قوله : ( باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام ) أي من السجود كما سيأتي بيانه .
قوله : ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16961محمد بن زياد ) هو الجمحي مدني سكن البصرة وله في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أحاديث عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وفي التابعين أيضا nindex.php?page=showalam&ids=16962محمد بن زياد الألهاني الحمصي وله عنده حديث واحد عن أبي أمامة في المزارعة .
قوله : ( أما يخشى أحدكم ) في رواية الكشميهني " أولا يخشى " ولأبي داود عن حفص بن عمر عن شعبة " nindex.php?page=hadith&LINKID=843893أما يخشى أو ألا يخشى " بالشك . و " أما " بتخفيف الميم حرف استفتاح مثل ألا ، وأصلها النافية دخلت عليها همزة الاستفهام وهو هنا استفهام توبيخ .
قوله : ( إذا رفع رأسه قبل الإمام ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة من رواية حماد بن زيد عن محمد بن زياد " في صلاته " ، وفي رواية حفص بن عمر المذكورة " nindex.php?page=hadith&LINKID=843894الذي يرفع رأسه والإمام ساجد " فتبين أن المراد الرفع [ ص: 215 ] من السجود ففيه تعقب على من قال إن الحديث نص في المنع من تقدم المأموم على الإمام في الرفع من الركوع والسجود معا ، وإنما هو نص في السجود ، ويلتحق به الركوع لكونه في معناه ، ويمكن أن يفرق بينهما بأن السجود له مزيد مزية لأن العبد أقرب ما يكون فيه من ربه لأنه غاية الخضوع المطلوب منه ، فلذلك خص بالتنصيص عليه ، ويحتمل أن يكون من باب الاكتفاء ، وهو ذكر أحد الشيئين المشتركين في الحكم إذا كان للمذكور مزية ، وأما التقدم على الإمام في الخفض في الركوع والسجود فقيل يلتحق به من باب الأولى ، لأن الاعتدال والجلوس بين السجدتين من الوسائل ، والركوع والسجود من المقاصد ، وإذا دل الدليل على وجوب الموافقة فيما هو وسيلة فأولى أن يجب فيما هو مقصد ، ويمكن أن يقال ليس هذا بواضح لأن الرفع من الركوع والسجود يستلزم قطعه عن غاية كماله ، ودخول النقص في المقاصد أشد من دخوله في الوسائل ، وقد ورد الزجر عن الخفض والرفع قبل الإمام في حديث آخر أخرجه البزار من رواية مليح بن عبد الله السعدي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=843895الذي يخفض ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان . وأخرجه عبد الرزاق من هذا الوجه موقوفا وهو المحفوظ .
قوله : ( أو يجعل الله صورته صورة حمار ) الشك من شعبة ، فقد رواه الطيالسي عن حماد بن سلمة وابن خزيمة من رواية حماد بن زيد ومسلم من رواية يونس بن عبيد nindex.php?page=showalam&ids=14359والربيع بن مسلم كلهم عن محمد بن زياد بغير تردد ، فأما الحمادان فقالا " رأس " وأما . يونس فقال " صورة " وأما الربيع فقال " وجه " ، والظاهر أنه من تصرف الرواة . قال عياض : هذه الروايات متفقة لأن الوجه في الرأس ومعظم الصورة فيه .
قلت : لفظ الصورة يطلق على الوجه أيضا ، وأما الرأس فرواتها أكثر وهي أشمل فهي المعتمدة ، وخص وقوع الوعيد عليها لأن بها وقعت الجناية وهي أشمل ، وظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام لكونه توعد عليه بالمسخ وهو أشد العقوبات ، وبذلك جزم النووي في شرح المهذب ، ومع القول بالتحريم فالجمهور على أن فاعله يأثم وتجزئ صلاته ، وعن ابن عمر تبطل وبه قال أحمد في رواية وأهل الظاهر بناء على أن النهي يقتضي الفساد ، وفي المغني عن أحمد أنه قال في رسالته : ليس لمن سبق الإمام صلاة لهذا الحديث ، قال : ولو كانت له صلاة لرجي له الثواب ولم يخش عليه العقاب . واختلف في معنى الوعيد المذكور فقيل : يحتمل أن يرجع ذلك إلى أمر معنوي ، فإن الحمار موصوف بالبلادة فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فرض الصلاة ومتابعة الإمام ، ويرجح هذا المجازي أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين ، لكن ليس في الحديث ما يدل أن ذلك يقع ولا بد ، وإنما يدل على كون فاعله متعرضا لذلك وكون فعله ممكنا لأن يقع عنه ذلك الوعيد ، ولا يلزم من التعرض للشيء وقوع ذلك الشيء ، قاله ابن دقيق العيد .
وقال ابن بزيزة : يحتمل أن يراد بالتحويل المسخ أو تحويل الهيئة الحسية أو المعنوية أو هما معا . وحمله آخرون على ظاهره إذ لا مانع من جواز وقوع ذلك ، وسيأتي في كتاب الأشربة الدليل على جواز وقوع المسخ في هذه الأمة ، وهو حديث أبي مالك الأشعري في المغازي فإن فيه ذكر الخسف وفي آخره " nindex.php?page=hadith&LINKID=843896ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة " وسيأتي مزيد لذلك في تفسير سورة الأنعام إن شاء الله تعالى . ويقوي حمله على ظاهره أن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان من وجه آخر عن محمد بن زياد " nindex.php?page=hadith&LINKID=843897أن يحول الله رأسه رأس كلب " فهذا يبعد [ ص: 216 ] المجاز لانتقاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار . ومما يبعده أيضا إيراد الوعيد بالأمر المستقبل وباللفظ الدال على تغيير الهيئة الحاصلة ، ولو أريد تشبيهه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلا فرأسه رأس حمار ، وإنما قلت ذلك لأن الصفة المذكورة وهي البلادة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله المذكور فلا يحسن أن يقال له يخشى إذا فعلت ذلك أن تصير بليدا ، مع أن فعله المذكور إنما نشأ عن البلادة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في الرواية التي عبر فيها بالصورة : هذه اللفظة تمنع تأويل من قال المراد رأس حمار في البلادة ، ولم يبين وجه المنع .
وفي الحديث كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - بأمته وبيانه لهم الأحكام وما يترتب عليها من الثواب والعقاب ، واستدل به على جواز المقارنة ، ولا دلالة فيه لأنه دل بمنطوقه على منع المسابقة ، وبمفهومه على طلب المتابعة ، وأما المقارنة فمسكوت عنها . وقال ابن بزيزة : استدل بظاهره قوم لا يعقلون على جواز التناسخ .
قلت : وهو مذهب رديء مبني على دعاوى بغير برهان ، والذي استدل بذلك منهم إنما استدل بأصل النسخ لا بخصوص هذا الحديث .
( لطيفة ) : قال صاحب " القبس " : ليس للتقدم قبل الإمام سبب إلا طلب الاستعجال ، ودواؤه أن يستحضر أنه لا يسلم قبل الإمام فلا يستعجل في هذه الأفعال ، والله أعلم .