قوله : ( باب إذا طار الشيء في المنام ) أي الذي من شأنه أن يطير ، قال أهل التعبير : من رأى أنه يطير فإن كان إلى جهة السماء بغير تعريج ما له ضرر ، فإن غاب في السماء ولم يرجع مات ، وإن رجع أفاق من مرضه ، وإن كان يطير عرضا سافر ونال رفعة بقدر طيرانه ، فإن كان بجناح فهو مال أو سلطان يسافر في كنفه ، وإن كان بغير جناح دل على التغرير فيما يدخل فيه ، وقالوا إن الطيران للشرار دليل رديء .
قوله : ( عن ابن عبيدة ) بالتصغير ابن نشيط بنون ومعجمة ثم مهملة وزن عظيم ، ووقع في رواية الكشميهني " عن أبي عبيدة " جعلها كنية والصواب " ابن " فقد تقدم هذا الحديث بهذا السند في أواخر المغازي في قصة العنسي وقال فيه " عن ابن عبيدة " بغير اختلاف ، وزاد في موضع آخر " اسمه عبد الله " ، قلت : وهو الربذي بفتح الراء والموحدة بعدها معجمة أخو موسى بن عبيدة الربذي المحدث المشهور بالضعف ، وليس [ ص: 439 ] لعبد الله هذا في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري سوى هذا الحديث ، وقد اختلف على nindex.php?page=showalam&ids=17381يعقوب بن إبراهيم بن سعد في سنده فأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن أبي داود الحراني عنه عن أبيه عن صالح قال : " قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة " أسقط عبد الله بن عبيدة من السند ؛ هكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من وجه آخر عن أبي داود الحراني ، ومن رواية عبيد الله بن سعد بن إبراهيم عن عمه يعقوب ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : هذان ثقتان روياه هكذا .
قلت : لكن سعيد ثقة ، وقد تابعه nindex.php?page=showalam&ids=14304عباس بن محمد الدوري عن يعقوب بن إبراهيم أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه ، وقد تقدم شرح الحديث في المغازي ويأتي شيء منه بعد أبواب . وإن قول ابن عباس في هذه الرواية " ذكر لي " على البناء للمجهول يبين من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير عن ابن عباس المذكورة هناك أن المبهم المذكور nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، قال المهلب : هذه الرؤيا ليست على وجهها ، وإنما هي من ضرب المثل ، وإنما أول النبي - صلى الله عليه وسلم - السوارين بالكذابين لأن الكذب وضع الشيء في غير موضعه ، فلما رأى في ذراعيه سوارين من ذهب وليسا من لبسه لأنهما من حلية النساء عرف أنه سيظهر من يدعي ما ليس له ، وأيضا ففي كونهما من ذهب والذهب منهي عن لبسه دليل على الكذب ، وأيضا فالذهب مشتق من الذهاب فعلم أنه شيء يذهب عنه ، وتأكد ذلك بالإذن له في نفخهما فطارا فعرف أنه لا يثبت لهما أمر وأن كلامه بالوحي الذي جاء به يزيلهما عن موضعهما والنفخ يدل على الكلام . انتهى ملخصا .
وقوله في آخر الحديث فقال nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة راوي الحديث ، وهو موصول بالسند المذكور إليه ، وهذا التفسير يوهم أنه من قبله ، وسيأتي قريبا من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحتمل أن يكون عبيد الله لم يسمع ذلك من ابن عباس ، وقد ذكرت خبر الأسود العنسي هناك ، وذكرت خبر مسيلمة وقتله في غزوة أحد ، وشيئا من خبره في أواخر المغازي أيضا .
قال الكرماني : كان يقال للأسود العنسي ذو الحمار لأنه علم حمارا إذا قال له اسجد يخفض رأسه .
قلت : فعلى هذا هو بالحاء المهملة ، والمعروف أنه بالخاء المعجمة بلفظ الثوب الذي يختمر به ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوقع بطلان أمر مسيلمة والعنسي فأول الرؤيا عليهما ليكون ذلك إخراجا للمنام عليهما ودفعا لحالهما ، فإن الرؤيا إذا عبرت خرجت ، ويحتمل أن يكون بوحي ، والأول أقوى ، كذا قال .