قوله : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=35للحسن بن علي : إن ابني هذا لسيد ) في رواية المروزي nindex.php?page=showalam&ids=15086والكشميهني " سيد " بغير لام وكذا لهم في مثل هذه الترجمة في كتاب الصلح وبحذف إن وساق المتن هناك بلفظ " إن ابني هذا سيد " وساقه هنا بحذفها فأشار في كل من الموضعين إلى ما وقع في الآخر ، وقد أخرجه هناك عن عبد الله بن محمد عن سفيان بتمامه ، ثم نقل عن علي بن عبد الله ما يتعلق بسماع الحسن من أبي بكرة وساقه هنا عن علي بن عبد الله فلم يذكر ذلك ولم أر في شيء من طرق المتن " لسيد " باللام كما وقع في هذه الترجمة ، وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية سبعة أنفس عن سفيان بن عيينة وبين اختلاف ألفاظهم وذكر في الباب الحديث المذكور وحديثا nindex.php?page=showalam&ids=111لأسامة بن زيد .
[ ص: 67 ] قوله : حدثنا إسرائيل أبو موسى ) هي كنية إسرائيل واسم أبيه موسى فهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه فيؤمن فيه من التصحيف ، وهو بصري كان يسافر في التجارة إلى الهند وأقام بها مدة .
قوله : ولقيته بالكوفة ) قائل ذلك هو سفيان بن عيينة والجملة حالية .
قوله ( وجاء إلى ابن شبرمة ) هو عبد الله قاضي الكوفة في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=15337أبي جعفر المنصور ومات في خلافته سنة أربع وأربعين ومائة وكان صارما عفيفا ثقة فقيها .
قوله : فقال أدخلني على عيسى فأعظه ) بفتح الهمزة وكسر العين المهملة وفتح الظاء المشالة من الوعظ ، nindex.php?page=showalam&ids=16752وعيسى هو ابن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ابن أخي المنصور وكان أميرا على الكوفة إذ ذاك .
قوله ( فكأن ) بالتشديد ( ابن شبرمة خاف عليه ) أي على إسرائيل ( فلم يفعل ) أي : فلم يدخله على عيسى بن موسى ، ولعل سبب خوفه عليه أنه كان صادعا بالحق فخشي أنه لا يتلطف بعيسى فيبطش به لما عنده من غرة الشباب وغرة الملك ، قال ابن بطال : دل ذلك من صنيع ابن شبرمة على أن من خاف على نفسه سقط عنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكانت وفاة عيسى المذكور في خلافة المهدي سنة ثمان وستين ومائة .
قوله : قال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ) يعني البصري والقائل " حدثنا " هو إسرائيل المذكور ، قال البزار في مسنده بعد أن أخرج هذا الحديث عن خلف بن خليفة عن سفيان بن عيينة : لا نعلم رواه عن إسرائيل غير سفيان ، وتعقبه مغلطاي بأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أخرجه في علامات النبوة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين بن علي الجعفي عن أبي موسى وهو إسرائيل هذا ، وهو تعقب جيد ولكن لم أر فيه القصة وإنما أخرج فيه الحديث المرفوع فقط .
