[ ص: 39 ] قوله : باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة ) ؟ كان تامة ، والمعنى ما الذي يفعل المسلم في حال الاختلاف من قبل ألا يقع الإجماع على خليفة .
قوله ( حدثنا ابن جابر ) هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر كما صرح به مسلم في روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه .
قوله : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15528بسر ) بضم الموحدة وسكون المهملة ( ابن عبيد الله ) بالتصغير تابعي صغير ، والسند كله شاميون إلا شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والصحابي .
قوله : مخافة أن يدركني ) في رواية نصر بن عاصم عن حذيفة عند ابن أبي شيبة : وعرفت أن الخير لن يسبقني " .
قوله : في جاهلية وشر ) يشير إلى ما كان من قبل الإسلام من الكفر وقتل بعضهم بعضا ونهب بعضهم بعضا وإتيان الفواحش .
قوله ( فجاءنا الله بهذا الخير ) يعني الإيمان والأمن وصلاح الحال واجتناب الفواحش ، زاد مسلم في رواية أبي الأسود عن حذيفة : فنحن فيه " قوله ( فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ) في رواية نصر بن عاصم : فتنة وفي رواية سبيع بن خالد عن حذيفة عند ابن أبي شيبة : فما العصمة منه ؟ قال السيف ، قال فهل بعد السيف من تقية ؟ قال نعم هدنة . والمراد بالشر ما يقع من الفتن من بعد قتل عثمان وهلم جرا أو ما يترتب على ذلك من عقوبات الآخرة .
قوله ( قوم يهدون ) بفتح أوله ( بغير هديي ) بياء الإضافة بعد الياء للأكثر وبياء واحدة مع التنوين للكشميهني ، وفي رواية أبي الأسود : يكون بعدي أئمة يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي " .
[ ص: 40 ] قوله : دعاة ) بضم الدال المهملة جمع داع أي إلى غير الحق .
قوله ( على أبواب جهنم ) أطلق عليهم ذلك باعتبار ما يئول إليه حالهم ، كما يقال لمن أمر بفعل محرم : وقف على شفير جهنم .
قوله : هم من جلدتنا ) أي من قومنا ومن أهل لساننا وملتنا ، وفيه إشارة إلى أنهم من العرب . وقال الداودي : أي من بني آدم . وقال القابسي : معناه أنهم في الظاهر على ملتنا وفي الباطن مخالفون ، وجلدة الشيء ظاهره ، وهي في الأصل غشاء البدن ، قيل ويؤيد إرادة العرب أن السمرة غالبة عليهم واللون إنما يظهر في الجلد ، ووقع في رواية أبي الأسود : nindex.php?page=hadith&LINKID=848056فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس " . وقوله " جثمان " بضم الجيم وسكون المثلثة هو الجسد ويطلق على الشخص ، قال عياض : المراد بالشر الأول الفتن التي وقعت بعد عثمان ، والمراد بالخير الذي بعده ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز ، والمراد بالذين تعرف منهم وتنكر الأمراء بعده ، فكان فيهم من يتمسك بالسنة والعدل وفيهم من يدعو إلى البدعة ويعمل بالجور قلت : والذي يظهر أن المراد بالشر الأول ما أشار إليه من الفتن الأولى ، وبالخير ما وقع من الاجتماع مع علي ومعاوية وبالدخن ما كان في زمنهما من بعض الأمراء كزياد بالعراق وخلاف من خالف عليه من الخوارج ، وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم ، وإلى ذلك الإشارة بقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=848057الزم جماعة المسلمين وإمامهم " يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود : nindex.php?page=hadith&LINKID=848058ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك . وكان مثل ذلك كثيرا في إمارة الحجاج ونحوه .
قوله : ولو أن تعض ) بفتح العين المهملة وتشديد الضاد المعجمة أي : ولو كان الاعتزال بالعض فلا تعدل عنه . وتعض بالنصب للجميع ، وضبطه الأشيري بالرفع ، وتعقب بأن جوازه متوقف على أن يكون " أن " التي تقدمته مخففة من الثقيلة وهنا لا يجوز ذلك لأنها لا تلي " لو " نبه عليه صاحب المغني ، وفي رواية عبد الرحمن بن قرط عن حذيفة عند ابن ماجه : nindex.php?page=hadith&LINKID=848060فلأن تموت وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم " والجذل بكسر الجيم وسكون المعجمة بعدها لام عود ينصب لتحتك به الإبل ، وقوله : وأنت على ذلك ؛ أي العض " ، وهو كناية عن لزوم جماعة المسلمين وطاعة سلاطينهم ولو عصوا . قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : المعنى إذا لم يكن في الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على تحمل شدة الزمان ، وعض أصل الشجرة كناية عن مكابدة المشقة كقولهم فلان يعض الحجارة من شدة الألم ، أو المراد اللزوم كقوله في الحديث الآخر : nindex.php?page=hadith&LINKID=848061عضوا عليها بالنواجذ . ويؤيد الأول قوله في الحديث الآخر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=848062فإن مت وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم . وقال ابن بطال : فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخروج على أئمة الجور ، لأنه وصف الطائفة الأخيرة بأنهم " دعاة على أبواب جهنم " ولم يقل فيهم : تعرف وتنكر " كما قال في الأولين ، وهم لا يكونون كذلك إلا وهم على غير حق ، وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة . قال الطبري : اختلف في هذا الأمر وفي الجماعة ، فقال قوم : هو للوجوب والجماعة السواد الأعظم ، ثم ساق عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن أبي مسعود أنه وصى من سأله لما قتل عثمان : عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة " . وقال قوم : المراد بالجماعة الصحابة دون من بعدهم .
[ ص: 41 ] وقال قوم : المراد بهم أهل العلم لأن الله جعلهم حجة على الخلق والناس تبع لهم في أمر الدين . قال الطبري : والصواب أن المراد من الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره ، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة ، قال : وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحدا في الفرقة ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر ، وعلى ذلك يتنزل ما جاء في سائر الأحاديث ، وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها ، ويؤيده رواية عبد الرحمن بن قرط المتقدم ذكرها ، قال ابن أبي جمرة : في الحديث حكمة الله في عباده كيف أقام كلا منهم فيما شاء ; فحبب إلى أكثر الصحابة السؤال عن وجوه الخير ليعلموا بها ويبلغوها غيرهم ، وحبب لحذيفة السؤال عن الشر ليجتنبه ويكون سببا في دفعه عمن أراد الله له النجاة ، وفيه سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بوجوه الحكم كلها حتى كان يجيب كل من سأله بما يناسبه ، ويؤخذ منه أن كل من حبب إليه شيء فإنه يفوق فيه غيره ، ومن ثم كان حذيفة صاحب السر الذي لا يعلمه غيره حتى خص بمعرفة أسماء المنافقين وبكثير من الأمور الآتية ، ويؤخذ منه أن من أدب التعليم أن يعلم التلميذ من أنواع العلوم ما يراه مائلا إليه من العلوم المباحة ، فإنه أجدر أن يسرع إلى تفهمه والقيام به وأن كل شيء يهدي إلى طريق الخير يسمى خيرا وكذا بالعكس . ويؤخذ منه ذم من جعل للدين أصلا خلاف الكتاب والسنة وجعلهما فرعا لذلك الأصل الذي ابتدعوه ، وفيه وجوب رد الباطل وكل ما خالف الهدي النبوي ولو قاله من قاله من رفيع أو وضيع .