ولأبي داود من طريق أبي الضحى عن علي مرفوعا نحوه لكن قال : " عن الخرف " بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء بعدها فاء ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=849467رفع القلم عن ثلاثة " فذكره بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=849468وعن المبتلى حتى يبرأ " ، وهذه طرق تقوى بعضها ببعض ، وقد أطنب nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في تخريجها ثم قال : لا يصح منها شيء والمرفوع أولى بالصواب .
وقد أخذ الفقهاء بمقتضى هذه الأحاديث ، لكن ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان أن المراد برفع القلم ترك كتابة الشر عنهم دون الخير ، وقال شيخنا في " شرح الترمذي " : هو ظاهر في الصبي دون المجنون والنائم لأنهما في حيز من ليس قابلا لصحة العبادة منه لزوال الشعور .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي أن بعض الفقهاء سئل عن إسلام الصبي فقال : لا يصح ، واستدل بهذا الحديث ، فعورض بأن الذي ارتفع عنه قلم المؤاخذة وأما قلم الثواب فلا لقوله nindex.php?page=hadith&LINKID=849470للمرأة لما سألته : " ألهذا حج؟ قال : نعم " ، ولقوله : مروهم بالصلاة فإذا جرى له قلم الثواب فكلمة الإسلام أجل أنواع الثواب فكيف يقال إنها تقع لغوا ويعتد بحجه وصلاته؟ واستدل بقوله : " حتى يحتلم " على أنه لا يؤاخذ قبل ذلك ، واحتج من قال : يؤاخذ قبل ذلك بالردة ، وكذا من قال من المالكية يقام الحد على المراهق ويعتبر طلاقه لقوله في الطريق الأخرى " حتى يكبر " والأخرى " حتى يشب " .
وتعقبه nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي بأن الرواية بلفظ " حتى يحتلم " هي العلامة المحققة فيتعين اعتبارها وحمل باقي الروايات عليها .
قوله : ( عن عقيل ) هو ابن خالد .
قوله : ( عن أبي سلمة nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ) هذه رواية يحيى بن بكير عن الليث ، ووافقه شعيب بن الليث عن أبيه عند مسلم ، وسيأتي بعد ستة أبواب من رواية سعيد بن عفير عن الليث عن عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب ، وجمعها مسلم فوصل رواية عقيل وعلق رواية عبد الرحمن فقال بعد رواية الليث عن عقيل : ورواه الليث أيضا عن عبد الرحمن بن خالد .
قلت : ورواه معمر ويونس nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج عن ابن شهاب عن أبي سلمة وحده عن جابر ، وجمع مسلم هذه الطرق وأحال بلفظها على رواية عقيل ، وسيأتي nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري بعد بابين من رواية معمر ، وعلق طرفا منه ليونس nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ووصل رواية يونس قبل هذا ، وأما رواية nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج [ ص: 125 ] فوصلها مسلم عن إسحاق ابن راهويه عن عبد الرزاق عن معمر nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج معا ، ووقعت لنا بعلو في " مستخرج أبي نعيم " من رواية nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن الفربري عن عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وحده .
قوله : ( أتى رجل ) زاد ابن مسافر في روايته : " من الناس " ، وفي رواية شعيب بن الليث : " من المسلمين " ، وفي رواية يونس ومعمر : " أن رجلا من أسلم " ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة عند مسلم : رأيت ماعز بن مالك الأسلمي حين جيء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث وفيه رجل قصير أعضل ليس عليه رداء وفي لفظ : " ذو عضلات " بفتح المهملة ثم المعجمة .
قال أبو عبيدة : العضلة ما اجتمع من اللحم في أعلى باطن الساق ، وقال الأصمعي : كل عصبة مع لحم فهي عضلة . وقال ابن القطاع : العضلة لحم الساق والذراع وكل لحمة مستديرة في البدن والأعضل الشديد الخلق ومنه أعضل الأمر إذا اشتد ، لكن دلت الرواية الأخرى على أن المراد به هنا كثير العضلات .
