة عنه ، لكن أخرجه مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن قتيبة فوقع في روايتهما عن ابن بحينة مبهما ، وكأن ذلك وقع من قتيبة في وقت عمدا ليكون أقرب إلى الصواب ، قال أبو مسعود : أهل المدينة يقولون عبد الله بن بحينة وأهل العراق يقولون مالك بن بحينة ، والأول هو الصواب . انتهى . فيحتمل أن يكون السهو فيه من سعد بن إبراهيم لما حدث به بالعراق .
وقد رواه القعنبي عن إبراهيم بن سعد على وجه آخر من الوهم قال " عن عبد الله بن مالك بن بحينة عن أبيه " قال مسلم في صحيحه : قوله عن أبيه خطأ . انتهى . وكأنه لما رأى أهل العراق يقولون عن مالك بن بحينة ظن أن رواية أهل المدينة مرسلة فوهم في ذلك ، والله أعلم .