قوله ( nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك ) هو ابن عمير " nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة " هو ابن شعبة كما تقدم التنبيه عليه في أواخر الحدود والمحاربين ، فإنه ساق من الحديث هناك بهذا السند إلى قوله " والله أغير مني " وتقدم شرح القول المذكور هناك ، وتقدم الكلام على غيرة الله في شرح حديث ابن مسعود ، وأن الكلام عليه تقدم في شرح حديث أسماء بنت أبي بكر في " كتاب الكسوف " قال ابن دقيق العيد : المنزهون لله إما ساكت عن التأويل وإما مؤول ، والثاني يقول المراد بالغيرة المنع من الشيء والحماية وهما من لوازم الغيرة فأطلقت على سبيل المجاز كالملازمة وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب .
قوله : ولا أحد أحب إليه ) يجوز في " أحب " الرفع والنصب كما تقدم في الحدود .
قوله ( المدحة من الله ) بكسر الميم مع هاء التأنيث وبفتحها مع حذف الهاء ، والمدح الثناء بذكر أوصاف الكمال والأفضال ، قاله القرطبي .
قوله : ومن أجل ذلك وعد الله الجنة ) كذا فيه بحذف أحد المفعولين للعلم به ، والمراد به من أطاعه وفي رواية مسلم " وعد الجنة " بإضمار الفاعل وهو الله ، قال ابن بطال : أراد به المدح من عباده بطاعته وتنزيهه عما لا يليق به والثناء عليه بنعمه ليجازيهم على ذلك ، وقال القرطبي : ذكر المدح مقرونا بالغيرة والعذر تنبيها لسعد على أن لا يعمل بمقتضى غيرته ، ولا يعجل بل يتأنى ويترفق ويتثبت ، حتى يحصل على وجه الصواب فينال كمال [ ص: 412 ] الثناء والمدح والثواب لإيثاره الحق وقمع نفسه وغلبتها عند هيجانها ، وهو نحو قوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=848741الشديد من يملك نفسه عند الغضب " وهو حديث صحيح متفق عليه ، وقال عياض : معنى قوله " وعد الجنة " أنه لما وعد بها ورغب فيها كثر السؤال له والطلب إليه والثناء عليه ، قال ولا يحتج بهذا على جواز استجلاب الإنسان الثناء على نفسه فإنه مذموم ومنهي عنه بخلاف حبه له في قلبه إذا لم يجد من ذلك بدا فإنه لا يذم بذلك ، فالله سبحانه وتعالى مستحق للمدح بكماله ؛ والنقص للعبد لازم ولو استحق المدح من جهة ما لكن المدح يفسد قلبه ويعظمه في نفسه حتى يحتقر غيره ، ولهذا جاء " nindex.php?page=hadith&LINKID=848742احثوا في وجوه المداحين التراب " وهو حديث صحيح أخرجه مسلم .
قوله : وقال nindex.php?page=showalam&ids=16525عبيد الله بن عمرو ) هو الرقي الأسدي ( عن nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك ) هو ابن عمير .
قوله ( ولا شخص أغير من الله ) يعني أن عبيد الله بن عمرو روى الحديث المذكور عن عبد الملك بالسند المذكور أولا فقال " لا شخص " بدل قوله لا أحد ، وقد وصله الدارمي عن زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو عن nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير عن وراد مولى المغيرة قال : " بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن سعد بن عبادة يقول " فذكره بطوله ، nindex.php?page=showalam&ids=12119وساقه أبو عوانة يعقوب الإسفراييني في صحيحه عن محمد بن عيسى العطار عن زكريا بتمامه وقال في المواضع الثلاثة لا شخص ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي بعد أن أخرجه من طريق عبيد الله بن عمر القواريري ، وأبي كامل فضيل بن حسين الجحدري ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، ثلاثتهم عن nindex.php?page=showalam&ids=12118أبي عوانة الوضاح البصري بالسند الذي أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، لكن قال في المواضع الثلاثة لا شخص بدل لا أحد ، ثم ساقه من طريق زائدة بن قدامة عن عبد الملك كذلك ، فكأن هذه اللفظة لم تقع في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في حديث أبي عوانة عن عبد الملك ، فلذلك علقها عن عبيد الله بن عمرو . قلت : وقد أخرجه مسلم عن القواريري nindex.php?page=showalam&ids=12547وأبي كامل كذلك ، ومن طريق زائدة أيضا قال ابن بطال : أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص ؛ لأن التوقيف لم يرد به ، وقد منعت منه المجسمة مع قولهم بأنه جسم لا كالأجسام كذا قال ، والمنقول عنهم خلاف ما قال ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي : ليس في قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=848714لا شخص أغير من الله إثبات أن الله شخص بل هو كما جاء nindex.php?page=hadith&LINKID=848743ما خلق الله أعظم من آية الكرسي فإنه ليس فيه إثبات أن آية الكرسي مخلوقة ، بل المراد أنها أعظم من المخلوقات ، وهو كما يقول من يصف امرأة كاملة الفضل حسنة الخلق ما في الناس رجل يشبهها ، يريد تفضيلها على الرجال لا أنها رجل . وقال ابن بطال : اختلفت ألفاظ هذا الحديث فلم يختلف في حديث ابن مسعود أنه بلفظ لا أحد ، فظهر أن لفظ شخص جاء موضع " أحد فكأنه من تصرف الراوي ، ثم قال على أنه من باب المستثنى من غير جنسه كقوله تعالى وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وليس الظن من نوع العلم . قلت : وهذا هو المعتمد وقد قرره nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك ومنه أخذه ابن بطال فقال بعدما تقدم من التمثيل بقوله إن يتبعون إلا الظن فالتقدير أن الأشخاص الموصوفة بالغيرة لا تبلغ غيرتها وإن تناهت غيرة الله تعالى ، وإن لم يكن شخصا بوجه ، وأما nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي فبنى على أن هذا التركيب يقتضي إثبات هذا الوصف لله تعالى فبالغ في الإنكار وتخطئة الراوي ، فقال : إطلاق الشخص في صفات الله تعالى غير جائز ؛ لأن الشخص لا يكون إلا جسما مؤلفا فخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة ، وأن تكون تصحيفا من الراوي ودليل ذلك أن أبا عوانة روى هذا الخبر عن عبد الملك فلم يذكرها ، ووقع في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=64وأسماء بنت أبي بكر بلفظ " شيء " والشيء والشخص في الوزن سواء ، فمن لم يمعن في الاستماع لم يأمن الوهم وليس كل من الرواة يراعي لفظ الحديث حتى لا يتعداه ، بل كثير منهم يحدث بالمعنى وليس كلهم فهما بل في كلام بعضهم جفاء وتعجرف ، فلعل لفظ شخص جرى على هذا السبيل إن لم يكن غلطا من قبيل التصحيف يعني السمعي قال ثم إن عبيد الله بن عمرو انفرد عن عبد الملك فلم [ ص: 413 ] يتابع عليه واعتوره الفساد من هذه الأوجه " وقد تلقى هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أبو بكر بن فورك فقال لفظ الشخص غير ثابت من طريق السند فإن صح فبيانه في الحديث الآخر ؛ وهو قوله " لا أحد " فاستعمل الراوي لفظ شخص موضع أحد " ثم ذكر نحو ما تقدم عن ابن بطال ومنه أخذ ابن بطال ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك وإنما منعنا من إطلاق لفظ الشخص أمور أحدها أن اللفظ لم يثبت من طريق السمع ، والثاني الإجماع على المنع منه ، والثالث أن معناه الجسم المؤلف المركب ، ثم قال : ومعنى الغيرة الزجر والتحريم ، فالمعنى أن سعدا الزجور عن المحارم وأنا أشد زجرا منه ، والله أزجر من الجميع انتهى . وطعن nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ومن تبعه في السند مبني على تفرد عبيد الله بن عمرو به وليس كذلك كما تقدم وكلامه ظاهر في أنه لم يراجع صحيح مسلم ولا غيره من الكتب التي وقع فيها هذا اللفظ من غير رواية عبيد الله بن عمرو ، ورد الروايات الصحيحة والطعن في أئمة الحديث الضابطين مع إمكان توجيه ما رووا من الأمور التي أقدم عليها كثير من غير أهل الحديث ، وهو يقتضي قصور فهم من فعل ذلك منهم ، ومن ثم قال الكرماني : لا حاجة لتخطئة الرواة الثقاة بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات ، إما التفويض وإما التأويل ، وقال عياض بعد أن ذكر معنى قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=848739لا أحد أحب إليه العذر من الله أنه قدم الإعذار والإنذار قبل أخذهم بالعقوبة ، وعلى هذا لا يكون في ذكر الشخص ما يشكل كذا قال ، ولم يتجه أخذ نفي الإشكال مما ذكر ، ثم قال : ويجوز أن يكون لفظ الشخص وقع تجوزا من شيء أو " أحد ، كما يجوز إطلاق الشخص على غير الله تعالى ، وقد يكون المراد بالشخص المرتفع ؛ لأن الشخص هو ما ظهر وشخص وارتفع ، فيكون المعنى لا مرتفع أرفع من الله ، كقوله لا متعالي أعلى من الله ، قال : ويحتمل أن يكون المعنى لا ينبغي لشخص أن يكون أغير من الله تعالى ، وهو مع ذلك لم يعجل ولا بادر بعقوبة عبده لارتكابه ما نهاه عنه ، بل حذره وأنذره وأعذر إليه وأمهله ، فينبغي أن يتأدب بأدبه ويقف عند أمره ونهيه ، وبهذا تظهر مناسبة تعقيبه بقوله " nindex.php?page=hadith&LINKID=848739ولا أحد أحب إليه العذر من الله " وقال القرطبي : أصل وضع الشخص يعني في اللغة لجرم الإنسان وجسمه ، يقال شخص فلان وجثمانه ، واستعمل في كل شيء ظاهر ، يقال شخص الشيء إذا ظهر ، وهذا المعنى محال على الله تعالى فوجب تأويله ، فقيل معناه لا مرتفع ، وقيل لا شيء ، وهو أشبه من الأول ، وأوضح منه لا موجود أو لا أحد وهو أحسنها ، وقد ثبت في الرواية الأخرى ؛ وكأن لفظ الشخص أطلق مبالغة في إثبات إيمان من يتعذر على فهمه موجود لا يشبه شيئا من الموجودات ، لئلا يفضي به ذلك إلى النفي والتعطيل ، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم للجارية nindex.php?page=hadith&LINKID=848744أين الله ؟ قالت في السماء فحكم بإيمانها مخافة أن تقع في التعطيل لقصور فهمها عما ينبغي له من تنزيهه مما يقتضي التشبيه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
( تنبيه )
لم يفصح المصنف بإطلاق الشخص على الله ، بل أورد ذلك على طريق الاحتمال ، وقد جزم في الذي بعده فتسميته شيئا لظهور ذلك فيما ذكره من الآيتين .