قوله : ( باب إذا عض يد رجل فوقعت ثناياه ) أي هل يلزمه فيه شيء أو لا؟ ذكر فيه حديثين :
الأول : قوله : ( عن زرارة ) بضم الزاي المعجمة ثم مهملتين الأولى خفيفة بينهما ألف بغير همز ، وهو العامري ، ووقع عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي في رواية علي بن الجعد عن شعبة : " أخبرني قتادة أنه سمع زرارة " .
قوله : ( أن رجلا عض يد رجل ) في رواية محمد بن جعفر عن شعبة عند مسلم بهذا السند عن عمران قال : " قاتل nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية رجلا فعض أحدهما صاحبه " الحديث ، قال شعبة : وعن قتادة عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء هو ابن أبي رباح عن أبي يعلى - يعني صفوان - عن nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية قال مثله ، وكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك عن شعبة بهذا السند فقال في روايته بمثل الذي قبله يعني حديث عمران بن حصين .
قلت : ولشعبة فيه سند آخر إلى يعلى أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق ابن أبي عدي وعبيد بن عقيل كلاهما عن شعبة عن الحكم عن مجاهد عن يعلى ، ووقع في رواية عبيد بن عقيل : " أن رجلا من بني تميم قاتل رجلا فعض يده " .
ويستفاد من هذه الرواية تعيين أحد الرجلين المبهمين وأنه nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية ، وقد روى يعلى هذه القصة وهي الحديث الثاني في الباب ، فبين في بعض طرقه أن أحدهما كان أجيرا له ، ولفظه في الجهاد : " غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فذكر الحديث وفيه : " فاستأجرت أجيرا فقاتل رجلا فعض أحدهما الآخر فعرف أن الرجلين المبهمين يعلى وأجيره وأن يعلى أبهم نفسه لكن عينه عمران بن حصين ، ولم أقف على تسمية أجيره .
وأما تمييز العاض من المعضوض فوقع بيانه في غزوة تبوك من المغازي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13853محمد بن بكر عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في حديث يعلى قال عطاء : فلقد أخبرني صفوان بن يعلى أيهما عض الآخر فنسيته فظن أنه مستمر على الإبهام ، ولكن وقع عند مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق بديل بن ميسرة عن عطاء بلفظ : " أن أجيرا ليعلى عض رجل ذراعه " .
ويؤيده أيضا رواية عبيد بن عقيل التي ذكرتها من عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي بلفظ : " أن رجلا من بني تميم عض " فإن يعلى تميمي وأما أجيره فإنه لم يقع التصريح بأنه تميمي ، وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12300محمد بن مسلم الزهري عن صفوان بن يعلى عن أبيه نحو [ ص: 230 ] رواية سلمة ولفظه : " فقاتل رجلا فعض الرجل ذراعه فأوجعه " وعرف بهذا أن العاض هو nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية ، ولعل هذا هو السر في إبهامه نفسه .
وقد أنكر القرطبي أن يكون يعلى هو العاض فقال : يظهر من هذه الرواية أن يعلى هو الذي قاتل الأجير ، وفي الرواية الأخرى : " أن أجيرا ليعلى عض يد رجل " وهذا هو الأولى والأليق إذ لا يليق ذلك الفعل بيعلى مع جلالته وفضله .
قلت : لم يقع في شيء من الطرق أن الأجير هو العاض وإنما التبس عليه أن في بعض طرقه عند مسلم كما بينته " أن أجيرا ليعلى عض رجل ذراعه " فجوز أن يكون العاض غير يعلى ، وأما استبعاده أن يقع ذلك من يعلى مع جلالته فلا معنى له مع ثبوت التصريح به في الخبر الصحيح ، فيحتمل أن يكون ذلك صدر منه في أوائل إسلامه فلا استبعاد .
وقال النووي : وأما قوله يعني في الرواية الأولى : " أن يعلى هو المعضوض " ، وفي الرواية الثانية والثالثة : المعضوض هو أجير يعلى لا يعلى فقال الحفاظ : الصحيح المعروف أن المعضوض أجير يعلى لا يعلى .
قال : ويحتمل أنهما قضيتان جرتا ليعلى ولأجيره في وقت أو وقتين ، وتعقبه شيخنا في شرح الترمذي بأنه ليس في رواية مسلم ولا رواية غيره في الكتب الستة ولا غيرها أن يعلى هو المعضوض لا صريحا ولا إشارة ، وقال شيخنا : فيتعين على هذا أن يعلى هو العاض ، والله أعلم .
قلت : وإنما تردد عياض وغيره في العاض هل هو يعلى أو آخر أجنبي كما قدمته من كلام القرطبي ، والله أعلم .
وفي حديث يعلى الماضي في الإجارة : " فعض إصبع صاحبه فانتزع إصبعه " وفي الجمع بين الذراع والإصبع عسر ، ويبعد الحمل على تعدد القصة لاتحاد المخرج ؛ لأن مدارها على عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه ، فوقع في رواية إسماعيل بن علية عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عنه " إصبعه " ، وهذه في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولم يسق مسلم لفظها .
وفي رواية ابن ميسرة عن عطاء عند مسلم وكذا في رواية الزهري عن صفوان عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : " ذراعه " ، ووافقه سفيان بن عيينة عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في رواية إسحاق بن راهويه عنه ، فالذي يترجح الذراع ، وقد وقع أيضا في حديث سلمة بن أمية عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي مثل ذلك ، وانفراد nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج بلفظ الإصبع لا يقاوم هذه الروايات المتعاضدة على الذراع ، والله أعلم .
قوله : ( فوقعت ثنيتاه ) كذا للأكثر بالتثنية و للكشميهني " ثناياه " بصيغة الجمع ، وفي رواية هشام المذكورة : " فسقطت ثنيته " بالإفراد وكذا له في رواية ابن سيرين عن عمران ، وكذا في رواية سلمة بن أمية بلفظ : " فجذب صاحبه يده فطرح ثنيته " ، وقد تترجح رواية التثنية لأنه يمكن حمل الرواية التي بصيغة الجمع عليها على رأي من يجيز في الاثنين صيغة الجمع ، ورد الرواية التي بالإفراد إليها على إرادة الجنس ، لكن وقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13853محمد بن بكر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=891273فانتزع إحدى ثنيتيه " ، فهذه أصرح في الوحدة ، وقول من يقول في هذا بالحمل على التعدد بعيد أيضا لاتحاد المخرج ، ووقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : " فندرت ثنيته " .
قوله : ( فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم ) كذا في هذا الموضع ، والمراد يعلى وأجيره ومن انضم إليهما ممن يلوذ بهما أو بأحدهما ، وفي رواية هشام : فرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي رواية ابن سيرين : " فاستعدى عليه " .
وفي حديث يعلى : " فانطلق " هذه رواية nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، وفي رواية سفيان : " فأتى " ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13853محمد بن بكر عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج في المغازي : " فأتيا " .
قوله : ( كما يعض الفحل ) وفي حديث سلمة : " كعضاض الفحل " أي الذكر من الإبل ، ويطلق على غيره من ذكور الدواب ، ووقع في الرواية التي في الجهاد وكذا في حديث هشام : " ويقضمها " بسكون القاف وفتح الضاد المعجمة على الأفصح " nindex.php?page=hadith&LINKID=891275كما يقضم الفحل " من القضم وهو الأكل بأطراف الأسنان ، والخضم بالخاء المعجمة بدل القاف الأكل بأقصاها وبأدنى الأضراس ، ويطلق على الدق والكسر ولا يكون إلا في الشيء الصلب ؛ حكاه صاحب الراعي في اللغة .
قوله : ( لا دية له ) في رواية الكشميهني : " لا دية لك " ، ووقع في رواية هشام : nindex.php?page=hadith&LINKID=891276فأبطله وقال أردت أن تأكل لحمه وفي حديث سلمة : " ثم تأتي تلتمس العقل لا عقل لها فأبطلها " ، وفي رواية ابن سيرين : " فقال ما تأمرني؟ أتأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها قضم الفحل ادفع يدك حتى يقضمها ثم انزعها " ، كذا لمسلم وعند أبي نعيم في المستخرج من الوجه الذي أخرجه مسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=891277إن شئت أمرناه فعض يدك ثم انتزعها أنت " ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية : " فأهدرها " ، وفي هذا الباب " فأبطلها " وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي .