قوله ( باب لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور ) بضم أوله وفتح ثالثه على البناء للمجهول بغين معجمة ثم موحدة ثم مهملة ، قال ابن التين : غبطه بالفتح يغبطه بالكسر غبطا وغبطة بالسكون ، والغبطة تمني مثل حال المغبوط مع بقاء حاله .
قوله : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل ) هو ابن أويس .
قوله ( عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ) وافق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا شعيب بن أبي حمزة عنه كما سيأتي بعد بابين في أثناء حديث .
[ ص: 81 ] قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=848118حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه أي كنت ميتا . قال ابن بطال : تغبط أهل القبور وتمني الموت عند ظهور الفتن إنما هو خوف ذهاب الدين بغلبة الباطل وأهله وظهور المعاصي والمنكر انتهى . وليس هذا عاما في حق كل أحد وإنما هو خاص بأهل الخير ، وأما غيرهم فقد يكون لما يقع لأحدهم من المصيبة في نفسه أو أهله أو دنياه وإن لم يكن في ذلك شيء يتعلق بدينه ، ويؤيده ما أخرجه في رواية أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=848962لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول : يا ليتني مكان صاحب هذا القبر ، وليس به الدين إلا البلاء . وذكر الرجل فيه للغالب وإلا فالمرأة يتصور فيها ذلك ، والسبب في ذلك ما ذكر في رواية أبي حازم أنه " يقع البلاء والشدة حتى يكون الموت الذي هو أعظم المصائب أهون على المرء فيتمنى أهون المصيبتين في اعتقاده " وبهذا جزم القرطبي ، وذكره عياض احتمالا ، وأغرب بعض شراح " المصابيح " فقال : المراد بالدين هنا العبادة ، والمعنى أنه يتمرغ على القبر ويتمنى الموت في حالة ليس المتمرغ فيها من عادته وإنما الحامل عليه البلاء ، وتعقبه الطيبي بأن حمل الدين على حقيقته أولى ، أي ليس التمني والتمرغ لأمر أصابه من جهة الدين بل من جهة الدنيا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ظن بعضهم أن هذا الحديث معارض للنهي عن تمني الموت ، وليس كذلك ، وإنما في هذا أن هذا القدر سيكون لشدة تنزل بالناس من فساد الحال في الدين أو ضعفه أو خوف ذهابه لا لضرر ينزل في الجسم ، كذا قال ، وكأنه يريد أن النهي عن تمني الموت هو حيث يتعلق بضرر الجسم ، وأما إذا كان لضرر يتعلق بالدين فلا . وقد ذكره عياض احتمالا أيضا وقال غيره : ليس بين هذا الخبر وحديث النهي عن تمني الموت معارضة ، لأن النهي صريح وهذا إنما فيه إخبار عن شدة ستحصل ينشأ عنها هذا التمني ، وليس فيه تعرض لحكمه ، وإنما سيق للإخبار عما سيقع . قلت : ويمكن أخذ الحكم من الإشارة في قوله " وليس به الدين إنما هو البلاء " فإنه سيق مساق الذم والإنكار ، وفيه إيماء إلى أنه لو فعل ذلك بسبب الدين لكان محمودا ، ويؤيده ثبوت تمني الموت عند فساد أمر الدين عن جماعة من السلف .
قال النووي لا كراهة في ذلك بل فعله خلائق من السلف منهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وعيسى الغفاري nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز وغيرهم . ثم قال القرطبي : كأن في الحديث إشارة إلى أن الفتن والمشقة البالغة ستقع حتى يخف أمر الدين ويقل الاعتناء بأمره ولا يبقى لأحد اعتناء إلا بأمر دنياه ومعاشه نفسه وما يتعلق به ، ومن ثم عظم قدر العبادة أيام الفتنة كما أخرج مسلم من حديث معقل بن يسار رفعه " nindex.php?page=hadith&LINKID=848004العبادة في الهرج كهجرة إلي " ويؤخذ من قوله " حتى يمر الرجل بقبر الرجل " أن التمني المذكور إنما يحصل عند رؤية القبر ، وليس ذلك مرادا بل فيه إشارة إلى قوة هذا التمني لأن الذي يتمنى الموت بسبب الشدة التي تحصل عنده قد يذهب ذلك التمني أو يخف عند مشاهدة القبر والمقبور فيتذكر هول المقام فيضعف تمنيه ، فإذا تمادى على ذلك دل على تأكد أمر تلك الشدة عنده حيث لم يصرفه ما شاهده من وحشة القبر وتذكر ما فيه من الأهوال عن استمراره على تمني الموت .