[ ص: 396 ] قوله : باب قول الله تعالى ويحذركم الله نفسه ، وقول الله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) قال الراغب : نفسه ذاته ، وهذا وإن كان يقتضي المغايرة من حيث إنه مضاف ومضاف إليه فلا شيء من حيث المعنى سوى واحد سبحانه وتعالى عن الاثنينية من كل وجه ، وقيل : إن إضافة النفس هنا إضافة ملك ، والمراد بالنفس نفوس عباده انتهى . ملخصا ، ولا يخفى بعد الأخير وتكلفه . وترجم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الأسماء والصفات النفس وذكر هاتين الآيتين ، وقوله تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة وقوله تعالى واصطنعتك لنفسي ومن الأحاديث الحديث الذي فيه أنت كما أثنيت على نفسك والحديث الذي فيه nindex.php?page=hadith&LINKID=848710إني حرمت الظلم على نفسي وهما في صحيح مسلم . قلت : وفيه أيضا الحديث الذي فيه nindex.php?page=hadith&LINKID=848711سبحان الله رضا نفسه ثم قال : والنفس في كلام العرب على أوجه منها الحقيقة كما يقولون في نفس الأمر وليس للأمر نفس منفوسة ، ومنها الذات قال وقد قيل في قوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إن معناه تعلم ما أكنه وما أسره ولا أعلم ما تسره عني ، وقيل ذكر النفس هنا للمقابلة والمشاكلة وتعقب بالآية التي في أول الباب فليس فيها مقابلة ، وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله تعالى ويحذركم الله نفسه أي إياه وحكى صاحب المطالع في قوله تعالى ولا أعلم ما في نفسك ثلاثة أقوال .
أحدها : لا أعلم ذاتك .
ثانيها : لا أعلم ما في غيبك .
ثالثها : لا أعلم ما عندك ، وهو بمعنى قول غيره لا أعلم معلومك أو إرادتك أو سرك أو ما يكون منك ، ثم ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الباب ثلاثة أحاديث .
أحدها حديث " nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله " وهو ابن مسعود " nindex.php?page=hadith&LINKID=848712ما من أحد أغير من الله - وفيه - وما أحد أحب إليه المدح من الله " كذا وقع هنا مختصرا ، وتقدم في تفسير سورة الأنعام من طريق " nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل " وهو شقيق بن سلمة المذكور هنا أتم منه ، وهذا الحديث مداره في الصحيحين على أبي وائل ، وأخرجه مسلم في رواية عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن ابن مسعود نحوه ، وزاد فيه nindex.php?page=hadith&LINKID=848713ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك أنزل الكتب وأرسل الرسل وهذه الزيادة عند المصنف في حديث المغيرة الآتي في باب nindex.php?page=hadith&LINKID=848714لا شخص أغير من الله قال ابن بطال في هذه الآيات والأحاديث إثبات النفس لله ، وللنفس معان ، والمراد ينفس الله ذاته وليس بأمر مزيد عليه فوجب أن يكون هو ، وأما قوله " أغير من الله " فسبق الكلام عليه في " كتاب الكسوف " وقيل غيرة الله كراهة إتيان الفواحش ، أي عدم رضاه بها لا التقدير ، وقيل الغضب لازم الغيرة ولازم الغضب إرادة إيصال العقوبة وقال الكرماني : ليس في حديث ابن مسعود هذا ذكر النفس ، ولعله أقام استعمال أحد مقام " النفس لتلازمهما في صحة استعمال كل واحد منهما مقام الآخر ، ثم قال : والظاهر أن هذا الحديث كان قبل هذا الباب فنقله الناسخ إلى هذا الباب انتهى . وكل هذا غفلة عن مراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فإن ذكر النفس ثابت في هذا الحديث الذي أورده ، وإن كان لم يقع في هذه الطريق لكنه أشار إلى ذلك كعادته ، فقد أورده في تفسير سورة الأنعام بلفظ : لا شيء " وفي تفسير سورة الأعراف بلفظ " ولا أحد " ثم اتفقا على أحب إليه المدح من الله ولذلك مدح نفسه ، وهذا القدر هو المطابق للترجمة وقد كثر منه أن يترجم ببعض ما ورد في طرق الحديث الذي يورده ولو لم يكن ذلك القدر موجودا في تلك الترجمة . وقد سبق الكرماني إلى نحو ذلك ابن المنير فقال : ترجم على ذكر النفس في حق الباري وليس في الحديث الأول للنفس ذكر ، فوجه مطابقته أنه صدر الكلام بأحد ، وأحد الواقع في النفي عبارة عن النفس على وجه مخصوص بخلاف أحد الواقع في قوله تعالى قل هو الله أحد انتهى . وخفي عليه ما خفي على الكرماني مع أنه تفطن لمثل ذلك في بعض المواضع ، ثم قال ابن المنير : قول القائل ما في الدار أحد لا [ ص: 397 ] يفهم منه إلا نفي الأناسي ، ولهذا كان قولهم ما في الدار أحد إلا زيدا استثناء من الجنس ومقتضى الحديث إطلاقه على الله ؛ لأنه لولا صحة الإطلاق ما انتظم الكلام كما ينتظم " ما أحد أعلم من زيد " فإن زيدا من الأحدين بخلاف ما أحد أحسن من ثوبي فإنه ليس منتظما ؛ لأن الثوب ليس من الأحدين .