قوله : ( فأعرض عنه ) زاد ابن مسافر " فتنحى لشق وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أعرض قبله " بكسر القاف وفتح الموحدة ، وفي رواية شعيب " فتنحى تلقاء وجهه " أي انتقل من الناحية التي كان فيها إلى الناحية التي يستقبل بها وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، و تلقاء منصوب على الظرفية وأصله مصدر أقيم مقام الظرف أي مكان تلقاء فحذف مكان قبل ، وليس من المصادر تفعال بكسر أوله إلا هذا وتبيان وسائرها بفتح أوله ، وأما الأسماء بهذا الوزن فكثيرة .
قوله : ( فلما شهد على نفسه أربع شهادات ) في رواية أبي ذر " أربع مرات " ، وفي رواية بريدة المذكورة " حتى إذا كانت الرابعة قال : فبم أطهرك " ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة من طريق أبي عوانة عن سماك : " فشهد على نفسه أربع شهادات " أخرجه مسلم وأخرجه من طريق شعبة عن سماك قال : " فرده مرتين " ، وفي أخرى : " مرتين أو ثلاثا " .
قال شعبة قال سماك : فذكرته nindex.php?page=showalam&ids=15992لسعيد بن جبير فقال إنه رده أربع مرات .
قوله : ( فقال أبك جنون؟ قال لا ) في رواية شعيب في الطلاق : " وهل بك جنون " .
وفي حديث بريدة " فسأل أبه جنون؟ فأخبر بأنه ليس بمجنون " ، وفي لفظ : " فأرسل إلى قومه فقالوا : ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا " ، وفي حديث أبي سعيد : " ثم سأل قومه فقالوا : ما نعلم به بأسا إلا أنه أصاب شيئا يرى أنه لا يخرج منه إلا أن يقام فيه الحد لله " .
ويجمع بينهما بأنه سأله ثم سأل عنه احتياطا ، فإن فائدة سؤاله أنه لو ادعى الجنون لكان في ذلك دفع لإقامة الحد عليه حتى يظهر خلاف دعواه ، فلما أجاب بأنه لا جنون به سأل عنه لاحتمال أن يكون كذلك ولا يعتد بقوله ، وعند أبي داود من طريق نعيم بن هزال قال : " كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي ، فأصاب جارية من الحي ، فقال له أبي : ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك ورجاء أن يكون له مخرج " فذكر الحديث ، فقال عياض : فائدة سؤاله أبك جنون ستر لحاله واستبعاد أن يلح عاقل بالاعتراف بما يقتضي إهلاكه ، ولعله يرجع عن قوله ، أو لأنه سمعه وحده ، أو ليتم إقراره أربعا عند من يشترطه .
وأما سؤاله قومه عنه بعد ذلك فمبالغة في الاستثبات وتعقب بعض الشراح قوله : " أو لأنه سمعه وحده " بأنه كلام ساقط ؛ لأنه وقع في نفس الخبر أن ذلك كان بمحضر الصحابة في المسجد .
قلت : ويرد بوجه آخر وهو أن انفراده - صلى الله عليه وسلم - بسماع إقرار المقر كاف في الحكم عليه بعلمه اتفاقا ؛ إذ لا ينطق عن الهوى ، بخلاف غيره ففيه احتمال .
قوله : ( قال فهل أحصنت ) أي تزوجت ، هذا معناه جزما هنا ، لافتراق الحكم في حد من تزوج ومن لم يتزوج .
قوله : ( فأخبرني من سمع nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ) صرح يونس ومعمر في روايتهما بأنه أبو سلمة [ ص: 127 ] بن عبد الرحمن ، فكأن الحديث كان عند أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة كما عند nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب وعنده زيادة عليه عن جابر .
قوله : ( فكنت فيمن رجمه فرجمناه بالمصلى ) في رواية معمر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=849479فأمر به فرجم بالمصلى " ، وفي حديث أبي سعيد : " فما أوثقناه ولا حفرنا له " قال : " فرميناه بالعظام والمدر والخزف " بفتح المعجمة والزاي وبالفاء ، وهي الآنية التي تتخذ من الطين المشوي ، وكأن المراد ما تكسر منها .
