[ ص: 365 ] قوله : ( باب احتيال العامل ليهدى له ) ذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي في قصة ابن اللتبية ، وقد تقدم بعض شرحه في الهبة وتقدمت تسميته وضبط اللتبية في كتاب الزكاة ، ويأتي استيفاء شرحه في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى .
ومطابقته للترجمة من جهة أن تملكه ما أهدي له إنما كان لعلة كونه عاملا فاعتقد أن الذي أهدي له يستبد به دون أصحاب الحقوق التي عمل فيها ، فبين له النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الحقوق التي عمل لأجلها هي السبب في الإهداء له وأنه لو أقام في منزله لم يهد له شيء ، فلا ينبغي له أن يستحلها بمجرد كونها وصلت إليه على طريق الهدية فإن ذاك إنما يكون حيث يتمحض الحق له ، وقوله في آخره : " بصر عيني وسمع أذني " بفتح الموحدة وضم الصاد المهملة وفتح السين المهملة وكسر الميم .
قال المهلب : حيلة العامل ليهدى له تقع بأن يسامح بعض من عليه الحق فلذلك قال : " هلا جلس في بيت أمه لينظر هل يهدى له " فأشار إلى أنه لولا الطمع في وضعه من الحق ما أهدي له ، قال : فأوجب النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الهدية وضمها إلى أموال المسلمين ، كذا قال ولم أقف على أخذ ذلك منه صريحا .
قال ابن بطال : دل الحديث على أن الهدية للعامل تكون لشكر معروفه أو للتحبب إليه أو للطمع في وضعه من الحق ، فأشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أنه فيما يهدى له من ذلك كأحد المسلمين لا فضل له عليهم فيه وأنه لا يجوز الاستئثار به انتهى .
والذي يظهر أن الصورة الثالثة إن وقعت لم تحل للعامل جزما وما قبلها في طرف الاحتمال ، وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى .