باب قول الله تعالى وهو العزيز الحكيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون ولله العزة ولرسوله ومن حلف بعزة الله وصفاته وقال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم تقول جهنم قط قط وعزتك وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يبقى رجل بين الجنة والنار آخر أهل النار دخولا الجنة فيقول يا رب اصرف وجهي عن النار لا وعزتك لا أسألك غيرها قال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل لك ذلك وعشرة أمثاله وقال أيوب وعزتك لا غنى بي عن بركتك
[ ص: 381 ] قوله ( باب قول الله تعالى وهو العزيز الحكيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون ولله العزة ولرسوله ) أما الآية الأولى فوقعت في عدة سور وتكررت في بعضها ، وأول موضع وقع فيه وهو العزيز الحكيم ) في سورة إبراهيم ، وأما مطلق العزيز الحكيم فأول ما وقع في البقرة في دعاء إبراهيم عليه السلام لأهل مكة ربنا وابعث فيهم رسولا منهم الآية ، وآخرها إنك أنت العزيز الحكيم وتكرر العزيز الحكيم و عزيز حكيم بغير لام فيهما في عدة من السور ، وأما الآية الثانية ففي إضافة العزة إلى الربوبية إشارة إلى أن المراد بها هنا القهر والغلبة ، ويحتمل أن تكون الإضافة للاختصاص كأنه قيل ذو العزة وأنها من صفات الذات ، ويحتمل أن يكون المراد بالعزة هنا العزة الكائنة بين الخلق وهي مخلوقة فيكون من صفات الفعل ، فالرب على هذا بمعنى الخالق والتعريف في العزة للجنس فإذا كانت العزة كلها لله فلا يصح أن يكون أحد معتزا إلا به ولا عزة لأحد إلا وهو مالكها ، وأما الآية الثالثة فيعرف حكمها من الثانية ، وهي بمعنى الغلبة ؛ لأنها جاءت جوابا لمن ادعى أنه الأعز وأن ضده الأذل فيرد عليه بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، فهو كقوله كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز .
قوله : ومن حلف بعزة الله وصفاته ) كذا للأكثر ، وفي رواية المستملي " وسلطانه " بدل " وصفاته والأول أولى ، وقد تقدم في الأيمان والنذور باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه ، وتقدم توجيهه هناك ، قال ابن بطال : العزيز يتضمن العزة والعزة يحتمل أن تكون صفة ذات بمعنى القدرة والعظمة ، وأن تكون صفة فعل بمعنى القهر لمخلوقاته والغلبة لهم ولذلك صحت إضافة اسمه إليها ، قال : ويظهر الفرق بين الحالف بعزة الله التي هي صفة ذاته والحالف بعزة الله التي صفة فعله ، بأنه يحنث في الأولى دون الثانية ، بل هو منهي عن الحلف بها كما نهي عن الحلف بحق السماء وحق زيد . قلت : وإذا أطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقدت اليمين إلا إن قصد خلاف ذلك بدليل أحاديث الباب : وقال الراغب : العزيز الذي يقهر ولا يقهر ، فإن العزة التي لله هي الدائمة الباقية وهي العزة الحقيقية الممدوحة وقد تستعار العزة للحمية والأنفة فيوصف بها الكافر والفاسق وهي صفة مذمومة ، ومنه قوله تعالى أخذته العزة بالإثم وأما قوله تعالى من كان يريد العزة فلله العزة جميعا فمعناه من كان يريد أن يعز فليكتسب العزة من الله فإنها له ولا تنال إلا بطاعته ومن ثم أثبتها لرسوله وللمؤمنين فقال : في الآية الأخرى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، وقد ترد العزة بمعنى الصعوبة كقوله تعالى عزيز عليه ما عنتم وبمعنى الغلبة ، ومنه وعزني في الخطاب ، وبمعنى القلة : كقولهم شاة عزوز إذا قل لبنها ، وبمعنى الامتناع ، ومنه قولهم أرض عزاز بفتح أوله مخففا - أي صلبة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : العزة تكون بمعنى القوة فترجع إلى معنى القدرة ، [ ص: 382 ] ثم ذكر نحوا مما ذكره ابن بطال ، والذي يظهر أن مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بالترجمة إثبات العزة لله ردا على من قال إنه العزيز بلا عزة ، كما قالوا : العليم بلا علم ، ثم ذكر في الباب خمسة أحاديث .
الحديث الأول : قوله : وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم تقول جهنم قط قط وعزتك ) هذا طرف من حديث تقدم موصولا في تفسير سورة " ق مع شرحه ، ويأتي مزيد كلام فيه في باب قوله إن رحمة الله قريب من المحسنين وقد ذكره موصولا هنا في آخر الباب ، والمراد منه أن النبي صلى الله عليه وسلم نقل عن جهنم أنها تحلف بعزة الله وأقرها على ذلك ، فيحصل المراد سواء كانت هي الناطقة حقيقة أم الناطق غيرها كالموكلين بها .
الحديث الثاني : قوله : وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة إلخ ) هو طرف من حديث طويل تقدم مع شرحه في آخر " كتاب الرقاق " والمراد منه قوله " لا وعزتك " وتوجيهه كما في الذي قبله .
الحديث الثالث : قوله ( قال أبو سعيد إلخ ) هو طرف من حديث مذكور في آخر حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي قبله ، ويستفاد منه أن أبا سعيد وافق nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة على رواية الحديث المذكور إلا ما ذكره من الزيادة في قوله " عشرة أمثاله " .
الحديث الرابع : قوله : وقال أيوب عليه السلام وعزتك لا غنى بي عن بركتك ) كذا في رواية الأكثر وللمستملي " لا غناء " وهو بفتح الغين المعجمة ممدودا ، وكذا لأبي ذر عن السرخسي ، وتقدم بيانه في " كتاب الأيمان والنذور " وهو طرف من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة وقد تقدم موصولا في " كتاب الطهارة " وأوله " بينا أيوب يغتسل " وتقدم أيضا في أحاديث الأنبياء مع شرحه ، وتقدم توجيه الدلالة منه في الأيمان والنذور ، ووقع في رواية الحاكم لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب الحديث .
الحديث الخامس : حديث ابن عباس قوله : nindex.php?page=showalam&ids=15304أبو معمر ) هو عبد الله بن عمرو المنقري بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف ، و " nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث " هو ابن سعيد ، و " nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم " هو ابن ذكوان و " nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر " بفتح أوله والميم وسكون المهملة بينهما ويجوز ضم ميمه .
قوله : كان يقول أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت ) قال الكرماني العائد للموصول محذوف ؛ لأن المخاطب نفس المرجوع إليه فيحصل الارتباط . ومثله : " أنا الذي سمتني أمي حيدره " ؛ لأن نسق الكلام سمته أمه .
قوله : الذي لا يموت ) بلفظ الغائب للأكثر وفي بعضها بلفظ الخطاب .
قوله ( والجن والإنس يموتون ) استدل به على أن الملائكة لا تموت ولا حجة فيه ؛ لأنه مفهوم لقب ولا اعتبار له ، وعلى تقديره فيعارضه ما هو أقوى منه ، وهو عموم قوله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه مع أنه لا مانع من دخولهم في مسمى الجن لجامع ما بينهم من الاستتار عن عيون الإنس ، وقد تقدمت بقية الكلام عليه في الدعوات وفي الأيمان والنذور في الباب المشار إليه منه ، ثم ذكر حديث أنس من ثلاثة أوجه عن قتادة ، وقد تقدم لفظ شعبة في تفسير " ق ، وساقه هنا على لفظ " خليفة " وهو ابن خياط البصري ، ولقبه شباب بفتح المعجمة وتخفيف الموحدة وآخره موحدة ، ووقع في رواية شعبة عنه : لا يزال يلقى في النار ، وفي رواية " سعيد " وهو ابن أبي عروبة ، و " سليمان " هو التيمي والد معتمر كلاهما عن قتادة " لا يزال يلقى فيها " والضمير في هذه الرواية لغير مذكور قبله ، وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق العباس بن الوليد عن nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، ومن طريق [ ص: 383 ] أبي الأشعث عن المعتمر بهذين السندين ، وفي أوله لا تزال جهنم يلقى فيها .