قوله : باب قول الله عز وجل : كل شيء هالك إلا وجهه ) ذكر فيه حديث جابر في نزول قوله تعالى قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا الآية ، وقد تقدم شرحه في تفسير سورة الأنعام ، وقوله في آخره " هذا أيسر " في رواية ابن السكن " هذه " ، وسقط لفظ الإشارة من رواية الأصيلي والمراد منه قوله فيه " أعوذ بوجهك ، قال ابن بطال : في هذه الآية والحديث دلالة على أن لله وجها وهو من صفة ذاته ، وليس بجارحة ولا كالوجوه التي نشاهدها من المخلوقين ، كما نقول إنه عالم ولا نقول إنه كالعلماء الذين نشاهدهم ، وقال غيره : دلت الآية على أن المراد بالترجمة الذات المقدسة ، ولو كانت صفة من صفات الفعل لشملها الهلاك كما شمل غيرها من الصفات وهو محال ، وقال الراغب : أصل الوجه الجارحة المعروفة ، ولما كان الوجه أول ما يستقبل وهو أشرف ما في ظاهر البدن ، استعمل في مستقبل كل شيء وفي مبدئه وفي إشراقه ، فقيل وجه النهار ، وقيل وجه كذا أي ظاهره ، وربما أطلق الوجه على الذات كقولهم كرم الله وجهه ، وكذا قوله تعالى ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وقوله كل شيء هالك إلا وجهه وقيل : إن لفظ الوجه صلة ، والمعنى كل شيء هالك إلا هو وكذا ويبقى وجه ربك وقيل المراد بالوجه القصد ، أي يبقى ما أريد به وجهه . قلت : وهذا الأخير نقل عن سفيان وغيره وقد تقدم ما ورد فيه في أول تفسير سورة القصص وقال الكرماني قيل المراد بالوجه في الآية والحديث الذات أو الوجود أو لفظه زائد ، أو الوجه الذي لا كالوجوه ، لاستحالة حمله على العضو المعروف ، فتعين التأويل أو التفويض ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : تكرر ذكر الوجه في القرآن والسنة الصحيحة ، وهو في بعضها صفة ذات كقوله : إلا رداء الكبرياء على وجهه وهو ما في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن أبي موسى ، وفي بعضها بمعنى من أجل كقوله إنما نطعمكم لوجه الله وفي بعضها بمعنى الرضا كقوله يريدون وجهه ، إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى [ ص: 401 ] وليس المراد الجارحة جزما والله أعلم .