قوله ( القضاء على الغائب ) أي في حقوق الآدميين دون حقوق الله بالاتفاق ، حتى لو قامت البينة على غائب بسرقة مثلا ، حكم بالمال دون القطع ، قال ابن بطال : أجاز مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأبو عبيد وجماعة الحكم على الغائب ، واستثنى ابن القاسم عن مالك ما يكون للغائب فيه حجج كالأرض والعقار إلا إن طالت غيبته أو انقطع خبره ، وأنكر ابن الماجشون صحة ذلك عن مالك وقال : " العمل بالمدينة على الحكم على الغائب مطلقا حتى لو غاب بعد أن توجه عليه الحكم قضي عليه " وقال nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : " لا يقضى على الغائب مطلقا . وأما من هرب أو استتر بعد إقامة البينة فينادي القاضي عليه ثلاثا فإن جاء وإلا أنفذ الحكم عليه " وقال ابن قدامة : أجازه أيضا ابن شبرمة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي وإسحاق وهو أحد الروايتين عن أحمد ، ومنعه أيضا الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وهي الرواية الأخرى عن أحمد قال : " واستثنى أبو حنيفة من له وكيل مثلا ، فيجوز الحكم عليه بعد الدعوى على وكيله " واحتج من منع بحديث علي رفعه " nindex.php?page=hadith&LINKID=848369لا تقضي لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر . وهو حديث حسن ، أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما ، وبحديث " الأمر بالمساواة بين الخصمين ، وبأنه لو حضر لم تسمع بينة المدعي حتى يسأل المدعى عليه فإذا غاب فلا تسمع ، وبأنه لو جاز الحكم مع غيبته لم يكن الحضور واجبا عليه " وأجاب من أجاز : بأن ذلك كله لا يمنع الحكم على الغائب لأن حجته إذا حضر قائمة فتسمع ويعمل بمقتضاها ولو أدى إلى نقض الحكم السابق ، وحديث علي محمول على الحاضرين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : حديث علي ، إنما هو مع إمكان السماع فأما مع تعذره بمغيب فلا يمنع الحكم ، كما لو تعذر بإغماء أو جنون أو حجر أو صغر ، وقد عمل الحنفية بذلك في الشفعة والحكم على من عنده للغائب مال أن [ ص: 184 ] يدفع منه " نفقة زوج الغائب " . ثم ذكر المصنف حديث عائشة في قصة هند ، وقد احتج بها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجماعة لجواز القضاء على الغائب ، وتعقب بأن أبا سفيان كان حاضرا في البلد ، وتقدم بيان ذلك مستوفى في " كتاب النفقات " مع شرح الحديث المذكور ولله الحمد . وذكر ابن التين فيه من الفوائد غير ما تقدم : خروج المرأة في حوائجها ، وأن صوتها ليس بعورة " . قلت : وفي كل منهما نظر ، وأما الأول فلأنه جاء أن هندا كانت جاءت للبيعة فوقع ذكر النفقة تبعا . وأما الثاني فحال الضرورة مستثنى وإنما النزاع حيث لا ضرورة .