[ ص: 133 ] قوله : باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها ) ذكر فيه حديث عبد الرحمن بن سمرة " لا تسأل الإمارة " ثم قال بعده " باب من سأل الإمارة وكل إليها " وذكر الحديث المذكور ، وقد تقدم الكلام على سنده في " كتاب كفارة الأيمان " وعلى قوله وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر وأما قوله " لا تسأل الإمارة " فهو الذي في أكثر طرق الحديث ، ووقع في رواية يونس بن عبيد عن الحسن لفظ " لا يتمنين " بصيغة النهي عن التمني مؤكدا بالنون الثقيلة ، والنهي عن التمني أبلغ من النهي عن الطلب .
قوله : عن مسألة ) أي سؤال .
قوله ( وكلت إليها ) بضم الواو وكسر الكاف مخففا ومشددا وسكون اللام ، ومعنى المخفف أي صرف إليها ومن وكل إلى نفسه هلك ، ومنه في الدعاء " ولا تكلني إلى نفسي " ووكل أمره إلى فلان صرفه إليه ; ووكله بالتشديد استحفظه ، ومعنى الحديث أن من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه ، ويستفاد منه أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه فيدخل في الإمارة القضاء والحسبة ونحو ذلك وأن من حرص على ذلك لا يعان ، ويعارضه في الظاهر ما أخرجه أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ، ومن غلب جوره عدله فله النار والجمع بينهما أنه لا يلزم من كونه لا يعان بسبب طلبه أن لا يحصل منه العدل إذا ولي " أو يحمل الطلب هنا على القصد وهناك على التولية " وقد تقدم من حديث أبي موسى إنا لا نولي من حرص ولذلك عبر في مقابله بالإعانة ، فإن من لم يكن له من الله عون على عمله لا يكون فيه كفاية لذلك العمل فلا ينبغي أن يجاب سؤاله ، ومن المعلوم أن كل ولاية لا تخلو من المشقة ، فمن لم يكن له من الله إعانة تورط فيما دخل فيه وخسر دنياه وعقباه ، فمن كان ذا عقل لم يتعرض للطلب أصلا ، بل إذا كان كافيا وأعطيها من غير مسألة فقد وعده الصادق بالإعانة ، ولا يخفى ما في ذلك من الفضل . قال المهلب : جاء تفسير الإعانة عليها في حديث بلال بن مرداس عن nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة عن أنس رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=848311من طلب القضاء واستعان عليه بالشفعاء وكل إلى نفسه ، ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده أخرجه ابن المنذر . قلت : وكذا أخرجه الترمذي من طريق أبي عوانة عن عبد الأعلى الثعلبي ، وأخرجه هو وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طريق أبي عوانة ومن طريق إسرائيل عن عبد الأعلى فأسقط nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة من السند ، قال الترمذي : ورواية أبي عوانة أصح ، وقال في رواية أبي عوانة حديث حسن غريب ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من طريق إسرائيل وصححه ، وتعقب بأن ابن معين لين nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة وضعف عبد الأعلى ، وكذا قال الجمهور في عبد الأعلى : ليس بقوي . قال المهلب : وفي معنى الإكراه عليه أن يدعى إليه فلا يرى نفسه أهلا لذلك هيبة له وخوفا من الوقوع في المحذور فإنه يعان عليه إذا دخل فيه ، ويسدد ; والأصل فيه أن من تواضع لله رفعه الله ، وقال ابن التين : هو محمول على الغالب ، وإلا فقد قال يوسف اجعلني على خزائن الأرض وقال سليمان وهب لي ملكا قال : ويحتمل أن يكون في غير الأنبياء