قوله : ( باب العاقلة ) بكسر القاف جمع عاقل وهو دافع الدية ، وسميت الدية عقلا تسمية بالمصدر لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل ، ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية ولو لم تكن إبلا ، وعاقلة الرجل قراباته من قبل الأب وهم عصبته ، وهم الذين كانوا يعقلون الإبل على باب ولي المقتول .
وتحمل العاقلة الدية ثابت بالسنة ، وأجمع أهل العلم على ذلك ، وهو مخالف لظاهر قوله : ولا تزر وازرة وزر أخرى لكنه خص من عمومها ذلك لما فيه من المصلحة ، لأن القاتل لو أخذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله ، لأن تتابع الخطإ منه لا يؤمن ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول .
قلت : ويحتمل أن يكون السر فيه أنه لو أفرد بالتغريم حتى يفتقر لآل الأمر إلى الإهدار بعد الافتقار ، فجعل على عاقلته لأن احتمال فقر الواحد أكثر من احتمال فقر الجماعة ، ولأنه إذا تكرر ذلك منه كان تحذيره من العود إلى مثل ذلك من جماعة أدعى إلى القبول من تحذيره نفسه ، والعلم عند الله تعالى .
وعاقلة الرجل عشيرته ، فيبدأ بفخذه الأدنى فإن عجزوا ضم إليهم الأقرب إليهم وهي على الرجال الأحرار البالغين أولي اليسار منهم .
[ ص: 257 ] قوله : ( قال مطرف ) كذا لأبي ذر ، وللباقين " حدثنا مطرف " ، ويؤيده أنه سيأتي بعد ستة أبواب بهذا السند بعينه ولفظه " حدثنا مطرف " ، وكذا هو في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن ابن عيينة ، ومطرف هو ابن طريف بطاء مهملة ثم فاء في اسمه واسم أبيه ، وهو كوفي ثقة معروف ، ووقع مذكورا باسم أبيه في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن محمد بن منصور عن ابن عيينة .
قوله : ( هل عندكم شيء ما ليس في القرآن ) أي مما كتبتموه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء حفظتموه أم لا ، وليس المراد تعميم كل مكتوب ومحفوظ لكثرة الثابت عن علي من مرويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما ليس في الصحيفة المذكورة والمراد ما يفهم من فحوى لفظ القرآن ويستدل به من باطن معانيه ، ومراد علي أن الذي عنده زائدا على القرآن مما كتب عنه الصحيفة المذكورة وما استنبط من القرآن كأنه كان يكتب ما يقع له من ذلك لئلا ينساه ، بخلاف ما حفظه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام فإنه يتعاهدها بالفعل والإفتاء بها فلم يخش عليها من النسيان ، وقوله : " إلا فهما يعطى رجل في كتابه " في رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي المذكورة : " إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه " ، وكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وقد تقدم في كتاب الجهاد من وجه آخر عن مطرف بلفظ : " إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن " .