قوله : ( في بيته ) ) أي في المشربة التي في حجرة عائشة كما بينه أبو سفيان عن جابر ، وهو دال على أن تلك الصلاة لم تكن في المسجد ، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - عجز عن الصلاة بالناس في المسجد فكان يصلي في بيته بمن حضر ، لكنه لم ينقل أنه استخلف ، ومن ثم قال عياض : إن الظاهر أنه صلى في حجرة عائشة [ ص: 209 ] وائتم به من حضر عنده ومن كان في المسجد ، وهذا الذي قاله محتمل ، ويحتمل أيضا أن يكون استخلف وإن لم ينقل ، ويلزم على الأول صلاة الإمام أعلى من المأمومين ومذهب عياض خلافه ، لكن له أن يقول محل المنع ما إذا لم يكن مع الإمام في مكانه العالي أحد وهنا كان معه بعض أصحابه .
قوله : ( وهو شاك ) ) بتخفيف الكاف بوزن قاض من الشكاية وهي المرض ، وكان سبب ذلك ما في حديث أنس المذكور بعده أن سقط عن فرس .
قوله : ( فصلى جالسا ) قال عياض : يحتمل أن يكون أصابه من السقطة رض في الأعضاء منعه من القيام . قال : وليس كذلك ، وإنما كانت قدمه - صلى الله عليه وسلم - انفكت كما في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15535بشير بن المفضل عن حميد عن أنس nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، وكذا nindex.php?page=showalam&ids=14724لأبي داود وابن خزيمة من رواية أبي سفيان عن جابر كما قدمناه . وأما قوله في رواية الزهري عن أنس بن مالك " nindex.php?page=hadith&LINKID=843872جحش شقه الأيمن " وفي رواية يزيد عن حميد عن أنس " جحش ساقه " أو " كتفه " كما تقدم في " باب الصلاة على السطوح " فلا ينافي ذلك كون قدمه انفكت لاحتمال وقوع الأمرين ، وقد تقدم تفسير الجحش بأنه الخدش والخدش قشر الجلد ، ووقع عند المصنف في " باب يهوي بالتكبير " من رواية سفيان عن الزهري عن أنس قال سفيان : حفظت من الزهري شقه الأيمن ، فلما خرجنا قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : ساقه الأيمن .
قلت : ورواية nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخرجها عبد الرزاق عنه ، وليست مصحفة كما زعم بعضهم لموافقة رواية حميد المذكورة لها ، وإنما هي مفسرة لمحل الخدش من الشق الأيمن لأن الخدش لم يستوعبه . وحاصل ما في القصة أن عائشة أبهمت الشكوى ، وبين جابر وأنس السبب وهو السقوط عن الفرس ، وعين جابر العلة في الصلاة قاعدا وهي انفكاك القدم ، وأفاد nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان أن هذه القصة كانت في ذي الحجة سنة خمس من الهجرة .
قوله : ( وصلى وراءه قوم قياما ) ولمسلم من رواية عبدة عن هشام nindex.php?page=hadith&LINKID=843873فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه الحديث ، وقد سمي منهم في الأحاديث أنس كما في الحديث الذي بعده عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، وجابر كما تقدم ، وأبو بكر كما في حديث جابر ، وعمر كما في رواية الحسن مرسلا عند عبد الرزاق .
قوله : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي وغيره : الائتمام الاقتداء والاتباع أي جعل الإمام إماما ليقتدى به ويتبع ، ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه ولا يساويه ولا يتقدم عليه في موقفه ، بل يراقب أحواله ويأتي على أثره بنحو فعله ، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال . وقال النووي وغيره : متابعة الإمام واجبة في الأفعال الظاهرة ، وقد نبه عليها في الحديث فذكر الركوع وغيره بخلاف النية فإنها لم تذكر وقد خرجت بدليل آخر ، وكأنه يعني قصة معاذ الآتية . ويمكن أن يستدل من هذا الحديث على عدم دخولها لأنه يقتضي الحصر في الاقتداء به في أفعاله لا في جميع أحواله كما لو كان محدثا أو حامل [ ص: 210 ] نجاسة فإن الصلاة خلفه تصح لم يعلم حاله على الصحيح عند العلماء ، ثم مع وجوب المتابعة ليس بشيء منها شرطا في صحة القدوة إلا تكبيرة الإحرام ، واختلف في الائتمام والمشهور عند المالكية اشتراطه مع الإحرام والقيام من التشهد الأول ، وخالف الحنفية فقالوا : تكفي المقارنة ، قالوا لأن معنى الائتمام الامتثال ومن فعل مثل فعل إمامه عد ممتثلا ، وسيأتي بعد باب الدليل على تحريم التقدم على الإمام في الأركان .