قوله ( لما سار الحسن بن علي إلى معاوية بالكتائب ) في رواية عبد الله بن محمد عن سفيان في كتاب الصلح : استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال " والكتائب بمثناة وآخره موحدة جمع كتيبة بوزن عظيمة وهي طائفة من الجيش تجتمع وهي فعيلة بمعنى مفعولة لأن أمير الجيش إذا رتبهم وجعل كل طائفة على حدة كتبهم في ديوانه كذلك ، ذكر ذلك ابن التين عن الداودي ، ومنه قيل : مكتب بني فلان ، قال وقوله " أمثال الجبال " أي لا يرى لها طرف لكثرتها كما لا يرى من قابل الجبل طرفه ، ويحتمل أن يريد شدة البأس . وأشار nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري بهذه القصة إلى ما اتفق بعد قتل علي رضي الله عنه ، وكان علي لما انقضى أمر التحكيم ورجع إلى الكوفة تجهز لقتال أهل الشام مرة بعد أخرى فشغله أمر الخوارج بالنهروان كما تقدم وذلك في سنة ثمان وثلاثين ، ثم تجهز في سنة تسع وثلاثين فلم يتهيأ ذلك لافتراق آراء أهل العراق عليه ، ثم وقع الجد منه في ذلك في سنة أربعين فأخرج إسحاق من طريق عبد العزيز بن سياه بكسر المهملة وتخفيف الياء آخر الحروف قال : لما خرج الخوارج قام علي فقال : أتسيرون إلى الشام أو ترجعون إلى هؤلاء الذين خلفوكم في دياركم ؟ قالوا : بل نرجع إليهم ، فذكر قصة الخوارج قال فرجع علي إلى الكوفة ، فلما قتل واستخلف الحسن وصالح معاوية كتب إلى قيس بن سعد بذلك ، فرجع عن قتال معاوية . وأخرج الطبري بسند صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن الزهري قال : جعل علي على مقدمة أهل العراق nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد بن عبادة وكانوا أربعين ألفا بايعوه على الموت ، فقتل علي فبايعوا الحسن بن علي بالخلافة ، وكان لا يحب القتال ، ولكن كان يريد أن يشترط على [ ص: 68 ] معاوية لنفسه ، فعرف أن قيس بن سعد لا يطاوعه على الصلح فنزعه وأمر nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس فاشترط لنفسه كما اشترط الحسن .
وأخرج الطبري nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من طريق إسماعيل بن راشد قال : بعث الحسن قيس بن سعد على مقدمته في اثني عشر ألفا - يعني من الأربعين - فسار قيس إلى جهة الشام . وكان معاوية لما بلغه قتل علي خرج في عساكر من الشام ، وخرج الحسن بن علي حتى نزل المدائن ، فوصل معاوية إلى مسكن وقال ابن بطال : ذكر أهل العلم بالأخبار أن عليا لما قتل سار معاوية يريد العراق وسار الحسن يريد الشام فالتقيا بمنزل من أرض الكوفة ، فنظر الحسن إلى كثرة من معه فنادى : يا معاوية إني اخترت ما عند الله ، فإن يكن هذا الأمر لك فلا ينبغي لي أن أنازعك فيه وإن يكن لي فقد تركته لك فكبر أصحاب معاوية . وقال المغيرة عند ذلك : أشهد أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن ابني هذا سيد " ، الحديث وقال في آخره : فجزاك الله عن المسلمين خيرا ، انتهى وفي صحة هذا نظر من أوجه : الأول أن المحفوظ أن معاوية هو الذي بدأ بطلب الصلح كما في حديث الباب الثاني أن الحسن ومعاوية لم يتلاقيا بالعسكرين حتى يمكن أن يتخاطبا وإنما تراسلا ، فيحمل قوله : فنادى يا معاوية " على المراسلة ، ويجمع بأن الحسن راسل معاوية بذلك سرا فراسله معاوية جهرا .
والمحفوظ أن كلام الحسن الأخير إنما وقع بعد الصلح والاجتماع كما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في " الدلائل " من طريقه ومن طريق غيره بسندهما إلى الشعبي قال : لما صالح الحسن بن علي معاوية ; قال له معاوية قم فتكلم ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد ؛ فإن أكيس الكيس التقى وإن أعجز العجز الفجور ، ألا وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق لامرئ كان أحق به مني ، أو حق لي تركته لإرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين . ثم استغفر ونزل . وأخرج يعقوب بن سفيان ومن طريقه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الدلائل " من طريق الزهري فذكر القصة وفيها : فخطب معاوية ثم قال : قم يا حسن فكلم الناس ، فتشهد ثم قال : أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ، وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول . وذكر بقية الحديث . والثالث أن الحديث لأبي بكرة لا للمغيرة ، لكن الجمع ممكن بأن يكون المغيرة حدث به عندما سمع مراسلة الحسن بالصلح وحدث به أبو بكرة بعد ذلك ، وقد روى أصل الحديث جابر أورده nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في " الدلائل " من فوائد nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين بسند صحيح إلى جابر ، وأورده الضياء في " الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين " وعجبت nindex.php?page=showalam&ids=14070للحاكم في عدم استدراكه مع شدة حرصه على مثله ، قال ابن بطال : سلم الحسن لمعاوية الأمر وبايعه على إقامة كتاب الله وسنة نبيه ، ودخل معاوية الكوفة وبايعه الناس فسميت سنة الجماعة لاجتماع الناس وانقطاع الحرب . وبايع معاوية كل من كان معتزلا للقتال nindex.php?page=showalam&ids=12كابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15973وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة ، وأجاز معاوية الحسن بثلاثمائة ألف وألف ثوب وثلاثين عبدا ومائة جمل ، وانصرف إلى المدينة ، وولى معاوية الكوفة المغيرة بن شعبة والبصرة عبد الله بن عامر ورجع إلى دمشق .
