ما شئت كان وإن لم أشأ وما شئت إن لم تشأ لم يكن
الأبيات ، ثم ساق مما تكرر من ذكر المشيئة في الكتاب العزيز أكثر من أربعين موضعا منها - غير ما ذكر في الترجمة قوله تعالى في البقرة ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم وقوله يختص برحمته من يشاء وقوله ولو شاء الله لأعنتكم وقوله وعلمه مما يشاء وقوله في آل عمران قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وقوله يجتبي من رسله من يشاء وقوله في النساء إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وأما قوله في الأنعام سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا الآية فقد تمسك بها المعتزلة وقالوا : إن فيها ردا على أهل السنة ، والجواب أن أهل السنة تمسكوا بأصل قامت عليه البراهين وهو أن الله خالق كل مخلوق ويستحيل أن يخلق المخلوق شيئا ، والإرادة شرط في الخلق ويستحيل ثبوت المشروط بدون شرطه ، فلما عاند المشركون المعقول وكذبوا المنقول الذي جاءتهم به الرسل وألزموا الحجة بذلك تمسكوا بالمشيئة والقدر السابق ، وهي حجة مردودة ؛ لأن القدر لا تبطل به الشريعة وجريان الأحكام على العباد بأكسابهم فمن قدر عليه بالمعصية كان ذلك علامة على أنه قدر عليه العقاب إلا أن يشاء أن يغفر له من غير المشركين ، ومن قدر عليه بالطاعة كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالثواب ، وحرف المسألة أن المعتزلة قاسوا الخالق على المخلوق وهو باطل ؛ لأن المخلوق لو عاقب من يطيعه من أتباعه عد ظالما لكونه ليس مالكا له بالحقيقة ، والخالق لو عذب من يطيعه لم يعد ظالما ؛ لأن الجميع ملكه فله الأمر كله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل ، وقال الراغب : يدل على أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله ، وأن أفعال العباد متعلقة بها وموقوفة عليها ما اجتمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع الأفعال ، وأخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة الزهري من طريق ابن أخي الزهري عن عمه قال : كان يأمر برواية قصيدة عمر بن الخطاب لبيد التي يقول فيها : [ ص: 458 ]إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي وعجل
أحمد الله فلا ند له بيديه الخير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى ناعم البال ومن شاء أضل