باب قول الله تعالى قل فأتوا بالتوراة فاتلوها وقول النبي صلى الله عليه وسلم أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها وأعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به وأعطيتم القرآن فعملتم به وقال أبو رزين يتلونه حق تلاوته يتبعونه ويعملون به حق عمله يقال يتلى يقرأ حسن التلاوة حسن القراءة للقرآن لا يمسه لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ولا يحمله بحقه إلا الموقن لقوله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان والصلاة عملا قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال أخبرني بأرجى عمل عملته في الإسلام قال ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر إلا صليت وسئل أي العمل أفضل قال إيمان بالله ورسوله ثم الجهاد ثم حج مبرور
قوله : باب قول الله تعالى قل فأتوا بالتوراة فاتلوها ) مراده بهذه الترجمة أن يبين أن المراد بالتلاوة القراءة وقد فسرت التلاوة بالعمل والعمل من فعل العامل وقال في كتاب خلق أفعال العباد : ذكر صلى الله عليه وسلم أن بعضهم يزيد على بعض في القراءة وبعضهم ينقص فهم يتفاضلون في التلاوة بالكثرة والقلة وأما المتلو وهو القرآن فإنه ليس فيه زيادة ولا نقصان ، ويقال : فلان حسن القراءة ورديء القراءة ولا يقال حسن القرآن ولا رديء القرآن ، وإنما يسند إلى العباد القراءة لا القرآن ؛ لأن القرآن كلام الرب سبحانه وتعالى والقراءة فعل العبد ، ولا يخفى هذا إلا على من لم يوفق ثم قال تقول قرأت بقراءة عاصم وقراءتك على قراءة عاصم ، ولو أن عاصما حلف أن لا يقرأ اليوم ثم قرأت أنت على قراءته لم يحنث هو قال وقال أحمد لا تعجبني قراءة حمزة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ولا يقال لا يعجبني القرآن فظهر افتراقهما .
قوله ( وقول النبي صلى الله عليه وسلم أعطي أهل التوراة التوراة إلخ ) وصله في آخر هذا الباب بلفظ " أوتي " في الموضعين و " أوتيتم " وقد مضى في اللفظ المعلق أعطي وأعطيتم في باب المشيئة والإرادة في أول " كتاب التوحيد " .
قوله : وقال أبو رزين ) براء ثم زاي بوزن عظيم هو مسعود بن مالك الأسدي الكوفي من كبار التابعين .
قوله ( يتلونه حق تلاوته يعملون به حق عمله ) كذا لأبي ذر ولغيره يتلونه : يتبعونه ويعملون به حق عمله ، [ ص: 518 ] وهذا وصله nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري في تفسيره من رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر عن أبي رزين في قوله تعالى يتلونه حق تلاوته قال يتبعونه حق اتباعه ويعملون به حق عمله ، قال ابن التين وافق أبا رزين عكرمة واستشهد بقوله تعالى والقمر إذا تلاها أي تبعها ، وقال الشاعر
قد جعلت دلوي تستتليني
وقال قتادة هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا بكتاب الله وعملوا بما فيه .
قوله : حسن التلاوة : حسن القراءة للقرآن ) قال الراغب : التلاوة الاتباع وهي تقع بالجسم تارة وتارة بالاقتداء في الحكم وتارة بالقراءة وتدبر المعنى والتلاوة في عرف الشرع تختص باتباع كتب الله تعالى المنزلة تارة بالقراءة وتارة بامتثال ما فيه من أمر ونهي وهي أعم من القراءة فكل قراءة تلاوة من غير عكس .
قوله ( لا يمسه : لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ولا يحمله بحقه إلا الموقن ) وفي رواية المستملي " المؤمن " . ( لقوله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ) وحاصل هذا التفسير أن معنى لا يمس القرآن لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به وأيقن بأنه من عند الله فهو المطهر من الكفر ولا يحمله بحقه إلا المطهر من الجهل والشك لا الغافل عنه الذي لا يعمل فيكون كالحمار الذي يحمل ما لا يدريه .
قوله : وقال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال إلخ ) تقدم موصولا مشروحا في مناقب بلال من مناقب الصحابة رضي الله عنهم ، ودخوله فيه ظاهر من حيث إن الصلاة لا بد فيها من القراءة .
و " عبدان " شيخه هو عبد الله بن عثمان " وعبد الله " هو ابن المبارك و " nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس " هو ابن يزيد و " nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم " هو ابن عبد الله بن عمر ، وقوله فيه " حتى غربت الشمس " في رواية الكشميهني : حتى غروب الشمس ، وقوله " هل ظلمتكم من حقكم من شيء " في رواية الكشميهني " شيئا ، قال ابن بطال : معنى هذا الباب كالذي قبله أن كل ما ينشئه الإنسان مما يؤمر به من صلاة أو حج أو جهاد وسائر الشرائع عمل يجازى على فعله ويعاقب على تركه إن أنفذ الوعيد انتهى . وليس غرض nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هنا بيان ما يتعلق بالوعيد بل ما أشرت إليه قبل ، وتشاغل ابن التين ببعض ما يتعلق بلفظ حديث ابن عمر فنقل عن الداودي أنه أنكر قوله في الحديث أنهم أعطوا قيراطا وتمسك بما في حديث أبي موسى أنهم قالوا لا حاجة لنا في أجرك ، ثم قال : لعل هذا في طائفة أخرى وهم من آمن بنبيه قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الأخير هو المعتمد وقد أوضحته بشواهده في كتاب المواقيت وفي تشاغل من شرح هذا الكتاب بمثل هذا هنا إعراض عن مقصود المصنف هنا ، وحق الشارح بيان مقاصد المصنف تقريرا وإنكارا وبالله المستعان