قوله : قال عمرو بن العاص لمعاوية : أرى كتيبة لا تولي ) بالتشديد أي لا تدبر .
قوله : حتى تدبر أخراها ) أي التي تقابلها ، ونسبها إليها لتشاركهما في المحاربة ، وهذا على أن يدبر من أدبر رباعيا ، ويحتمل أن يكون من دبر يدبر بفتح أوله وضم الموحدة أي يقوم مقامها ، يقال دبرته إذا بقيت بعده ، وتقدم في رواية عبد الله بن محمد في الصلح " إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها " وهي أبين ، قال عياض : هي الصواب ، ومقتضاه أن الأخرى خطأ وليس كذلك بل توجيهها ما تقدم . وقال الكرماني : [ ص: 69 ] يحتمل أيضا أن تراد الكتيبة الأخيرة التي هي من جملة تلك الكتائب ، أي لا ينهزمون بأن ترجع الأخرى أولى .
قوله : قال معاوية من لذراري المسلمين ) أي من يكفلهم إذا قتل آباؤهم ؟ زاد في الصلح : فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين - يعني معاوية - : أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس ، من لي بنسائهم ، من لي بضيعتهم " يشير إلى أن رجال العسكرين معظم من في الإقليمين فإذا قتلوا ضاع أمر الناس وفسد حال أهلهم بعدهم وذراريهم ، والمراد بقوله : ضيعتهم " الأطفال والضعفاء سموا باسم ما يئول إليه أمرهم لأنهم إذا تركوا ضاعوا لعدم استقلالهم بأمر المعاش ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن سفيان في هذه القصة : من لي بأمورهم ، من لي بدمائهم ، من لي بنسائهم . وأما قوله هنا في جواب قول معاوية : من لذراري المسلمين ؟ فقال : أنا . فظاهره يوهم أن المجيب بذلك هو عمرو بن العاص ، ولم أر في طرق الخبر ما يدل على ذلك ، فإن كانت محفوظة فلعلها كانت : فقال أنى " بتشديد النون المفتوحة قالها عمرو على سبيل الاستبعاد . وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=848111بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في بعث ذات السلاسل " فذكر أخبارا كثيرة من التاريخ إلى أن قال " وكان nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد بن عبادة على مقدمة الحسن بن علي ، فأرسل إليه معاوية سجلا قد ختم في أسفله فقال : اكتب فيه ما تريد فهو لك ، فقال له عمرو بن العاص : بل نقاتله ، فقال معاوية - وكان خير الرجلين - : على رسلك يا أبا عبد الله ، لا تخلص إلى قتل هؤلاء حتى يقتل عددهم من أهل الشام ، فما خير الحياة بعد ذلك ؟ وإني والله لا أقاتل حتى لا أجد من القتال بدا .
