قوله : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي عن سفيان " فيها " كذا في مسنده . وهكذا رواه يعقوب بن سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وكذا لابن أبي عمر عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي ، ولقتيبة nindex.php?page=showalam&ids=16544وعثمان بن أبي شيبة عند أبي نعيم في المستخرج ، وهذا يعين أن المراد القراءة في نفس الصلاة ، قال عياض : قيل يحمل على نفي الذات وصفاتها ، لكن الذات غير منتفية فيخص بدليل خارج ، ونوزع في تسليم عدم نفي الذات على الإطلاق ؛ لأنه إن ادعى أن المراد بالصلاة معناها اللغوي فغير مسلم ؛ لأن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه ؛ لأنه المحتاج إليه فيه لكونه بعث لبيان الشرعيات لا لبيان موضوعات اللغة ، وإذا كان المنفي الصلاة الشرعية استقام دعوى نفي الذات ، فعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار الإجزاء ولا الكمال ؛ لأنه يؤدي إلى الإجمال كما نقل عن القاضي أبي بكر وغيره حتى مال إلى التوقف ؛ لأن نفي الكمال يشعر بحصول الإجزاء فلو قدر الإجزاء منتفيا لأجل العموم قدر ثابتا لأجل إشعار نفي الكمال بثبوته فيتناقض ، ولا سبيل إلى إضمارهما معا ؛ لأن الإضمار إنما احتيج إليه للضرورة ، وهي مندفعة بإضمار فرد فلا حاجة إلى أكثر منه ، ودعوى إضمار أحدهما ليست بأولى من الآخر ، قاله ابن دقيق العيد .
وفي هذا الأخير نظر ؛ لأنا إن سلمنا تعذر الحمل على الحقيقة فالحمل على أقرب المجازين إلى الحقيقة أولى من الحمل على أبعدهما ، ونفي الإجزاء أقرب إلى نفي الحقيقة وهو السابق إلى الفهم ؛ ولأنه يستلزم نفي الكمال من غير عكس فيكون أولى ، ويؤيده رواية nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14747العباس بن الوليد النرسي أحد شيوخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن سفيان بهذا الإسناد بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=844038لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وتابعه على ذلك زياد بن أيوب أحد الأثبات أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، وله شاهد من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا بهذا اللفظ ، أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وغيرهما ، nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد من طريق عبد الله بن سوادة القشيري عن رجل عن أبيه مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=840016لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة عن محمد بن الوليد القرشي عن سفيان حديث الباب بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=840028لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فيمتنع أن يقال : إن قوله " لا صلاة " نفي بمعنى النهي أي : لا تصلوا إلا بقراءة [ ص: 283 ] فاتحة الكتاب ، ونظيره ما رواه مسلم من طريق القاسم عن عائشة مرفوعا nindex.php?page=hadith&LINKID=844039لا صلاة بحضرة الطعام فإنه في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=844040لا يصلي أحدكم بحضرة الطعام أخرجه مسلم من طريق حاتم بن إسماعيل وغيره عن يعقوب بن مجاهد عن القاسم ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من طريق حسين بن علي وغيره عن يعقوب به ، وأخرج له nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان أيضا شاهدا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بهذا اللفظ ، وقد قال بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة الحنفية لكن بنوا على قاعدتهم أنها مع الوجوب ليست شرطا في صحة الصلاة ؛ لأن وجوبها إنما ثبت بالسنة ، والذي لا تتم الصلاة إلا به فرض ، والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد على القرآن ، وقد قال تعالى فاقرءوا ما تيسر من القرآن فالفرض قراءة ما تيسر ، وتعيين الفاتحة إنما ثبت بالحديث فيكون واجبا يأثم من يتركه وتجزئ الصلاة بدونه ، وإذا تقرر ذلك لا ينقضي عجبي ممن يتعمد ترك قراءة الفاتحة منهم وترك الطمأنينة فيصلي صلاة يريد أن يتقرب بها إلى الله تعالى وهو يتعمد ارتكاب الإثم فيها مبالغة في تحقيق مخالفته لمذهب غيره .
واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة بناء على أن الركعة الواحدة تسمى صلاة لو تجردت ، وفيه نظر ؛ لأن قراءتها في ركعة واحدة من الرباعية مثلا يقتضي حصول اسم قراءتها في تلك الصلاة ، والأصل عدم وجوب الزيادة على المرة الواحدة ، والأصل أيضا عدم إطلاق الكل على البعض ؛ لأن الظهر مثلا كلها صلاة واحدة حقيقة كما صرح به في حديث الإسراء حيث سمى المكتوبات خمسا ، وكذا حديث عبادة " nindex.php?page=hadith&LINKID=840017خمس صلوات كتبهن الله على العباد " وغير ذلك ، فإطلاق الصلاة على ركعة منها يكون مجازا ، قال الشيخ تقي الدين : وغاية ما في هذا البحث أن يكون في الحديث دلالة مفهوم على صحة الصلاة بقراءة الفاتحة في كل ركعة واحدة منها ، فإن دل دليل خارج منطوق على وجوبها في كل ركعة كان مقدما . انتهى .
وقال بمقتضى هذا البحث nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رواه عنه ابن المنذر بإسناد صحيح ، ودليل الجمهور قوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=840018وافعل ذلك في صلاتك كلها بعد أن أمره بالقراءة ، وفي رواية لأحمد nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=hadith&LINKID=840019ثم افعل ذلك في كل ركعة ولعل هذا هو السر في إيراد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري له عقب حديث عبادة " واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم سواء أسر الإمام أم جهر ؛ لأن صلاته صلاة حقيقة فتنتفي عند انتفاء القراءة إلا إن جاء دليل يقتضي تخصيص صلاة المأموم من هذا العموم فيقدم ، قاله الشيخ تقي الدين ، واستدل من أسقطها عن المأموم مطلقا كالحنفية بحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=844041من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة لكنه حديث ضعيف عند الحفاظ ، وقد استوعب طرقه وعلله nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وغيره ، واستدل من أسقطها عنه في الجهرية كالمالكية بحديث nindex.php?page=hadith&LINKID=840161وإذا قرأ فأنصتوا وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ، ولا دلالة فيه لإمكان الجمع بين الأمرين : فينصت فيما عدا الفاتحة ، أو ينصت إذا قرأ الإمام ويقرأ إذا سكت ، وعلى هذا فيتعين على الإمام السكوت في الجهرية ليقرأ المأموم لئلا يوقعه في ارتكاب النهي حيث لا ينصت إذا قرأ الإمام ، وقد ثبت الإذن بقراءة المأموم الفاتحة في الجهرية بغير قيد ، وذلك فيما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " جزء القراءة " nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان وغيرهما من رواية مكحول عن nindex.php?page=showalam&ids=7820محمود بن الربيع عن عبادة nindex.php?page=hadith&LINKID=844042أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثقلت عليه القراءة في الفجر ، فلما فرغ قال : لعلكم تقرءون خلف إمامكم ؟ قلنا : نعم . قال : فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها والظاهر أن حديث الباب مختصر من هذا وكان هذا سببه والله أعلم . وله شاهد من حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ومن حديث أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، وروى عبد الرزاق [ ص: 284 ] عن سعيد بن جبير قال : لا بد من أم القرآن ، ولكن من مضى كان الإمام يسكت ساعة قدر ما يقرأ المأموم بأم القرآن .
( فائدة ) : زاد معمر عن الزهري في آخر حديث الباب " فصاعدا " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره ، واستدل به على وجوب قدر زائد على الفاتحة . وتعقب بأنه ورد لدفع توهم قصر الحكم على الفاتحة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " جزء القراءة " : هو نظير قوله " تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا " وادعى nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان والقرطبي وغيرهما الإجماع على عدم وجوب قدر زائد عليها ، وفيه نظر لثبوته عن بعض الصحابة ومن بعدهم فيما رواهابن المنذر وغيره ، ولعلهم أرادوا أن الأمر استقر على ذلك ، وسيأتي بعد ثمانية أبواب حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت " nindex.php?page=showalam&ids=13114ولابن خزيمة من حديث ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=844043أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فصلى ركعتين لم يقرأ فيها إلا بفاتحة الكتاب .