قوله : ( باب لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا )
كذا لهم بضم أوله على البناء للمجهول ، ولو كان بفتحه لنصب المحاربون وكان راجعا إلى فاعل يحسم في الباب الذي قبله . وأورد فيه قصة العرنيين من وجه آخر عن أبي قلابة عن أنس تاما .
قلت : وهذا لا ينافي أنه عاقبهم بذلك كما ثبت أنه سملهم لكونهم سملوا أعين الرعاة ، وإنما تركهم حتى ماتوا لأنه أراد إهلاكهم كما مضى في الحسم . وأبعد من قال إن تركهم بلا سقي لم يكن بعلم النبي صلى الله عليه وسلم .
وقوله في هذه الطريق " قالوا أبغنا " بهمزة قطع ثم موحدة ثم معجمة أي اطلب لنا يقال أبغاه كذا طلبه له ، وقوله : " رسلا " بكسر الراء وسكون المهملة أي لبنا ، وقوله : " ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، فيه تجريد وسياق الكلام يقتضي أن يقول بإبلي ولكنه كقول كبير القوم يقول لكم الأمير مثلا ، ومنه قول الخليفة يقول لكم أمير المؤمنين ، وتقدم في غير هذه الطريق وهو في الباب الأول أيضا بلفظ : " فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة " فجمع بعضهم بين الروايتين بأنه - صلى الله عليه وسلم - كانت له إبل ترعى وإبل الصدقة في جهة واحدة فدل كل من الصنفين على الصنف الآخر ، وقيل بل الكل إبل الصدقة وإضافتها إليه إضافة التبعية لكونه تحت حكمه ، ويؤيد الأول ما ذكر قريبا من تعطيش آل محمد لأنهم كانوا لا يتناولون الصدقة .