قوله : فقال عبد الله بن عامر nindex.php?page=showalam&ids=77وعبد الرحمن بن سمرة : نلقاه فنقول له الصلح ) أي نشير عليه بالصلح ، وهذا ظاهره أنهما بدأا بذلك ، والذي تقدم في كتاب الصلح أن معاوية هو الذي بعثهما ، فيمكن الجمع بأنهما عرضا أنفسهما فوافقهما ولفظه هناك " فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس " أي ابن عبد مناف بن قصي " عبد الرحمن بن سمرة . زاد nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي في مسنده عن سفيان بن حبيب بن عبد شمس " قال سفيان وكانت له صحبة " قلت : وهو راوي حديث " لا تسأل الإمارة " وسيأتي شيء من خبره في كتاب الأحكام . nindex.php?page=showalam&ids=6279وعبد الله بن عامر بن كريز بكاف وراء ثم زاي مصغر زاد nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي " ابن حبيب بن عبد شمس " وقد مضى له ذكر في كتاب الحج وغيره ، وهو الذي ولاه معاوية البصرة بعد الصلح ، وبنو حبيب بن عبد شمس بنو عم بني أمية بن عبد شمس ، nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية هو ابن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية ( فقال معاوية : اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه ) أي ما شاء من المال ( وقولا له ) أي في حقن دماء المسلمين بالصلح ( واطلبا إليه ) أي اطلبا منه خلعه نفسه من الخلافة وتسليم الأمر لمعاوية وابذلا له في مقابلة ذلك ما شاء ( قال فقال لهما الحسن بن علي : إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال ، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها ، قالا فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك ، قال فمن لي بهذا ؟ قالا : نحن لك به فما سألهما شيئا إلا قالا نحن لك به ، فصالحه ) .
قال ابن بطال : هذا يدل على أن معاوية كان هو الراغب في الصلح وأنه عرض على الحسن المال ورغبه فيه وحثه على رفع السيف وذكره ما وعده به جده صلى الله عليه وسلم من سيادته في الإصلاح به ، فقال له الحسن : إنا بنو عبد المطلب أصبنا من هذا المال ، أي إنا جبلنا على الكرم والتوسعة على أتباعنا من الأهل والموالي وكنا نتمكن من ذلك بالخلافة حتى صار ذلك لنا [ ص: 70 ] عادة وقوله إن هذه الأمة أي العسكرين الشامي والعراقي " قد عاثت " بالمثلثة - أي قتل بعضها بعضا فلا يكفون عن ذلك إلا بالصفح عما مضى منهم والتألف بالمال . وأراد الحسن بذلك كله تسكين الفتنة وتفرقة المال على من لا يرضيه إلا المال ، فوافقاه على ما شرط من جميع ذلك والتزما له من المال في كل عام والثياب والأقوات ما يحتاج إليه لكل من ذكر . وقوله : من لي بهذا " أي : من يضمن لي الوفاء من معاوية ؟ فقالا : نحن نضمن لأن معاوية كان فوض لهما ذلك ، ويحتمل أن يكون قوله : أصبنا من هذا المال " أي فرقنا منه في حياة علي وبعده ما رأينا في ذلك صلاحا فنبه على ذلك خشية أن يرجع عليه بما تصرف فيه . وفي رواية إسماعيل بن راشد عند الطبري : فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الله بن سمرة بن حبيب . كذا قال عبد الله وكذا وقع عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، والذي في الصحيح أصح ، ولعل عبد الله كان مع أخيه عبد الرحمن ، قال فقدما على الحسن بالمدائن فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها . ومن طريق عوانة بن الحكم نحوه وزاد وكان الحسن صالح معاوية على أن يجعل له ما في بيت مال الكوفة ، وأن يكون له خراج دار أبجرد .
وذكر محمد بن قدامة في " كتاب الخوارج " بسند قوي إلى أبي بصرة أنه سمع الحسن بن علي يقول في خطبته عند معاوية إني اشترطت على معاوية لنفسي الخلافة بعده .
وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح إلى الزهري قال : كاتب الحسن بن علي معاوية واشترط لنفسه فوصلت الصحيفة لمعاوية وقد أرسل إلى الحسن يسأله الصلح ومع الرسول صحيفة بيضاء مختوم على أسفلها وكتب إليه أن اشترط ما شئت فهو لك ، فاشترط الحسن أضعاف ما كان سأل أولا ، فلما التقيا وبايعه الحسن سأله أن يعطيه ما اشترط في السجل الذي ختم معاوية في أسفله فتمسك معاوية إلا ما كان الحسن سأله أولا ، واحتج بأنه أجاب سؤاله أول ما وقف عليه فاختلفا في ذلك فلم ينفذ للحسن من الشرطين شيء . وأخرج nindex.php?page=showalam&ids=12211ابن أبي خيثمة من طريق عبد الله بن شوذب قال : لما قتل علي سار الحسن بن علي في أهل العراق ومعاوية في أهل الشام فالتقوا ، فكره الحسن القتال وبايع معاوية على أن يجعل العهد للحسن من بعده فكان أصحاب الحسن يقولون له يا عار المؤمنين ، فيقول العار خير من النار .
قوله : قال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ) هو البصري وهو موصول بالسند المتقدم ووقع في رجال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=11927لأبي الوليد الباجي في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب ما نصه : أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قول الحسن سمعت أبا بكرة " فتأوله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره على أنه الحسن بن علي لأن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري عندهم لم يسمع من أبي بكرة ، وحمله ابن المديني nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري على أنه nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، قال nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي : وعندي أن الحسن الذي قال : سمعت هذا من أبي بكرة . إنما هو الحسن بن علي . انتهى ، وهو عجيب منه ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قد أخرج متن هذا الحديث في علامات النبوة مجردا عن القصة من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين بن علي الجعفي عن أبي موسى - وهو إسرائيل بن موسى - عن الحسن عن أبي بكرة ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الدلائل " من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة ومن رواية علي بن زيد كلاهما عن الحسن عن أبي بكرة وزاد في آخره : قال الحسن : فلما ولى ما أهريق في سببه محجمة دم . nindex.php?page=showalam&ids=14102فالحسن القائل هو البصري ، والذي ولى هو الحسن بن علي ، وليس nindex.php?page=showalam&ids=35للحسن بن علي في هذا رواية ، وهؤلاء الثلاثة - إسرائيل بن موسى nindex.php?page=showalam&ids=16874ومبارك بن فضالة nindex.php?page=showalam&ids=16621وعلي بن زيد - لم يدرك واحد منهم الحسن بن علي .
وقد صرح إسرائيل بقوله : سمعت الحسن " وذلك فيما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن الصلت بن مسعود عن سفيان بن عيينة عن أبي موسى وهو إسرائيل : سمعت الحسن سمعت أبا بكرة . وهؤلاء كلهم من رجال الصحيح ، [ ص: 71 ] والصلت من شيوخ مسلم ، وقد استشعر ابن التين خطأ nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي فقال : قال الداودي الحسن مع قربه من النبي صلى الله عليه وسلم بحيث توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع سنين لا يشك في سماعه منه وله مع ذلك صحبة . قال ابن التين : الذي في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إنما أراد سماع nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن البصري من أبي بكرة . قلت : ولعل الداودي إنما أراد رد توهم من يتوهم أنه الحسن بن علي فدفعه بما ذكر وهو ظاهر وإنما قال ابن المديني ذلك لأن الحسن كان يرسل كثيرا عمن لم يلقهم بصيغة " عن " فخشي أن تكون روايته عن أبي بكرة مرسلة فلما جاءت هذه الرواية مصرحة بسماعه من أبي بكرة ثبت عنده أنه سمعه منه ، ولم أر ما نقله nindex.php?page=showalam&ids=11927الباجي عن nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من أن الحسن هنا هو ابن علي في شيء من تصانيفه ، وإنما قال في " التتبع لما في الصحيحين " : أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أحاديث عن الحسن عن أبي بكرة ، والحسن إنما روى عن الأحنف عن أبي بكرة ، وهذا يقتضي أنه عنده لم يسمع من أبي بكرة ، لكن لم أر من صرح بذلك ممن تكلم في مراسيل الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16604كابن المديني وأبي حاتم وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار وغيرهم . نعم كلام ابن المديني يشعر بأنهم كانوا يحملونه على الإرسال حتى وقع هذا التصريح .
