[ ص: 85 ] قوله : باب خروج النار ) أي من أرض الحجاز ، ذكر فيه ثلاثة أحاديث :
الأول : قوله : وقال أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ) وتقدم في أواخر " باب الهجرة " في قصة إسلام nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام موصولا من طريق حميد عن أنس ولفظه " nindex.php?page=hadith&LINKID=848134وأما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب " ووصله في أحاديث الأنبياء من وجه آخر عن حميد بلفظ " نار تحشر الناس " والمراد بالأشراط العلامات التي يعقبها قيام الساعة ، وتقدم في " باب الحشر " من كتاب الرقاق صفة حشر النار لهم .
الحديث الثاني . قوله : عن الزهري قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ) في رواية أبي نعيم في المستخرج " عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب " .
قوله : حتى تخرج نار من أرض الحجاز ) قال القرطبي في " التذكرة " : قد خرجت نار بالحجاز بالمدينة ، وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت ، وظهرت النار بقريظة بطرف الحرة ترى في صورة البلد العظيم عليها سور محيط عليه شراريف وأبراج ومآذن ، وترى رجالا يقودونها ، لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته ، ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وأزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور بين يديه وينتهي إلى محط الركب العراقي ، واجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم ، فانتهت النار إلى قرب المدينة ، ومع ذلك فكان يأتي المدينة نسيم بارد ، وشوهد لهذه النار غليان كغليان البحر ، وقال لي بعض أصحابنا : رأيتها صاعدة في الهواء من نحو خمسة أيام ، وسمعت أنها رئيت من مكة ومن جبال بصرى . وقال النووي : تواتر العلم بخروج هذه النار عند جميع أهل الشام . وقال أبو شامة في " ذيل الروضتين " : وردت في أوائل شعبان سنة أربع وخمسين كتب من المدينة الشريفة فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين ، فذكر هذا الحديث ، قال : فأخبرني بعض من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب ، فمن الكتب . فذكر نحو ما تقدم ، ومن ذلك أن في بعض الكتب : ظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة في شرقي المدينة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد . وفي كتاب آخر : انبجست الأرض من الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد المدينة وهي برأي العين من المدينة ، وسال منها واد يكون مقداره أربع فراسخ وعرضه أربع أميال يجري على وجه الأرض ويخرج منه مهاد وجبال صغار . وفي كتاب آخر : ظهر ضوؤها إلى أن رأوها من مكة ، قال ولا أقدر أصف عظمها ، ولها دوي . قال أبو شامة : ونظم الناس في هذا أشعارا ، ودام أمرها أشهرا ، ثم خمدت . والذي ظهر لي أن النار المذكورة في حديث الباب هي التي ظهرت بنواحي المدينة كما فهمه القرطبي وغيره ، وأما النار التي تحشر الناس فنار أخرى . وقد وقع في بعض بلاد الحجاز في الجاهلية نحو هذه النار التي ظهرت بنواحي المدينة في زمن خالد بن سنان العبسي ، فقام في أمرها حتى أخمدها ومات بعد ذلك في قصة له ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة معمر بن المثنى في " كتاب الجماجم " وأوردها nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في " المستدرك " من طريق يعلى بن مهدي عن أبي عوانة عن أبي يونس عن عكرمة عن ابن عباس : أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه إني أطفئ عنكم نار الحدثان فذكر القصة وفيها فانطلق وهي تخرج من شق جبل من حرة [ ص: 86 ] يقال لها حرة أشجع فذكر القصة في دخوله الشق والنار كأنها جبل سقر " فضربها بعصاه حتى أدخلها وخرج " وقد أوردت لهذه القصة طرفا من ترجمته في كتابي في الصحابة .
قوله ( تضيء أعناق الإبل ببصرى ) قال ابن التين : يعني من آخرها يبلغ ضوؤها إلى الإبل التي تكون ببصرى وهي من أرض الشام " وأضاء يجيء لازما ومتعديا ، يقال أضاءت النار وأضاءت النار غيرها " وبصرى بضم الموحدة وسكون المهملة مقصور بلد بالشام وهي حوران . وقال أبو البقاء : أعناق بالنصب على أن تضيء متعد والفاعل النار أي تجعل على أعناق الإبل ضوءا ، قال : ولو روى بالرفع لكان متجها أي تضيء أعناق الإبل به كما جاء في حديث آخر " أضاءت له قصور الشام " وقد وردت في هذا الحديث زيادة من وجه آخر أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في الكامل من طريق عمر بن سعيد التنوخي عن ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=11949أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يرفعه : nindex.php?page=hadith&LINKID=848135لا تقوم الساعة حتى يسيل واد من أودية الحجاز بالنار تضيء له أعناق الإبل ببصرى " وعمر ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات ولينه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وهذا ينطبق على النار المذكورة التي ظهرت في المائة السابعة . وأخرج أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في آخر حديث حذيفة بن أسيد الذي مضى التنبيه عليه " وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=848136لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من رومان أو ركوبة تضيء منها أعناق الإبل ببصرى " . قلت : وركوبة ثنية صعبة المرتقى في طريق المدينة إلى الشام مر بها النبي في غزوة تبوك ذكره البكري ، ورومان لم يذكره البكري ولعل المراد رومة البئر المعروفة بالمدينة ، فجمع في هذا الحديث بين النارين وأن إحداهما تقع قبل قيام الساعة مع جملة الأمور التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم ; والأخرى هي التي يعقبها قيام الساعة بغير تخلل شيء آخر ، وتقدم الثانية على الأولى في الذكر لا يضر والله أعلم .