قوله : إن الصبر عند أول صدمة ) في رواية الكشميهني هنا : nindex.php?page=hadith&LINKID=848326إن الصبر عند الصدمة الأولى وقد تقدم شرحه مستوفى في " باب زيارة القبور " من " كتاب الجنائز " وأن المرأة لم تسم ، وأن المقبور كان ولدها ولم يسم أيضا ، وأن الذي ذكر لها أن الذي خاطبها هو النبي صلى الله عليه وسلم هو nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن العباس . ووقع هنا أن أنس بن مالك قال لامرأة من أهله : هل تعرفين فلانة ، يعني صاحبة هذه القصة ، ولم أعرف اسم المرأة التي من أهل أنس أيضا ، وقولها : إليك عني " أي كف نفسك ودعني ، ، وقولها " فإنك خلو " بكسر المعجمة وسكون اللام أي خال من همي قال المهلب : لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم بواب راتب ، يعني فلا يرد ما تقدم في المناقب من حديث أبي موسى أنه كان بوابا للنبي صلى الله عليه وسلم لما جلس على القف ، قال : فالجمع بينهما أنه إذا لم يكن في شغل من أهله ولا انفراد لشيء من أمره أنه كان يرفع حجابه بينه وبين الناس ويبرز لطالب الحاجة إليه . وقال الطبري : دل حديث عمر حين استأذن له الأسود - يعني في قصة حلفه صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل على نسائه شهرا كما تقدم في النكاح - أنه صلى الله عليه وسلم كان في وقت خلوته بنفسه يتخذ بوابا ، ولولا ذلك لاستأذن عمر لنفسه ولم يحتج إلى قوله : يا رباح استأذن لي " . قلت : ويحتمل أن يكون سبب استئذان عمر أنه خشي أن يكون وجد عليه بسبب ابنته فأراد أن يختبر ذلك باستئذانه عليه ، فلما أذن له اطمأن وتبسط في القول كما تقدم بيانه
. وقال الكرماني ملخصا لما تقدم : معنى قوله " لم يجد عليه بوابا " أنه لم يكن له بواب راتب ، أو في حجرته التي كانت مسكنا له ، أو لم يكن البواب بتعيينه بل باشرا ذلك بأنفسهما ، يعني أبا موسى ورباحا . قلت : الأول كاف ، وفي الثاني نظر لأنه إذا انتفى في الحجرة مع كونها مظنة الخلوة فانتفاؤه في غيرها أولى ، وإن أراد إثبات البواب في الحجرة دون غيرها كان بخلاف حديث الباب ، فإن المرأة إنما جاءت إليه وهو في منزل سكنه فلم تجد عليه بوابا ، وفي الثالث أيضا نظر لأنه على تقدير أنهما فعلا ذلك من قبل أنفسهما بغير أمره لكن تقريره لهما على ذلك يفيد مشروعيته ، فيمكن أن يؤخذ منه الجواز مطلقا ، ويمكن أن يقيد بالحاجة وهو الأولى وقد اختلف في مشروعية الحجاب للحكام فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماعة : ينبغي للحاكم أن لا يتخذ حاجبا ، وذهب آخرون إلى جوازه ، وحمل الأول على زمن سكون الناس واجتماعهم على الخير وطواعيتهم للحاكم ، وقال آخرون : بل يستحب ذلك حينئذ [ ص: 143 ] ليرتب الخصوم ويمنع المستطيل ويدفع الشرير ، ونقل ابن التين عن الداودي قال : الذي أحدثه بعض القضاة من شدة الحجاب وإدخال بطائق الخصوم لم يكن من فعل السلف انتهى . فأما اتخاذ الحاجب فقد ثبت في قصة عمر في منازعة العباس وعلي أنه كان له حاجب يقال له يرفا ومضى ذلك في فرض الخمس واضحا . ومنهم من قيد جوازه بغير وقت جلوسه للناس لفصل الأحكام . ومنهم من عمم الجواز كما مضى . وأما البطائق فقال ابن التين : إن كان مراده البطائق التي فيها الإخبار بما جرى فصحيح ، يعني أنه حادث قال : وأما البطائق التي تكتب للسبق ليبدأ بالنظر في خصومة من سبق فهو من العدل في الحكم . وقال غيره : وظيفة البواب أو الحاجب أن يطالع الحاكم بحال من حضر ولا سيما من الأعيان " لاحتمال أن يجيء مخاصما والحاكم يظن أنه جاء زائرا فيعطيه حقه من الإكرام الذي لا يجوز لمن يجيء مخاصما " وإيصال الخبر للحاكم بذلك إما بالمشافهة وإما بالمكاتبة ويكره دوام الاحتجاب وقد يحرم فقد أخرج أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي بسند جيد عن أبي مريم الأسدي أنه قال لمعاوية " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=848327من ولاه الله من أمر الناس شيئا فاحتجب عن حاجتهم احتجب الله عن حاجته يوم القيامة " وفي هذا الحديث وعيد شديد لمن كان حاكما بين الناس فاحتجب عنهم لغير عذر ، لما في ذلك من تأخير إيصال الحقوق أو تضييعها . واتفق العلماء على أنه يستحب تقديم الأسبق فالأسبق والمسافر على المقيم ولا سيما إن خشي فوات الرفقة ، وأن من اتخذ بوابا أو حاجبا أن يتخذه ثقة عفيفا أمينا عارفا حسن الأخلاق عارفا بمقادير الناس .