قوله : ولعل الله أن يصلح به ) كذا استعمل " لعل " استعمال عسى لاشتراكهما في الرجاء ، والأشهر في خبر " لعل " بغير " أن " كقوله تعالى لعل الله يحدث .
قوله : بين فئتين من المسلمين ) زاد عبد الله بن محمد في روايته " عظيمتين " وكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة وفي رواية علي بن زيد كلاهما عن الحسن عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وأخرج من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن كالأول لكنه قال : وإني لأرجو أن يصلح الله به " وجزم في حديث جابر ولفظه عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي " قال للحسن : nindex.php?page=hadith&LINKID=848115إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من المسلمين " قال البزار : روي هذا الحديث عن أبي بكرة وعن جابر ، وحديث أبي بكرة أشهر وأحسن إسنادا ، وحديث جابر غريب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : اختلف على الحسن فقيل عنه عن أم سلمة ، وقيل عن ابن عيينة عن أيوب عن الحسن ، وكل منهما وهم . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند وعوف الأعرابي عن الحسن مرسلا .
وفي هذه القصة من الفوائد علم من أعلام النبوة ، ومنقبة nindex.php?page=showalam&ids=35للحسن بن علي فإنه ترك الملك لا لقلة ولا لذلة ولا لعلة بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين ، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة . وفيها رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون عليا ومن معه ومعاوية ومن معه بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين ، ومن ثم كان سفيان [ ص: 72 ] بن عيينة يقول عقب هذا الحديث : قوله " من المسلمين " يعجبنا جدا أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه عن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور عنه . وفيه فضيلة الإصلاح بين الناس ولا سيما في حقن دماء المسلمين ، ودلالة على رأفة معاوية بالرعية ، وشفقته على المسلمين ، وقوة نظره في تدبير الملك ، ونظره في العواقب . وفيه ولاية المفضول الخلافة مع وجود الأفضل لأن الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة nindex.php?page=showalam&ids=15973وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=85وسعيد بن زيد في الحياة وهما بدريان قاله ابن التين . وفيه جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحا للمسلمين والنزول عن الوظائف الدينية والدنيوية بالمال ، وجواز أخذ المال على ذلك وإعطائه بعد استيفاء شرائطه بأن يكون المنزول له أولى من النازل وأن يكون المبذول من مال الباذل . فإن كان في ولاية عامة وكان المبذول من بيت المال اشترط أن تكون المصلحة في ذلك عامة ، أشار إلى ذلك ابن بطال قال : يشترط أن يكون لكل من الباذل والمبذول له سبب في الولاية يستند إليه ، وعقد من الأمور يعول عليه . وفيه أن السيادة لا تختص بالأفضل بل هو الرئيس على القوم والجمع سادة ، وهو مشتق من السؤدد وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس أي الأشخاص الكثيرة وقال المهلب الحديث دال على أن السيادة إنما يستحقها من ينتفع به الناس ، لكونه علق السيادة بالإصلاح . وفيه إطلاق الابن على ابن البنت ، وقد انعقد الإجماع على أن امرأة الجد والد الأم محرمة على ابن بنته ، وأن امرأة ابن البنت محرمة على جده ، وإن اختلفوا في التوارث . واستدل به على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية وعلي وإن كان علي أحق بالخلافة وأقرب إلى الحق ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ومحمد بن مسلمة وسائر من اعتزل تلك الحروب .
وذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي لامتثال قوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية ففيها الأمر بقتال الفئة الباغية ، وقد ثبت أن من قاتل عليا كانوا بغاة ، وهؤلاء مع هذا التصويب متفقون على أنه لا يذم واحد من هؤلاء بل يقولون اجتهدوا فأخطأوا ، وذهب طائفة قليلة من أهل السنة - وهو قول كثير من المعتزلة - إلى أن كلا من الطائفتين مصيب ، وطائفة إلى أن المصيب طائفة لا بعينها .