الحديث الثاني قوله : واقد بن محمد ) أي ابن زيد بن عبد الله بن عمر .
قوله : لا ترجعون بعدي ) كذا لأبي ذر بصيغة الخبر ، وللباقين " لا ترجعوا " بصيغة النهي وهو المعروف .
قوله ( كفارا ) تقدم بيان المراد به في أوائل كتاب الديات ، وجملة الأقوال فيه ثمانية ، ثم وقفت على تاسع وهو أن المراد ستر الحق والكفر لغة الستر ، لأن حق المسلم على المسلم أن ينصره ويعينه ، فلما قاتله كأنه غطى على حقه الثابت له عليه . وعاشر وهو أن الفعل المذكور يفضي إلى الكفر ، لأن من اعتاد الهجوم على كبار المعاصي جره شؤم ذلك إلى أشد منها فيخشى أن لا يختم له بخاتمة الإسلام . ومنهم من جعله من لبس السلاح يقول كفر فوق درعه إذا لبس فوقها ثوبا ، وقال الداودي : معناه لا تفعلوا بالمؤمنين ما تفعلون بالكفار ، ولا تفعلوا بهم ما لا يحل وأنتم ترونه حراما . قلت : وهو داخل في المعاني المتقدمة . واستشكل بعض الشراح غالب هذه الأجوبة بأن راوي الخبر وهو أبو بكرة فهم خلاف ذلك ، والجواب أن فهمه ذلك إنما يعرف من توقفه عن القتال واحتجاجه بهذا الحديث ، فيحتمل أن يكون توقفه بطريق الاحتياط لما يحتمله ظاهر اللفظ ، ولا يلزم أن يكون يعتقد حقيقة كفر من باشر ذلك ، ويؤيده أنه لم يمتنع من الصلاة خلفهم ولا امتثال أوامرهم ، ولا غير ذلك مما يدل على أنه يعتقد فيهم حقيقته . والله المستعان .
قوله ( يضرب بعضكم رقاب بعض ) بجزم يضرب على أنه جواب النهي ، وبرفعه على الاستئناف ، أو يجعل حالا ؛ فعلى الأول يقوى الحمل على الكفر الحقيقي ويحتاج إلى التأويل بالمستحل مثلا ، وعلى الثاني لا يكون متعلقا بما قبله ، ويحتمل أن يكون متعلقا وجوابه ما تقدم .