قوله : باب قول الله تعالى هو الله الخالق البارئ المصور ) كذا للأكثر والتلاوة هو الله الخالق إلخ ، وثبت كذلك في بعض النسخ من رواية كريمة قال الطيبي : قيل إن الألفاظ الثلاثة مترادفة ، وهو وهم فإن " الخالق " من الخلق ، وأصله التقدير المستقيم ويطلق على الإبداع وهو إيجاد الشيء على غير مثال كقوله تعالى خلق السماوات والأرض ، وعلى التكوين كقوله تعالى خلق الإنسان من نطفة و " البارئ " من البرء ، وأصله خلوص الشيء عن غيره إما على سبيل التقصي منه ، وعليه قولهم برئ فلان من مرضه ، والمديون من دينه ، ومنه استبرأت الجارية ، وإما على سبيل الإنشاء ، ومنه برأ الله النسمة ، وقيل البارئ الخالق البرئ من التفاوت والتنافر المخلين بالنظام ، و " المصور " مبدع صور المخترعات ومرتبها بحسب مقتضى الحكمة ، فالله خالق كل شيء بمعنى أنه موجده من أصل ومن غير أصل ، وبارئه بحسب ما اقتضته الحكمة من غير تفاوت ولا اختلال ، ومصوره في صورة يترتب عليها خواصه ويتم بها كماله ، والثلاثة من صفات الفعل إلا إذا أريد بالخالق المقدر فيكون من صفات [ ص: 403 ] الذات ؛ لأن مرجع التقدير إلى الإرادة ، وعلى هذا فالتقدير يقع أولا ، ثم الإحداث على الوجه المقدر يقع ثانيا ، ثم التصوير بالتسوية يقع ثالثا انتهى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14164الحليمي : الخالق " معناه الذي جعل المبدعات أصنافا وجعل لكل صنف منها قدرا ، و " البارئ " معناه الموجد لما كان في معلومه ، وإليه الإشارة بقوله من قبل أن نبرأها قال ويحتمل أن المراد به قالب الأعيان ؛ لأنه أبدع الماء والتراب والنار والهواء لا من شيء ثم خلق منها الأجسام المختلفة ، و " المصور " معناه المهيئ للأشياء على ما أراده من تشابه وتخالف ، وقال الراغب : ليس الخلق بمعنى الإبداع إلا لله وإلى ذلك أشار بقوله تعالى أفمن يخلق كمن لا يخلق وأما الذي يوجد بالاستحالة فقد وقع لغيره بتقديره سبحانه وتعالى ، مثل قوله لعيسى وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني والخلق في حق غير الله يقع بمعنى التقدير وبمعنى الكذب ، و " البارئ " أخص بوصف الله تعالى والبرية الخلق ، قيل أصله الهمز فهو من برأ وقيل أصله البري من بريت العود ، وقيل البرية من البرى بالقصر وهو التراب فيحتمل أن يكون معناه موجد الخلق من البرى وهو التراب ، و " المصور " معناه المهيئ قال تعالى يصوركم في الأرحام كيف يشاء والصورة في الأصل ما يتميز به الشيء عن غيره ، ومنه محسوس كصورة الإنسان والفرس ، ومنه معقول كالذي اختص به الإنسان من العقل والرؤية وإلى كل منهما الإشارة بقوله تعالى خلقناكم ثم صورناكم وصوركم فأحسن صوركم هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء .
قوله : حدثنا إسحاق : قال " أبو علي الجياني " هو ابن منصور . قلت : ويؤيد ذلك وإن كان قد يظن أنه nindex.php?page=showalam&ids=12418ابن راهويه لكونه أيضا روى عن عفان ، أن nindex.php?page=showalam&ids=12418ابن راهويه لا يقول إلا أخبرنا " ، وهنا ثبت في النسخ " حدثنا فتأيد أنه ابن منصور ، وقد تقدم شرح حديث أبي سعيد المذكور هنا في العزل في ( كتاب النكاح ) مستوفى .
قوله : ( وقال مجاهد عن قزعة هو ابن يحيى وهو من رواية الأقران لأن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا وهو ابن جبر المفسر المشهور المكي في طبقة قزعة .
قوله : سألت أبا سعيد فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم ، كذا وقع هنا بحذف المسئول عنه ، ووقع لغير أبي ذر " سمعت " بدل " سألت " ، وقد وصله مسلم وأصحاب السنن الثلاثة من رواية سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ ( ذكر العزل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ولم يفعل ذلك أحدكم ؟ ولم يقل فلا يفعل ذلك ، ثم ذكر بقية الحديث وهو القدر المذكور منه هنا ، قال ابن بطال : الخالق في هذا الباب يراد به المبدع المنشئ لأعيان المخلوقين وهو معنى لا يشارك الله فيه أحد ، قال ولم يزل الله مسميا نفسه خالقا على معنى أنه سيخلق لاستحالة قدم الخلق ، وقال الكرماني معنى قوله في الحديث : إلا وهي مخلوقة أي مقدرة الخلق ، أو معلومة الخلق عند الله ، لا بد من إبرازها إلى الوجود ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .