قوله ( باب من لم يكترث بطعن من لا يعلم في الأمراء حديثا ) أي " لم يلتفت " وزنه ومعناه وهو افتعال من " الكرث " بفتح أوله وسكون ثانيه وآخره مثلثة ، وهو " المشقة " ويستعمل نفيه في موضع عدم المبالاة . قال المهلب : معنى هذه الترجمة ، أن الطاعن إذا لم يعلم حال المطعون عليه فرماه بما ليس فيه : لا يعبأ بذلك الطعن ولا يعمل به " وقيده في الترجمة " بمن لا يعلم " إشارة إلى أن " من طعن بعلم أنه يعمل به فلو طعن بأمر محتمل كان ذلك راجعا إلى رأي الإمام . وعلى هذا يتنزل فعل عمر مع سعد حتى عزله مع براءته مما [ ص: 192 ] رماه به أهل الكوفة ، وأجاب المهلب " بأن عمر لم يعلم من مغيب سعد ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم من زيد وأسامة " يعني فكان سبب عزله قيام الاحتمال ، وقال غيره : كان رأي عمر احتمال أخف المفسدتين " فرأى أن عزل سعد أسهل من فتنة يثيرها من قام عليه من أهل تلك البلد ، وقد قال عمر : في وصيته : لم أعزله لضعف ولا لخيانة " وقال ابن المنير " قطع النبي صلى الله عليه وسلم بسلامة العاقبة في إمرة أسامة ، فلم يلتفت لطعن من طعن ، وأما عمر فسلك سبيل الاحتياط لعدم قطعه بمثل ذلك ، وذكر حديث ابن عمر " في بعث أسامة " وقد تقدم شرحه مستوفى في أواخر الوفاة النبوية من " كتاب المغازي " .
قوله : فطعن في إمارته ) بضم الطاء على البناء للمجهول ، وقوله : إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه " أي إن طعنتم فيه فأخبركم بأنكم طعنتم من قبل في أبيه ، والتقدير " إن تطعنوا في إمارته فقد أثمتم بذلك " لأن طعنكم بذلك ليس حقا كما كنتم تطعنون في إمارة أبيه وظهرت كفايته وصلاحيته للإمارة ، وأنه كان مستحقا لها فلم يكن لطعنكم مستند ، فلذلك لا اعتبار بطعنكم في إمارة ولده ، ولا التفات إليه وقد قيل : إنما طعنوا فيه لكونه مولى " وقيل " إنما كان الطاعن فيه من ينسب إلى النفاق " وفيه نظر ، لأن من جملة من سمي ممن طعن فيه عياش بتحتانية وشين معجمة ابن أبي ربيعة المخزومي ، وكان من مسلمة الفتح لكنه كان من فضلاء الصحابة ، فعلى هذا فالخطاب بقوله " إن تطعنوا لعموم الطاعنين " سواء اتحد الطاعن فيهما أم اختلف ، وقوله " إن كان لخليقا " أي مستحقا وقوله " للإمرة " بكسر الهمزة ، وفي رواية الكشميهني " للإمارة " وهما بمعنى .