قوله : ( باب من دخل ) أي إلى المحراب مثلا ( ليؤم الناس فجاء الإمام الأول ) أي الراتب ( فتأخر الأول ) أي الداخل فكل منهما أول باعتبار ، والمعرفة إذا أعيدت كانت عين الأولى إلا بقرينة ، وقرينة كونها غيرها هنا ظاهرة .
قوله : ( عن سهل بن سعد ) في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق سفيان عن أبي حازم " سمعت سهلا " .
[ ص: 197 ] قوله : ( ذهب إلى بني عمرو بن عوف ) أي ابن مالك بن الأوس ، والأوس أحد قبيلتي الأنصار وهما الأوس والخزرج ، وبنو عمرو بن عوف بطن كبير من الأوس فيه عدة أحياء كانت منازلهم بقباء ، منهم بنو أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف وبنو ضبيعة بن زيد وبنو ثعلبة بن عمرو بن عوف ، والسبب في ذهابه - صلى الله عليه وسلم - إليهم ما في رواية سفيان المذكورة قال " وقع بين حيين من الأنصار كلام " وللمؤلف في الصلح من طريق محمد بن جعفر عن أبي حازم nindex.php?page=hadith&LINKID=843833أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة ، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، فقال : اذهبوا بنا نصلح بينهم وله فيه من رواية أبي غسان عن أبي حازم nindex.php?page=hadith&LINKID=843834فخرج في أناس من أصحابه وسمى nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني منهم من طريق موسى بن محمد عن أبي حازم أبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=355وسهيل بن بيضاء ، وللمؤلف في الأحكام من طريق حماد بن زيد عن أبي حازم أن توجهه كان بعد أن صلى الظهر ، nindex.php?page=showalam&ids=14687وللطبراني من طريق عمر بن علي عن أبي حازم أن الخبر جاء بذلك وقد أذن بلال لصلاة الظهر .
قوله : ( فحانت الصلاة ) أي صلاة العصر ، وصرح به في الأحكام ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=843835فلما حضرت صلاة العصر أذن وأقام وأمر أبا بكر فتقدم ولم يسم فاعل ذلك ، وقد أخرجه أحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من رواية حماد المذكورة فبين الفاعل وأن ذلك كان بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولفظه nindex.php?page=hadith&LINKID=843836فقال لبلال إن حضرت العصر ولم آتك فمر أبا بكر فليصل بالناس ، فلما حضرت العصر أذن بلال ثم أقام ثم أمر أبا بكر فتقدم ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني من رواية موسى بن محمد عن أبي حازم ، وعرف بهذا أن المؤذن بلال . وأما قوله لأبي بكر " أتصلي للناس " فلا يخالف ما ذكر لأنه يحمل على أنه استفهمه هل يبادر أول الوقت أو ينتظر قليلا ليأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ ورجح عند أبي بكر المبادرة لأنها فضيلة متحققة فلا تترك لفضيلة متوهمة .
قوله : ( فأقيم ) بالنصب ويجوز الرفع .
قوله : ( قال نعم ) زاد في رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه " إن شئت " وهو في " باب رفع الأيدي " عند المؤلف ، وإنما فوض ذلك له لاحتمال أن يكون عنده زيادة علم من النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك .
قوله : ( فصلى أبو بكر ) أي دخل في الصلاة ، ولفظ عبد العزيز المذكور " وتقدم أبو بكر فكبر " وفي رواية المسعودي عن أبي حازم " nindex.php?page=hadith&LINKID=843837فاستفتح أبو بكر الصلاة " وهي عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين حيث امتنع أبو بكر هنا أن يستمر إماما وحيث استمر في مرض موته - صلى الله عليه وسلم - حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح كما صرح به nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة في المغازي ، فكأنه لما أن مضى معظم الصلاة حسن الاستمرار ولما أن لم يمض منها إلا اليسير لم يستمر . وكذا وقع nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف حيث صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلفه الركعة الثانية من الصبح فإنه استمر في صلاته إماما لهذا المعنى ، وقصة عبد الرحمن عند مسلم من حديث المغيرة بن شعبة .
[ ص: 198 ] قوله : ( فصفق الناس ) في رواية عبد العزيز " nindex.php?page=hadith&LINKID=843839فأخذ الناس في التصفيح . قال سهل : أتدرون ما التصفيح ؟ هو التصفيق " . انتهى . وهذا يدل على ترادفهما عنده فلا يلتفت إلى ما يخالف ذلك ، وسيأتي البحث فيه في باب مفرد .
وفيه جواز شق الصفوف والمشي بين المصلين لقصد الوصول إلى الصف الأول لكنه مقصور على من يليق ذلك به كالإمام أو من كان بصدد أن يحتاج الإمام إلى استخلافه أو من أراد سد فرجة في الصف الأول أو ما يليه مع ترك من يليه سدها ولا يكون ذلك معدودا من الأذى . قال المهلب : لا تعارض بين هذا وبين النهي عن التخطي ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس كغيره في أمر الصلاة ولا غيرها ، لأن له أن يتقدم بسبب ما ينزل عليه من الأحكام ، وأطال في تقرير ذلك . وتعقب بأن هذا ليس من الخصائص ، وقد أشار هو إلى المعتمد في ذلك فقال : ليس في ذلك شيء من الأذى والجفاء الذي يحصل من التخطي ، وليس كمن شق الصفوف والناس جلوس لما فيه من تخطي رقابهم . وفيه كراهية التصفيق في الصلاة وسيأتي في باب مفرد ، وفيه الحمد والشكر على الوجاهة في الدين وأن من أكرم بكرامة يتخير بين القبول والترك إذا فهم أن ذلك الأمر على غير جهة اللزوم وكأن القرينة التي بينت لأبي بكر ذلك هي كونه - صلى الله عليه وسلم - شق الصفوف إلى أن انتهى إليه فكأنه فهم من ذلك أن مراده أن يؤم الناس ، وأن أمره إياه بالاستمرار في الإمامة من باب الإكرام له والتنويه بقدره ، فسلك هو طريق الأدب والتواضع . ورجح ذلك عنده احتمال نزول الوحي في حال الصلاة لتغيير حكم من أحكامها ، وكأنه لأجل هذا لم يتعقب - صلى الله عليه وسلم - اعتذاره برد عليه .
وفيه جواز إمامة المفضول للفاضل ، وفيه سؤال الرئيس عن سبب مخالفة أمره قبل الزجر عن ذلك ، وفيه [ ص: 200 ] إكرام الكبير بمخاطبته بالكنية ، واعتماد ذكر الرجل لنفسه بما يشعر بالتواضع من جهة استعمال أبي بكر خطاب الغيبة مكان الحضور . إذ كان حد الكلام أن يقول أبو بكر : ما كان لي ، فعدل عنه إلى قوله : ما كان لابن أبي قحافة ، لأنه أدل على التواضع من الأول ، وفيه جواز العمل القليل في الصلاة لتأخر أبي بكر عن مقامه إلى الصف الذي يليه ، وأن من احتاج إلى مثل ذلك يرجع القهقرى ولا يستدبر القبلة ولا ينحرف عنها . واستنبط nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر منه جواز الفتح على الإمام ، لأن التسبيح إذا جاز جازت التلاوة من باب الأولى ، والله أعلم .