وذكر الدينوري أن اللبن المذكور في هذا يختص بالإبل ، وأنه لشاربه مال حلال وعلم وحكمة ، قال : ولبن البقر خصب السنة ومال حلال وفطرة أيضا ، ولبن الشاة مال وسرور وصحة جسم ، وألبان الوحش شك في الدين ، وألبان السباع غير محمودة ، إلا أن لبن اللبوة مال مع عداوة لذي أمر .
قوله : ( حدثنا عبدان ) كذا للجميع ، ووقع في أطراف المزي أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخرج هذا الحديث في التعبير عن أبي جعفر محمد بن الصلت وفي فضل عمر عن عبدان ، والموجود في الصحيح بالعكس ، وعبد الله هو ابن المبارك ، ويونس هو ابن يزيد ، وحمزة الراوي عن ابن عمر هو ولده . ووقع في الباب الذي يليه من وجه آخر [ ص: 411 ] عن الزهري عن حمزة أنه سمع عبد الله بن عمر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : لم يخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث من غير هذه الطريق ، وكان ينبغي - على طريقته - أن يخرجه عن غيره لو وجده .
قلت : بل وجده وأخرجه كما تقدم في فضل عمر من طريق سالم أخي حمزة عن أبيهما ، وإشارته إلى أن طريقة nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن يخرج الحديث من طريقين فصاعدا - إلا أن لا يجد - في مقام المنع .
قوله : ( حتى إني لأرى الري يخرج في أظافيري ) في رواية الكشميهني " من أظافيري " ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16214صالح ابن كيسان " من أطرافي " وهذه الرؤيا يحتمل أن تكون بصرية وهو الظاهر ، ويحتمل أن تكون علمية ، ويؤيد الأول ما عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من طريق أبي بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده في هذا الحديث " فشربت حتى رأيته يجري في عروقي بين الجلد واللحم " على أنه محتمل أيضا .
قوله : ( ثم أعطيت فضلي يعني عمر ) كذا في الأصل كأن بعض رواته شك ، ووقع في رواية صالح بن كيسان بالجزم ولفظه : " فأعطيت فضلي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب " ، وفي رواية أبي بكر بن سالم " ففضلت فضلة فأعطيتها عمر " .
قوله : ( قالوا فما أولته ) في رواية صالح " فقال من حوله " ، وفي رواية سفيان بن عيينة عن الزهري عند nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور " ثم ناول فضله عمر ، قال ما أولته " ؟ وظاهره أن السائل عمر ، ووقع في رواية أبي بكر بن سالم أنه - صلى الله عليه وسلم - " nindex.php?page=hadith&LINKID=849871قال لهم أولوها ، قالوا : يا نبي الله هذا علم أعطاكه الله فملأك منه ، ففضلت فضلة فأعطيتها عمر ، قال : أصبتم " ، ويجمع بأن هذا وقع أولا ثم احتمل عندهم أن يكون عنده في تأويلها زيادة على ذلك فقالوا ما أولته إلخ ، وقد تقدم بعض شرح هذا الحديث في كتاب العلم وبعضه في مناقب عمر .
قال بعض العارفين : الذي خلص اللبن من بين فرث ودم قادر على أن يخلق المعرفة من بين شك وجهل ويحفظ العمل عن غفلة وزلل ، وهو كما قال : لكن اطردت العادة بأن العلم بالتعلم ، والذي ذكره قد يقع خارقا للعادة فيكون من باب الكرامة .
قال : والذي يظهر أنه لم يرد منهم أن يعبروها وإنما أراد أن يسألوه عن تعبيرها ، ففهموا مراده فسألوه فأفادهم ، وكذلك ينبغي أن يسلك هذا الأدب في جميع الحالات . قال : وفيه أن علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالله لا يبلغ أحد درجته فيه ، لأنه شرب حتى رأى الري يخرج من أطرافه ، وأما إعطاؤه فضله عمر ففيه إشارة إلى ما حصل لعمر من العلم بالله بحيث كان لا يأخذه في الله لومة لائم .
قال : وفيه أن من الرؤيا ما يدل على الماضي والحال والمستقبل ، قال : وهذه أولت على الماضي ، فإن رؤياه هذه تمثيل بأمر قد وقع ؛ لأن الذي أعطيه من العلم كان قد حصل له وكذلك أعطيه عمر ، فكانت فائدة هذه الرؤيا تعريف قدر النسبة بين ما أعطيه من العلم وما أعطيه عمر .