قوله : ( فلما أذلقته ) بذال معجمة وفتح اللام بعدها قاف ، أي أقلقته وزنه ومعناه ، قال أهل اللغة : الذلق بالتحريك القلق وممن ذكره الجوهري ، وقال في النهاية : أذلقته بلغت منه الجهد حتى قلق ، يقال أذلقه الشيء أجهده ، وقال النووي : معنى أذلقته الحجارة أصابته بحدها ، ومنه انذلق صار له حد يقطع .
قوله : ( هرب ) في رواية ابن مسافر : " جمز " بجيم وميم مفتوحتين ثم زاي أي وثب مسرعا وليس بالشديد العدو بل كالقفز . ووقع في حديث أبي سعيد : " فاشتد وأسند لنا خلفه " .
قوله : ( فأدركناه بالحرة فرجمناه ) زاد معمر في روايته : " حتى مات " ، وفي حديث أبي سعيد : " حتى أتى عرض - بضم أوله أي جانب - الحرة ، فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت " .
وفي هذا الحديث من الفوائد منقبة عظيمة لماعز بن مالك لأنه استمر على طلب إقامة الحد عليه مع توبته ليتم تطهيره ولم يرجع عن إقراره مع أن الطبع البشري يقتضي أنه لا يستمر على الإقرار بما يقتضي إزهاق نفسه فجاهد نفسه على ذلك وقوي عليها وأقر من غير اضطرار إلى إقامة ذلك عليه بالشهادة مع وضوح الطريق إلى سلامته من القتل بالتوبة ، ولا يقال لعله لم يعلم أن الحد بعد أن يرفع للإمام يرتفع بالرجوع لأنا نقول كان له طريق أن يبرز أمره في صورة الاستفتاء فيعلم ما يخفى عليه من أحكام المسألة ويبني على ما يجاب به ويعدل عن الإقرار إلى ذلك ، ويؤخذ من قضيته : أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز ، وأن من اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا ولا يفضحه ولا يرفعه إلى الإمام كما قال - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة : nindex.php?page=hadith&LINKID=849485لو سترته بثوبك لكان خيرا لك وبهذا جزم nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - فقال : أحب لمن أصاب ذنبا فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب ، واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : هذا كله في غير المجاهر ، فأما إذا كان متظاهرا بالفاحشة مجاهرا فإني أحب مكاشفته والتبريح به لينزجر هو وغيره .
وقد [ ص: 128 ] استشكل استحباب الستر مع ما وقع من الثناء على ماعز والغامدية ، وأجاب شيخنا في شرح الترمذي " بأن الغامدية كان ظهر بها الحبل مع كونها غير ذات زوج ، فتعذر الاستتار للاطلاع على ما يشعر بالفاحشة ، ومن ثم قيد بعضهم ترجيح الاستتار حيث لا يكون هناك ما يشعر بضده ، وإن وجد فالرفع إلى الإمام ليقيم عليه الحد أفضل . انتهى .
والذي يظهر أن الستر مستحب والرفع لقصد المبالغة في التطهير أحب ، والعلم عند الله تعالى .
وفيه التثبت في إزهاق نفس المسلم والمبالغة في صيانته ، لما وقع في هذه القصة من ترديده والإيماء إليه بالرجوع والإشارة إلى قبول دعواه إن ادعى إكراها أو خطأ في معنى الزنا أو مباشرة دون الفرج مثلا أو غير ذلك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وجاء عن مالك رواية أنه لا أثر لرجوعه ، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أحق أن يتبع ، وفيه أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها ولا يخبر بها أحدا ويستتر بستر الله ، وإن اتفق أنه يخبر أحدا فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر ثم عمر ، وقد أخرج قصته معهما في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مرسلة ، ووصله أبو داود وغيره من رواية يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي : المعنى خيرا لك مما أمرته به من إظهار أمره ، وكان ستره بأن يأمره بالتوبة والكتمان كما أمره أبو بكر وعمر ، وذكر الثوب مبالغة أي لو لم تجد السبيل إلى ستره إلا بردائك ممن علم أمره كان أفضل مما أشرت به عليه من الإظهار .
