الحديث الثاني : حديث nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله " أن أعرابيا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرأس " الحديث وقد تقدم شرحه في كتاب الإيمان أول الصحيح .
[ ص: 347 ] قوله : ( وقال بعض الناس في عشرين ومائة بعير حقتان فإن أهلكها متعمدا أو وهبها أو احتال فيها فرارا من الزكاة فلا شيء عليه ) قال ابن بطال : أجمع العلماء على أن للمرء قبل الحول التصرف في ماله بالبيع والهبة والذبح وإذا لم ينو الفرار من الصدقة وأجمعوا على أنه إذا حال الحول أنه لا يحل التحيل بأن يفرق بين مجتمع أو يجمع بين متفرق ، ثم اختلفوا فقال مالك : من فوت من ماله شيئا ينوي به الفرار من الزكاة قبل الحول بشهر أو نحوه لزمته الزكاة عند الحول لقوله - صلى الله عليه وسلم - : خشية الصدقة .
وقال أبو حنيفة إن نوى بتفويته الفرار من الزكاة قبل الحول بيوم لا تضره النية لأن ذلك لا يلزمه إلا بتمام الحول ولا يتوجه إليه معنى قوله : " خشية الصدقة " إلا حينئذ ، قال : وقال المهلب قصد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن كل حيلة يتحيل بها أحد في إسقاط الزكاة فإن إثم ذلك عليه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما منع من جمع الغنم أو تفرقتها خشية الصدقة فهم منه هذا المعنى ، وفهم من حديث طلحة في قوله : أفلح إن صدق أن من رام أن ينقص شيئا من فرائض الله بحيلة يحتالها أنه لا يفلح ، قال : وما أجاب به الفقهاء من تصرف ذي المال في ماله قرب حلول الحول ثم يريد بذلك الفرار من الزكاة ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط وهو كمن فر عن صيام رمضان قبل رؤية الهلال بيوم واستعمل سفرا لا يحتاج إليه ليفطر فالوعيد إليه يتوجه .
وقال بعض الحنفية : هذا الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ينسب لأبي يوسف وقال محمد : يكره لما فيه من القصد إلى إبطال حق الفقراء بعد وجود سببه وهو النصاب ، واحتج أبو يوسف بأنه امتناع من الوجوب لا إسقاط للواجب ، واستدل بأنه لو كان له مائتا درهم فلما كان قبل الحول بيوم تصدق بدرهم منها لم يكره ، ولو نوى بتصدقه بالدرهم أن يتم الحول وليس في ملكه نصاب فلا يلزمه الزكاة ، وتعقب بأن من أصل أبي يوسف أن الحرمة تجامع الفرض كطواف المحدث أو العاري ، فكيف لا يكون القصد مكروها في هذه الحالة؟
وقوله امتناع من الوجوب معترض ، فإن الوجوب قد تقرر من أول الحول ولذلك جاز التعجيل قبل الحول ، وقد اتفقوا على أن الاحتيال لإسقاط الشفعة بعد وجوبها مكروه وإنما الخلاف فيما قبل الوجوب ، فقياسه أن يكون في الزكاة مكروها أيضا والأشبه أن يكون أبو يوسف رجع عن ذلك فإنه قال في " كتاب الخراج " بعد إيراد حديث " لا يفرق بين مجتمع " ولا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر منع الصدقة ولا إخراجها عن ملكه لملك غيره ليفرقها بذلك فتبطل الصدقة عنها بأن يصير لكل واحد منهما ما لا تجب فيه الزكاة ، ولا يحتال في إبطال الصدقة بوجه انتهى .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه ناظر محمدا في امرأة كرهت زوجها وامتنع من فراقها فمكنت ابن زوجها من نفسها فإنها تحرم عندهم على زوجها بناء على قولهم إن حرمة المصاهرة تثبت بالزنا ، قال فقلت لمحمد : الزنا لا يحرم الحلال لأنه ضده ولا يقاس شيء على ضده فقال : يجمعهما الجماع ، فقلت : الفرق بينهما أن الأول حمدت به وحصنت فرجها والآخر ذمت به ووجب عليها الرجم ، ويلزم أن المطلقة ثلاثا إذا زنت حلت لزوجها ، ومن كان عنده أربع نسوة فزنى بخامسة أن تحرم عليه إحدى الأربع إلى آخر المناظرة .
وقد أشكل قول nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الترجمة " فإن أهلكها " بأن الإهلاك ليس من الحيل بل هو من إضاعة المال ، فإن الحيلة إنما هي لدفع ضرر أو جلب منفعة وليس كل واحد منهما موجودا في ذلك ، ويظهر لي أنه يتصور بأن يذبح الحقتين مثلا وينتفع بلحمهما فتسقط الزكاة بالحقتين وينتقل إلى ما دونهما .