[ ص: 182 ] قوله : ( باب ما جاء في التعريض ) بعين مهملة وضاد معجمة ، قال الراغب : هو كلام له وجهان ظاهر وباطن ، فيقصد قائله الباطن ويظهر إرادة الظاهر ، وتقدم شيء من الكلام فيه في " باب التعريض بنفي الولد " من كتاب اللعان في شرح حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في قصة الأعرابي الذي قال : " إن امرأتي ولدت غلاما أسود " الحديث .
وذكرت هناك ما قيل في اسمه وبيان الاختلاف في حكم التعريض ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي استدل بهذا الحديث على أن التعريض بالقذف لا يعطى حكم التصريح ، فتبعه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حيث أورد هذا الحديث في الموضوعين ، وقد وقع في آخر رواية معمر التي أشرت إليها هناك " ولم يرخص له في الانتفاء منه " ، وقول الزهري : إنما تكون الملاعنة إذا قال رأيت الفاحشة .
قال ابن بطال : احتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بأن التعريض في خطبة المعتدة جائز مع تحريم التصريح بخطبتها ، فدل على افتراق حكمها ، قال : وأجاب القاضي إسماعيل بأن التعريض بالخطبة جائز ؛ لأن النكاح لا يكون إلا بين اثنين ، فإذا صرح بالخطبة وقع عليه الجواب بالإيجاب أو الوعد فمنع ، وإذا عرض فأفهم أن المرأة من حاجته لم يحتج إلى جواب ، والتعريض بالقذف يقع من الواحد ولا يفتقر إلى جواب ، فهو قاذف من غير أن يخفيه عن أحد فقام مقام الصريح ، كذا فرق ، ويعكر عليه أن الحد يدفع بالشبهة والتعريض يحتمل الأمرين ، بل عدم القذف فيه هو الظاهر وإلا لما كان تعريضا ، ومن لم يقل بالحد في التعريض يقول بالتأديب فيه لأن في التعريض أذى المسلم .
وقد أجمعوا على تأديب من وجد مع امرأة أجنبية في بيت والباب مغلق عليهما ، وقد ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي أنه قال : في التعريض عقوبة ، وقال عبد الرزاق : " أنبأنا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قلت لعطاء : فالتعريض؟ قال : ليس فيه حد ، قال عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار : فيه نكال " .
ونقل ابن التين عن الداودي أنه قال : تبويب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري غير معتدل ، قال : ولو قال : ما جاء في ذكر ما يقع في النفوس عندما يرى ما ينكره لكان صوابا .
قلت : ولو سكت عن هذا لكان هو الصواب ، قال ابن التين : وقد انفصل المالكية عن حديث الباب بأن الأعرابي إنما جاء مستفتيا ولم يرد بتعريضه قذفا .
وحاصله أن القذف في التعريض إنما يثبت على من عرف من إرادته القذف ، وهذا يقوي أن لا حد في التعريض لتعذر الاطلاع على الإرادة ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .