[ ص: 389 ] قوله : باب مقلب القلوب وقول الله تعالى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ) قال الراغب : تقليب الشيء تغييره من حال إلى حال والتقليب التصرف وتقليب الله القلوب والبصائر صرفها من رأي إلى رأي ، وقال الكرماني ما معناه : كان يحتمل أن يكون المعنى بقوله " مقلب " أنه يجعل القلب قلبا لكن مظان استعماله تنشأ عنه ويستفاد منه أن إعراض القلب كالإرادة وغيرها بخلق الله تعالى وهي من الصفات الفعلية ومرجعها إلى القدرة .
قوله : حدثنا سعيد بن سليمان ) هو الواسطي نزيل بغداد يكنى أبا عثمان ، ويلقب سعدويه وكان أحد الحفاظ " nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك " هو عبد الله الإمام المشهور وقد تقدم شرح حديث ابن عمر المذكور في هذا الباب في " كتاب الأيمان والنذور ، وكذا الآية ويستفاد منهما أن أعراض القلوب من إرادة وغيرها تقع بخلق الله تعالى ، وفيه حجة لمن أجاز تسمية الله تعالى بما ثبت في الخبر ، ولو لم يتواتر ، وجواز اشتقاق الاسم له تعالى من الفعل الثابت ، وقد تقدم البحث في ذلك عند ذكر الأسماء الحسنى من " كتاب الدعوات " ومعنى قوله ونقلب أفئدتهم نصرفها بما شئنا كما تقدم تقريره ، وقال المعتزلي معناه نطبع عليها فلا يؤمنون والطبع عندهم الترك ، فالمعنى على هذا " نتركهم وما اختاروا لأنفسهم " وليس هذا معنى التقليب في لغة العرب ؛ ولأن الله تمدح بالانفراد بذلك ، ولا مشاركة له فيه ، فلا يصح تفسير الطبع بالترك فالطبع عند أهل السنة خلق الكفر في قلب الكافر واستمراره عليه إلى أن يموت فمعنى الحديث : أن الله يتصرف في قلوب عباده بما شاء لا يمتنع عليه شيء منها ولا تفوته إرادة وقال nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي : في نسبة تقلب القلوب إلى الله إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه ، وفي دعائه صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=848702يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ورفع توهم من يتوهم أنهم يستثنون من ذلك ، وخص نفسه بالذكر إعلاما بأن نفسه الزكية إذا كانت مفتقرة إلى أن تلجأ إلى الله سبحانه فافتقار غيرها ممن هو دونه أحق بذلك .