قوله : ( فإذا ركع فاركعوا ) قال ابن المنير : مقتضاه أن ركوع المأموم يكون بعد ركوع الإمام إما بعد تمام انحنائه وإما أن يسبقه الإمام بأوله فيشرع فيه بعد أن يشرع ، قال : وحديث أنس أتم من حديث عائشة لأنه زاد فيه المتابعة في القول أيضا .
قلت : قد وقعت الزيادة المذكورة وهي قوله : " nindex.php?page=hadith&LINKID=843876وإذا قال سمع الله لمن حمده " في حديث عائشة أيضا ، ووقع في رواية الليث عن الزهري عن أنس زيادة أخرى في الأقوال وهي قوله في أوله " فإذا كبر فكبروا " وسيأتي في " باب إيجاب التكبير " وكذا فيه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وزاد في رواية عبدة عن هشام في الطب " nindex.php?page=hadith&LINKID=843877وإذا رفع فارفعوا ، وإذا سجد فاسجدوا " وهو يتناول الرفع من الركوع والرفع من السجود وجميع السجدات ، وكذا وردت زيادة ذلك في حديث أنس الذي في الباب ، وقد وافق عائشة وأنسا وجابرا على رواية هذا الحديث دون القصة التي في أوله nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، وله طرق عنه عند مسلم منها ما اتفق عليه الشيخان من رواية همام عنه كما سيأتي في " باب إقامة الصف " وفيه جميع ما ذكر في حديث عائشة وحديث أنس بالزيادة ، وزاد أيضا بعد قوله ليؤتم به : " nindex.php?page=hadith&LINKID=843878لا فلا تختلفوا عليه " ولم يذكرها المصنف في رواية nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عنه من طريق شعيب عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد في " باب إيجاب التكبير " لكن ذكرها السراج nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في المستخرج عنه من طريق أبي اليمان شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه وأبو عوانة من رواية بشر بن شعيب عن أبيه شيخ أبي اليمان ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15290مغيرة بن عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=13779والإسماعيلي من رواية مالك وورقاء كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد شيخ شعيب . وأفادت هذه الزيادة أن الأمر بالاتباع يعم جميع المأمومين ولا يكفي في تحصيل الائتمام اتباع بعض دون بعض ، ولمسلم من رواية الأعمش عن أبي صالح عنه " nindex.php?page=hadith&LINKID=843879لا تبادروا الإمام ، إذا كبر فكبروا " الحديث ، زاد أبو داود من رواية مصعب بن محمد عن أبي صالح " nindex.php?page=hadith&LINKID=843880ولا تركعوا حتى يركع ولا تسجدوا حتى يسجد " وهي زيادة حسنة تنفي احتمال إرادة المقارنة من قوله إذا كبر فكبروا . ( فائدة ) : جزم ابن بطال ومن تبعه حتى ابن دقيق العيد أن الفاء في قوله : " فكبروا " للتعقيب ، قالوا ومقتضاه الأمر بأن أفعال المأموم تقع عقب فعل الإمام ، لكن تعقب بأن الفاء التي للتعقيب هي العاطفة ، وأما التي هنا فهي للربط فقط لأنها وقعت جوابا للشرط ، فعلى هذا لا تقتضي تأخر أفعال المأموم عن الإمام إلا على القول بتقدم الشرط على الجزاء ، وقد قال قوم إن الجزاء يكون مع الشرط ، فعلى هذا لا تنفي المقارنة ، لكن رواية أبي داود هذه صريحة في انتقاء التقدم والمقارنة والله أعلم .