واستدل به على اشتراط تكرير الإقرار بالزنا أربعا لظاهر قوله : " فلما شهد على نفسه أربع شهادات " فإن فيه إشعارا بأن العدد هو العلة في تأخير إقامة الحد عليه وإلا لأمر برجمه في أول مرة ، ولأن في حديث ابن عباس : " قال لماعز قد شهدت على نفسك أربع شهادات ، اذهبوا به فارجموه " .
وقد تقدم ما يؤيده ويؤيد القياس على عدد شهود الزنا دون غيره من الحدود ، وهو قول الكوفيين والراجح عند الحنابلة ، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى فاشترط أن تتعدد مجالس الإقرار ، وهي رواية عن الحنفية وتمسكوا بصورة الواقعة ، لكن الروايات فيها اختلفت ، والذي يظهر أن المجالس تعددت لكن لا بعدد الإقرار ، فأكثر ما نقل في ذلك أنه أقر مرتين ثم عاد من الغد فأقر مرتين كما تقدم بيانه من عند مسلم ، وتأول الجمهور بأن ذلك وقع في قصة ماعز وهي واقعة حال فجاز أن يكون لزيادة الاستثبات ، ويؤيد هذا الجواب ما تقدم في سياق حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وما وقع عند مسلم في قصة الغامدية ؛ حيث قالت لما جاءت nindex.php?page=hadith&LINKID=849486طهرني ، فقال : ويحك ارجعي فاستغفري ، قالت : أراك تريد أن ترددني كما رددت ماعزا إنها حبلى من الزنا فلم يؤخر إقامة الحد عليها إلا لكونها حبلى .
وأجابوا عن القياس المذكور بأن القتل لا يقبل فيه إلا شاهدان بخلاف سائر الأموال فيقبل فيها شاهد وامرأتان ، فكان قياس ذلك أن يشترط الإقرار بالقتل مرتين ، [ ص: 129 ] وقد اتفقوا أنه يكفي فيه مرة .
فإن قلت : والاستدلال بمجرد عدم الذكر في قصة العسيف وغيره فيه نظر ، فإن عدم الذكر لا يدل على عدم الوقوع ، فإذا ثبت كون العدد شرطا فالسكوت عن ذكره يحتمل أن يكون لعلم المأمور به .
وأما قول الغامدية : " nindex.php?page=hadith&LINKID=849488تريد أن ترددني كما رددت ماعزا " فيمكن التمسك به ، لكن أجاب الطيبي بأن قولها إنها حبلى من الزنا فيه إشارة إلى أن حالها مغايرة لحال ماعز ؛ لأنهما وإن اشتركا في الزنا لكن العلة غير جامعة ؛ لأن ماعزا كان متمكنا من الرجوع عن إقراره بخلافها ، فكأنها قالت أنا غير متمكنة من الإنكار بعد الإقرار لظهور الحمل بها بخلافه . وتعقب بأنه كان يمكنها أن تدعي إكراها أو خطأ أو شبهة .
وفيه أن الإمام لا يشترط أن يبدأ بالرجم فيمن أقر وإن كان ذلك مستحبا لأن الإمام إذا بدأ مع كونه مأمورا بالتثبت والاحتياط فيه كان ذلك أدعى إلى الزجر عن التساهل في الحكم وإلى الحض على التثبت في الحكم ، ولهذا يبدأ الشهود إذا ثبت الرجم بالبينة .
وعند الشافعية : لا يحفر للرجل ، وفي وجه : يتخير الإمام وهو أرجح لثبوته في قصة ماعز ، فالمثبت مقدم على النافي ، وقد جمع بينهما بما دل على وجود حفر في الجملة ، وفي المرأة أوجه ثالثها الأصح إن ثبت زناها بالبينة استحب لا بالإقرار وعن الأئمة الثلاثة في المشهور عنهم لا يحفر ، وقال أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : يحفر للرجل وللمرأة .
وفيه جواز تلقين المقر بما يوجب الحد ما يدفع به عنه الحد وأن الحد لا يجب إلا بالإقرار الصريح ، ومن ثم شرط على من شهد بالزنا أن يقول : رأيته ولج ذكره في فرجها أو ما أشبه ذلك ، ولا يكفي أن يقول أشهد أنه زنى ، وثبت عن جماعة من الصحابة تلقين المقر بالحد كما أخرجه مالك عن عمرو بن أبي شيبة >[1] عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء وعن علي في قصة شراحة ، ومنهم من خص التلقين بمن يظن به أنه يجهل حكم الزنا وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، وعند المالكية يستثنى تلقين المشتهر بانتهاك الحرمات ، ويجوز تلقين من عداه وليس ذلك بشرط .
وفيه ترك سجن من اعترف بالزنا في مدة الاستثبات وفي الحامل حتى تضع ، وقيل إن المدينة لم يكن بها حينئذ سجن ، وإنما كان يسلم كل جان لوليه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : إنما لم يأمر بسجنه ولا التوكيل به لأن رجوعه مقبول فلا فائدة في ذلك مع جواز الإعراض عنه إذا رجع ، ويؤخذ من قوله : " هل أحصنت " وجوب الاستفسار عن الحال التي تختلف الأحكام باختلافها .
وفيه أن إقرار السكران لا أثر له يؤخذ من قوله : " استنكهوه " والذين اعتبروه وقالوا إن عقله زال بمعصيته ، ولا دلالة في قصة ماعز لاحتمال تقدمها على تحريم الخمر أو أن سكره وقع عن غير معصية .
وعند المالكية في المشهور لا يترك إذا هرب ، وقيل يشترط أن يؤخذ على الفور فإن لم يؤخذ ترك ، وعن ابن عيينة إن أخذ في الحال كمل عليه الحد [ ص: 130 ] وإن أخذ بعد أيام ترك .
وعن أشهب إن ذكر عذرا يقبل ترك وإلا فلا ، ونقله القعنبي عن مالك ، وحكى الكجي عنه قولين فيمن رجع إلى شبهة ، ومنهم من قيده بما بعد إقراره عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، واحتجوا بأن الذين رجموه حتى مات بعد أن هرب لم يلزموا بديته فلو شرع تركه لوجبت عليهم الدية ، والجواب أنه لم يصرح بالرجوع ، ولم يقل أحد إن حد الرجم يسقط بمجرد الهرب ، وقد عبر في حديث بريدة بقوله : " لعله يتوب " واستدل به على الاكتفاء بالرجم في حد من أحصر من غير جلد وقد تقدم البحث فيه ، وأن المصلى إذا لم يكن وقفا لا يثبت له حكم المسجد وسيأتي البحث فيه بعد بابين ، وأن المرجوم في الحد لا تشرع الصلاة عليه إذا مات بالحد ويأتي البحث فيه أيضا قريبا ، وأن من وجد منه ريح الخمر وجب عليه الحد من جهة استنكاه ماعز بعد أن قال له أشربت خمرا؟
قال القرطبي : وهو قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي كذا قال ، وقال المازري : استدل به بعضهم على أن طلاق السكران لا يقع ، وتعقبه عياض بأنه لا يلزم من درء الحد به أنه لا يقع طلاقه لوجود تهمته على ما يظهره من عدم العقل ، قال : ولم يختلف في غير الطافح أن طلاقه لازم ، قال ومذهبنا التزامه بجميع أحكام الصحيح لأنه أدخل ذلك على نفسه وهو حقيقة مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، واستثنى من أكره ومن شرب ما ظن أنه غير مسكر ووافقه بعض متأخري المالكية .
وقال النووي : الصحيح عندنا صحة إقرار السكران ونفوذ أقواله فيما له وعليه ، قال : والسؤال عن شربه الخمر محمول عندنا على أنه لو كان سكران لم يقم عليه الحد كذا أطلق فألزم التناقض ، وليس كذلك فإن مراده لم يقم عليه الحد لوجود الشبهة كما تقدم من كلام عياض .
قلت : وقد مضى ما يتعلق بذلك في كتاب الطلاق ، ومن المذاهب الظريفة فيه قول الليث : يعمل بأفعاله ولا يعمل بأقواله لأنه يلتذ بفعله ويشفي غيظه ولا يفقه أكثر ما يقول وقد قال تعالى : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون .