باب العجماء جبار وقال ابن سيرين كانوا لا يضمنون من النفحة ويضمنون من رد العنان وقال حماد لا تضمن النفحة إلا أن ينخس إنسان الدابة وقال شريح لا تضمن ما عاقبت أن يضربها فتضرب برجلها وقال الحكم وحماد إذا ساق المكاري حمارا عليه امرأة فتخر لا شيء عليه وقال الشعبي إذا ساق دابة فأتعبها فهو ضامن لما أصابت وإن كان خلفها مترسلا لم يضمن
قوله : ( باب العجماء جبار ) أفردها بترجمة لما فيها من التفاريع الزائدة عن البئر والمعدن ، وتقدمت الإشارة إلى ذلك .
قوله : ( وقال ابن سيرين كانوا لا يضمنون ) بالتشديد ( من النفحة ) بفتح النون وسكون الفاء ثم حاء مهملة أي الضربة بالرجل ، يقال نفحت الدابة إذا ضربت برجلها ونفح بالمال رمى به ونفح عن فلان ونافح دفع ودافع .
[ ص: 268 ] قوله : ( ويضمنون من رد العنان ) بكسر المهملة ثم نون خفيفة هو ما يوضع في فم الدابة ليصرفها الراكب كما يختار والمعنى أن الدابة إذا كانت مركوبة فلفت الراكب عنانها فأصابت برجلها شيئا ضمنه الراكب ، وإذا ضربت برجلها من غير أن يكون له في ذلك تسبب لم يضمن ، وهذا الأثر وصله nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور عن هشيم حدثنا ابن عون عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، وهذا سند صحيح ، وأسنده ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن سيرين نحوه .
قوله : ( وقال حماد لا تضمن النفحة إلا أن ينخس ) بنون ومعجمة ثم مهملة أي يطعن .
قوله : ( إنسان الدابة ) هو أعم من أن يكون صاحبها أو أجنبيا ، وهذا الأثر وصل بعضه ابن أبي شيبة من طريق شعبة سألت الحكم عن رجل واقف على دابته فضربت برجلها فقال : يضمن ، وقال حماد : لا يضمن .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ) هو ابن الحارث القاضي المشهور .
قوله : ( لا يضمن ما عاقبت ) أي الدابة ( أن يضربها فتضرب برجلها ) وصله ابن أبي شيبة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن شريح قال : يضمن السائق والراكب ولا يضمن الدابة إذا عاقبت ، قلت : وما عاقبت قال إذا ضربها رجل فأصابته ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور من هذا الوجه وزاد " أو رأسها إلا أن يضربها رجل فتعاقبه فلا ضمان " .
قوله : ( وقال nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم ) أي ابن عتيبة بمثناة وموحدة مصغر هو الكوفي أحد فقهائهم ( nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد ) هو ابن أبي سليمان أحد فقهاء الكوفة أيضا .
قوله : ( إذا ساق المكاري ) بكسر الراء وبفتحها أيضا .
قوله : ( حمارا عليه امرأة فتخر ) بالخاء المعجمة أي تسقط .
قوله : ( لا شيء عليه ) أي لا ضمان .
قوله : ( وقال الشعبي إذا ساق دابة فأتعبها فهو ضامن لما أصابت وإن كان خلفها مترسلا لم يضمن ) وصلها nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة من طريق إسماعيل بن سالم عن nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر وهو الشعبي قال : إذا ساق الرجل الدابة وأتعبها فأصابت إنسانا فهو ضامن ، فإن كان خلفها مترسلا أي يمشي على هينته فليس عليه ضمان فيما أصابت .
قال ابن بطال : فرق الحنفية فيما أصابت الدابة بيدها أو رجلها فقالوا لا يضمن ما أصابت برجلها وذنبها ولو كانت بسبب ، ويضمن ما أصابت بيدها وفمها ، فأشار nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إلى الرد بما نقله عن أئمة أهل الكوفة مما يخالف ذلك .
وقد احتج لهم nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بأنه لا يمكن التحفظ من الرجل والذنب بخلاف اليد والفم واحتج برواية سفيان بن حسين " الرجل جبار " وقد غلطه الحفاظ ، ولو صح فاليد أيضا جبار بالقياس على الرجل ، وكل منهما مقيد بما إذا لم يكن لمن هي معه مباشرة ولا تسبب ، ويحتمل أن يقال حديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=849670الرجل جبار " مختصر من حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=849389العجماء جبار لأنها فرد من أفراد العجماء ، وهم لا يقولون بتخصيص العموم بالمفهوم فلا حجة لهم فيه ، وقد وقع في حديث الباب زيادة " nindex.php?page=hadith&LINKID=3504217والرجل جبار " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من [ ص: 269 ] طريق آدم عن شعبة ، وقال : تفرد آدم عن شعبة بهذه الزيادة وهي وهم .
وعند الحنفية خلاف فقال أكثرهم لا يضمن الراكب والقائد في الرجل والذنب إلا إن أوقفها في الطريق ، وأما السائق فقيل ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها لأن النفحة بمرأى عينه فيمكنه الاحتراز عنها ، والراجح عندهم لا يضمن النفحة وإن كان يراها ؛ إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكنه التحرز عنه ، بخلاف الفم فإنه يمنعها باللجام وكذا قال الحنابلة .
قوله : ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم ) هو ابن إبراهيم ومحمد بن زيادة هو الجمحي والسند بصريون . قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق علي بن الجعد عن شعبة عن محمد بن زيادة " سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة " .
قوله : ( العجماء عقلها جبار ) في رواية حامد البلخي عن أبي زيد عن شعبة nindex.php?page=hadith&LINKID=849671جرح العجماء جبار أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، ووقع في رواية الأسود بن العلاء عند مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=849672العجماء جرحها جبار وكذا في حديث كثير بن عبد الله المزني عند ابن ماجه ، وفي حديث عبادة بن الصامت عنده ، وقال شيخنا في شرح الترمذي : وليس ذكر الجرح قيدا وإنما المراد به إتلافها بأي وجه كان سواء كان بجرح أو غيره ، والمراد بالعقل الدية أي لا دية فيما تتلفه .
وقد استدل بهذا الإطلاق من قال : لا ضمان فيما أتلفت البهيمة سواء كانت منفردة أو معها أحد سواء كان راكبها أو سائقها أو قائدها ، وهو قول الظاهرية ، واستثنوا ما إذا كان الفعل منسوبا إليه بأن حملها على ذلك الفعل إذا كان راكبا كأن يلوي عنانها فتتلف شيئا برجلها مثلا أو يطعنها أو يزجرها حين يسوقها أو يقودها حتى تتلف ما مرت عليه ، وأما ما لا ينسب إليه فلا ضمان فيه .
وقال الشافعية : إذا كان مع البهيمة إنسان فإنه يضمن ما أتلفته من نفس أو عضو أو مال سواء كان سائقا أو راكبا أو قائدا سواء كان مالكا أو أجيرا أو مستأجرا أو مستعيرا أو غاصبا ، وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو ذنبها أو رأسها ، وسواء كان ذلك ليلا أو نهارا ، والحجة في ذلك أن الإتلاف لا فرق فيه بين العمد وغيره ، ومن هو مع البهيمة حاكم عليها فهي كالآلة بيده ففعلها منسوب إليه سواء حملها عليه أم لا ، سواء علم به أم لا وعن مالك كذلك إلا إن رمحت بغير أن يفعل بها أحد شيئا ترمح بسببه ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر عن الجمهور .
وقد وقع في رواية جابر عند أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=849673السائمة جبار وفيه إشعار بأن المراد بالعجماء البهيمة التي ترعى لا كل بهيمة ، لكن المراد بالسائمة هنا التي ليس معها أحد لأنه الغالب على السائمة ، وليس المراد بها التي لا تعلف كما في الزكاة فإنه ليس مقصودا هنا ، واستدل به على أنه لا فرق في إتلاف البهيمة للزروع وغيرها في الليل والنهار وهو قول الحنفية والظاهرية .
وأخرج ابن ماجه أيضا من رواية الليث عن الزهري عن ابن محيصة أن ناقة للبراء ولم يسم حراما ، وأخرج أبو داود من رواية معمر عن الزهري فزاد فيه رجلا قال : " عن حرام بن محيصة عن أبيه " ، وكذا أخرجه مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي عنه عن الزهري " عن حرام بن سعيد بن محيصة أن ناقة " .
وأخرجه [ ص: 270 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في رواية المزني في المختصر عنه عن سفيان عن الزهري فزاد مع حرام nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قالا : " إن ناقة للبراء " ، وفيه اختلاف آخر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل فاختلف فيه على الزهري على ألوان والمسند منها طريق حرام عن البراء . وحرام بمهملتين اختلف هل هو ابن محيصة نفسه أو ابن سعد بن محيصة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وهو مع ذلك مجهول لم يرو عنه إلا الزهري ولم يوثقه .
قلت : وقد وثقه ابن سعد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان لكن قال إنه لم يسمع من البراء ، انتهى .
وعلى هذا فيحتمل أن يكون قول من قال فيه عن البراء أي عن قصة ناقة البراء فتجتمع الروايات ، ولا يمتنع أن يكون للزهري فيه ثلاثة أشياخ ، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هذا الحديث وإن كان مرسلا فهو مشهور حدث به الثقات وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول ، وأما إشارة nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي إلى أنه منسوخ بحديث الباب فقد تعقبوه بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال مع الجهل بالتاريخ .
وأقوى من ذلك قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أخذنا بحديث البراء لثبوته ومعرفة رجاله ولا يخالفه حديث nindex.php?page=hadith&LINKID=849389العجماء جبار لأنه من العام المراد به الخاص ، فلما قال nindex.php?page=hadith&LINKID=849389العجماء جبار وقضى فيما أفسدت العجماء بشيء في حال دون حال دل ذلك على أن ما أصابت العجماء من جرح وغيره في حال جبار وفي حال غير جبار ثم نقض على الحنفية أنهم لم يستمروا على الأخذ بعمومه في تضمين الراكب متمسكين بحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=849670الرجل جبار مع ضعف راويه كما تقدم ، وتعقب بعضهم على الشافعية قولهم إنه لو جرت عادة قوم إرسال المواشي ليلا وحبسها نهارا انعكس الحكم على الأصح ، وأجابوا بأنهم اتبعوا المعنى في ذلك ، ونظيره القسم الواجب للمرأة لو كان يكتسب ليلا ويأوي إلى أهله نهارا لانعكس الحكم في حقه مع أن عماد القسم الليل ، نعم لو اضطربت العادة في بعض البلاد فكان بعضهم يرسلها ليلا وبعضهم يرسلها نهارا فالظاهر أنه يقضى بما دل عليه الحديث .