الحديث الثالث : قوله ( عن الأعمش حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11870مسلم ) هو ابن صبيح بمهملة وموحدة مصغرا وآخره مهملة ، وهو أبو الضحى مشهور بكنيته أكثر من اسمه ، وقد وقع عند مسلم مصرحا به في رواية جرير عن الأعمش فقال عن أبي الضحى به وهذا يغني عن قول الكرماني يحتمل أن يكون ابن صبيح ، ويحتمل أن يكون ابن أبي عمران البطين ، فإنهما يرويان عن مسروق ويروي عنهما الأعمش ، والسند المذكور إلى مسروق كلهم كوفيون .
قوله : قال قالت عائشة ) في رواية مسلم من عدة طرق عن الأعمش بسنده عن عائشة .
[ ص: 293 ] قوله ( ترخص فيه وتنزه عنه قوم ) قد تقدم في باب من لم يواجه الناس من " كتاب الأدب " هذا الحديث بسنده ومتنه ، وشرحته هناك ، والمراد منه هنا أن الخير في الاتباع سواء كان ذلك في العزيمة أو الرخصة ، وأن استعمال الرخصة بقصد الاتباع في المحل الذي وردت أولى من استعمال العزيمة بل ربما كان استعمال العزيمة حينئذ مرجوحا كما في إتمام الصلاة في السفر ; وربما كان مذموما إذا كان رغبة عن السنة كترك المسح على الخفين ، وأومأ ابن بطال إلى أن الذي تنزهوا عنه القبلة للصائم . وقال غيره لعله الفطر في السفر ، ونقل ابن التين عن الداودي أن التنزه عما ترخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب ، لأنه يرى نفسه أتقى لله من رسوله وهذا إلحاد . قلت : لا شك في إلحاد من اعتقد ذلك ، ولكن الذي اعتل به من أشير إليهم في الحديث أنه غفر له ما تقدم وما تأخر ، أي فإذا ترخص في شيء لم يكن مثل غيره ممن لم يغفر له ذلك فيحتاج الذي لم يغفر له إلى الأخذ بالعزيمة والشدة لينجو ، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه وإن كان غفر الله له لكنه مع ذلك أخشى الناس لله وأتقاهم ، فمهما فعله صلى الله عليه وسلم من عزيمة ورخصة فهو فيه في غاية التقوى والخشية ، لم يحمله التفضل بالمغفرة على ترك الجد في العمل قياما بالشكر ومهما ترخص فيه فإنما هو للإعانة على العزيمة ليعملها بنشاط ، وأشار بقوله " أعلمهم " إلى القوة العلمية ، وبقوله " أشدهم له خشية " إلى القوة العملية أي أنا أعلمهم بالفضل وأولاهم بالعمل به .