قوله : ( باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها ليس في حديثي الباب دلالة على تقييد التسوية بما ذكر ، لكن أشار بذلك إلى ما في بعض الطرق كعادته ، ففي حديث النعمان عند مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك عندما كاد أن يكبر ، وفي حديث أنس في الباب الذي بعد هذا " nindex.php?page=hadith&LINKID=843961أقيمت الصلاة فأقبل علينا فقال " .
قوله : ( لتسون ) بضم التاء المثناة وفتح السين وضم الواو المشددة وتشديد النون ، وللمستملي " لتسوون " بواوين . قال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : هذه اللام هي التي يتلقى بها القسم ، والقسم هنا مقدر ولهذا أكده بالنون المشددة . انتهى . وسيأتي من رواية أبي داود قريبا إبراز القسم في هذا الحديث .
قوله : ( أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) أي : إن لم تسووا ، والمراد بتسوية الصفوف اعتدال القائمين بها على سمت واحد ، أو يراد بها سد الخلل الذي في الصف كما سيأتي . واختلف في الوعيد المذكور فقيل : هو على حقيقته والمراد تسوية الوجه بتحويل خلقه عن وضعه بجعله موضع القفا أو نحو ذلك ، فهو نظير ما تقدم من الوعيد فيمن رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار ، وفيه من اللطائف وقوع الوعيد من جنس الجناية وهي المخالفة ، وعلى هذا فهو واجب ، والتفريط فيه حرام ، وسيأتي البحث في [ ص: 243 ] ذلك في " باب إثم من لم يتم الصفوف " قريبا ، ويؤيد حمله على ظاهره حديث أبي أمامة nindex.php?page=hadith&LINKID=843962لتسون الصفوف أو لتطمسن الوجوه أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف ، ولهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : الظاهر أنه مثل الوعيد المذكور في قوله تعالى : من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها وحديث أبي أمامة أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف ، ومنهم من حمله على المجاز ، قال النووي : معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب ، كما تقول : تغير وجه فلان علي ، أي : ظهر لي من وجهه كراهية ؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم ، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن . ويؤيده رواية أبي داود وغيره بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=843963أو ليخالفن الله بين قلوبكم كما سيأتي قريبا . وقال القرطبي : معناه تفترقون فيأخذ كل واحد وجها غير الذي أخذ صاحبه ؛ لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة . والحاصل أن المراد بالوجه إن حمل على العضو المخصوص فالمخالفة إما بحسب الصورة الإنسانية أو الصفة أو جعل القدام وراء ، وإن حمل على ذات الشخص فالمخالفة بحسب المقاصد . أشار إلى ذلك الكرماني . ويحتمل أن يراد بالمخالفة في الجزاء فيجازي المسوي بخير ومن لا يسوي بشر .